شارك المقال
  • تم النسخ

بعد الصّدمة الأوروبية.. هل تفقد البوليساريو ورقة “تمثيل الصحراويين” دوليا؟

شدّدت الصيغة التي ناقش بها محامو الاتحاد الأوروبي في محكمة العدل بلوكسمبورغ، الخناق، على جبهة البوليساريو الانفصالية، بعدما أثاروا سؤال الشرعية والمشروعية، اللذان تبني عليهما جماعة الرابوني ادعاءاتها، حيث تقول بناء على الأول إنها تمثل سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتؤكد انطلاقاً من الثاني، على أنها تحظى باعتراف أمميّ وخطواتها لا تخالف القانون الدوليّ.

وشهدت الغرفة التاسعة لمحكمة العدل الأوروبية بلوكسمبورغ، جلسةً من أجل دراسة إمكانية طعن تقدمت به “البوليساريو”، ضد قرار مجلس الاتحاد الأوروبي، القاضي بتعديل الاتفاقية الفلاحية مع المغرب، لتشمل المنتجات القادمة من جنوب المملكة أيضا، وهو ما اعتبرته جبهة البوليساريو خرقاً للقانون الدولي، وقررت بناء على ذلك، التقدم بطعن ضده.

واعتبر محامو الاتحاد الأوروبي، ومحامي الحكومة الفرنسية، والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، بناء على الاجتهاد القضائي للمحكمة الأوروبية، أن الأحكام السابقة حسمت المسألة موضوع التنازع، بتوضيحها أن جبهة البوليساريو، ليست مؤهلة، بموجب القانونين الأوروبي والدولي، للاعتراض أمام القضاء على المعاهدات المبرمة من قبل التكتل مع مختلف شركائه.

ونبه المحامون إلى أن جبهة البوليساريو، ليست ممثلا للسكان الصحراء كما تدعي، كما أن مشاركتها في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، في إطار العملية السياسية الهادفة لحل النزاع، لا تمنحها أي صفة أو شخصية قانونية دولية، إلى جانب أنها غير معنية “لا من قريب ولا من بعيد”، بالاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه.

وفي هذا السياق، كتب الفاضل ابريكة، الناشط الحقوقي الصحراوي، إن قيادة جبهة البوليساريو، “تسير بخطى ثابتة للمجهول، طبقا للمنعطف الحالي والمرحلة التي تمر بها هذه الحركة”، مضيفاً أن جلسات المحكمة الأوروبية الأخيرة، شكلت مناسبة “أثار فيها الأوربيون منهجية جديدة أثرت بشكل مباشر على مجريات الأحداث التي ألف كلّ المتتبعين”.

وأوضح ابريكة بأن جميع أنصار البوليساريو، خاصة الهولندي إبير كالان، تفاجأوا بـ”المنطق القانوني الجديد الذي رافع به لفيف المحامين الأوروبيين والمغاربة، والذي تمحور حول التساؤلات التالية: بأي صفة استطاعت البوليساريو تقديم شكاية من الأوروبيين؟ من خول لها تمثيل سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب؟”.

وتابع الشخص نفسه في إيراد الأسئلة التي طرحا المحامون: “حركة لا تعترف بها الهيئة المشتكى بها ولا الأمم المتحدة هل يمكنها القفز على إرادة كل الصحراويين؟”، مسترسلاً: “قيادة البوليساريو قانونياً بين المغاربة والجزائريين والموريتانيين، إذاً بأي صفة يشكون من أوروبا؟”، حسب ما جاء في تدوينة ابريكة.

وأردف الفاضل: “ممثل البوليساريو الذي يقود الحملات في أوروبا؛ هو موريتاني من مواليد مدينة ازويرات لم تطأ قدماه الساقية الحمراء ووادي الذهب؟ بأي صفة قانونية يقحم نفسه في هذا الملف؟”، مواصلاً: “أوروبا اليوم مدعوة إلى وضع النقاط على الأحرف لقيادة البوليساريو، ومساؤلتها عن سرقة إرادة سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب”.

واسترسل ابريكة في عرض الأسئلة التي طرحها المحامون: “هل سكان المخيمات جنوب الجزائر بنواحي تندوف، ينتمون للساقية الحمراء أم لا؟”، مضيفاً بأن على البرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية، أن يطرحوا عدداً من الأسئلة على قيادة جبهة البوليساريو، وهي وفق الناشط الحقوقي: “من أنتم؟ من تمثلون؟ هل تنتمون للساقية الحمراء ووادي الذهب الأرض المعنية بالقرارات الأممية؟”.

وزاد ابريكة في إيراد الأسئلة التي يرى بأن على أوروبا طرحها على البوليساريو: “هل تمثلون الجزائر لأن دولتكم بها؟ ماذا تقولون لحركة صحراويون من أجل السلام؟ كيف تزعمون تمثيل الصحراويين وأغلبيتهم تجنست بأوروبا وتعيش بها، ولم تعد معكم إلا على الواتساب؟”، وفق تدوينة المعتقل السياسي السابق في سجون جماعة الرابوني.

وأكد الشخص ذاته، أنه مما “لا شك فيه، أن المحكمة الأوروبية اليوم، وجهت ضربة موجهة لقيادة البوليساريو، بالطعن في شرعية تمثيلها للصحراويين من حيث أن هؤلاء أصبحوا مشتتين، وهنا لا أعني صحراويي الجنوب الجزائري ولا الشمال المورتاني والمالي، أعني سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب الأصليين”.

ونبه إلى أن أغلب الصحراويين القاطنين في الجنوب المغربي، لديهم منتخبون بـ”الهيئات التشريعية المغربية من مدن العيون والداخلة وبوجدور والسمارة، لا تسميات المدن على المخيمات بنواحي تندوف، بشكل وهمي، كما أن نسبة من السكان المعنية أصبحت تسير في ركب حركة صحراويون من أجل السلام، والأقلية ما زالت تسير مجبرة مع قيادة الجبهى لظروف فوق إرادتها”.

وبناء على ما سبق، يرى ابريكة، أن “المحكمة الأوروبية اكتشفت هذا الخلل القانوني وبدأ استغلاله وتوظيفه لسحق المسرحية الكبرى التي مضى عليها ما يقارب خمسين سنة وهي تراوح مكانها لم تستطع إقناع دولة وازنة واحدة بالأمم المتحدة ولا مجلس الأمن”، مشيراً إلى أن المحكمة الأوروبية لطمت إبراهيم غالي، قائد جبهة البوليساريو.

ويرى مراقبون أن هذا التوجه الجديد فتح الباب أمام إزالة لباس تمثيلية جبهة البوليساريو الانفصالية لسكان الصحراء، خصوصاً أنه يوازه ما يشبه حراكا فكريا في صفوف الصحراويين، بعدما ظهور المكون السياسي الجديد حركة صحراويون من أجل السلام، التي تعارض توجه جماعة الرابوني، وشدد على ضرورة إنهاء عقلية السبعينات وإيجاد حل سياسي واقعي.

ويعتبر متابعون أن الجبهة بدأت تستشعر قرب سقوط ورقة “التمثيلية” التي ترفعها منذ عقود، وهو ما دفعها إلى تحريك أتباعها لتهديد مجموعة من الوجوه البارزة المنتمية إلى حركة “صحراويون من أجل السلام”، بعدما بدأت الأخيرة تتوسع في صفوف الصحراويين، خاصة عقب طرح عدد من أتباعها، لعدة نقاشات قانونية وحقيقية، تجعل من جماعة الرابوني تنظيما إرهابياً.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي