خلّفت التصريحات الأخيرة، التي أدلى بها وزير الخارجية الجزائرية أحمد عطاف، خلال حلوله ضيفا على برنامج سيبث لاحقا على قناة “الجزيرة”، بخصوص ميل بلاده نحو إيجاد حل سريع مع المغرب، الكثير من التساؤلات، سيما في ظلّ تناقضها مع الواقع الذي يظهر تشبث “قصر المرادية”، بالعداء مع المملكة.
وقال عطاف، وفق التسريبات التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية: “إننا ندرك، مثل الدول الأخرى، أهمية بناء مغرب الأخوة (المغرب العربي)”، متابعاً: “الحلم لا يزال قائما ولا يمكن تدميره أبدا”، قبل أن يضيف: “إن الجزائر أكثر ميلا إلى البحث عن حل سريع مع المغرب”.
وأثار هذا “التغيّر” المفاجئ، في تصريحات مسؤولي الجارة الشرقية، الكثير من الشكوك، خصوصا أن آخر خرجة تحدث فيها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تضمنت أن علاقة بلاده مع المغرب، وصلت إلى نقطة “اللاعودة”، مستبعداً بشكل شبه قاطع، استئناف العلاقات بين البلدين.
وما زاد من الشكوك، هو أن تصريحات عطاف، تأتي بعد وقت قصير من الزيارة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأدنى، جوشوا هاريس، إلى الجزائر، والتي جاءت من أجل بحث إيجاد حل عاجل لنزاع الصحراء، “دون مزيد من التأخير”.
وفي تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الجزائري، ربط عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بين إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، وإيجاد حل لنزاع الصحراء، الذي تعتبر الجزائر، طرفا فيه، بل والمتسبب الرئيسي في تأخير طي صفحة الملف.
وقال بنلياس في تصريح لجريدة “بناصا”، إن تجاوز الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة في العلاقات بين البلدين، من خلال عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى الحالة الطبيعية، يأتي على رأس “الأولويات لتهيء الظروف المناسبة من أجل تحقيق نتائج إيجابية في الدفع بالمسلسل السياسي لحل نزاع الصحراء المغربية”.
وتابع أن تجاوز الأزمة، “سيؤشر على تخفيف التوتر بين الجارين الشقيقين، وقد يفتح المجال لمبادرات سياسية مشتركة تؤسّس لمرحلة جديدة من التنسيق والتعاون”، مردفاً أن أي شيء خارج هذا الإطار، سيجعل “التصريحات الإعلانية دون أي تأثير على مسار العلاقات التي تربط البلدين، ولا على ردم الهوة الواسعة التي تعمقت بين الجانبين، والتي تعتبر الجزائر مسؤولة عنها”.
واسترسل بنلياس: “التعبير على أنها مهتمة بإيجاد حل سريع، يتطلب أولا التفاعل الإيجابي مع قرارات مجلس الأمن، التي تدعو الدول الأطراف في النزاع، إلى المشاركة في الموائد المستديرة، لإيجاد حل سياسي لهذا النزاع، وفي مقدمة هذه الدول؛ الجزائر، التي ترفض لحد الساعة دعوة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للمشاركة فيها”.
ونبه بنلياس إلى أن “التعبير عن حسن النية في العلاقات الدولية، هو مقدمة للحوار والمفاوضات، وأن أي شيء غير هذا الأمر، لا يمكن أن يدخل إلا في باب الدعاية السياسية وتغليط الرأي العام”. ولكن مع ذلك، يقول الأستاذ نفسه: “يمكن أن نعتبر هذا التصريح، بمثابة اختبار لمصداقيتها في المساهمة في إيجاد حل لهذا النزاع”.
وأوضح بنلياس، أن هذا النزاع “يفوت على شعوب وبلدان شمال إفريقيا فرص التنمية وتوفير ظروف الاستقرار في عالم يعرف الاضطراب واللايقين بسبب الأزمات السياسية والنزاعات الدولية المتتالية”، مشيرا إلى أن “الجزائر عليها أن تعبر عن حسن النية بالأفعال وأن تنخرط وتدفع بالعملية السياسية وفق قرارات المجلس الأمن الدولي وأن تنضم إلى الدينامية الدولية التي تدعم سيادة المغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي كخيار وحيد لحل هذا النزاع”.
يشار إلى أن الجزائر، ومنذ إعلانها القطيعة الدبلوماسية مع المغرب في غشت 2021، رفضت مختلف الوساطات الراغبة في تقريب وجهات النظر بينها البلدين لتجاوز خلافاتهما، كما تغاضت عن جميع المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس في بعض خطاباته، من أجل طي صفحة الأزمة.
تعليقات الزوار ( 0 )