شارك المقال
  • تم النسخ

بعد استدعاء سفيره ببرلين.. المغرب يوجّه رسائل لدول أوروبا من بوابة ألمانيا

بعد شهرين على قطع علاقاتها مع السفارة الألمانية بالرباط، أعلنت وزارة الخارجية المغربية عن تصعيد جديد ضد ما أسمته بـ”العداء المستمر” من قبل برلين، حيث قررت استدعاء سفيرها لدى الأخيرة للتشاور، مع احتمال استمرار الأزمة وتطورها في الأسابيع المقبلة، سيما في ظل سياسة التغاضي التي تنهجها الدولة الأوروبية.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية المغربية، إن ألمانيا راكمت “المواقف العدائية التي تنتهك المصالح العليا للمملكة”، حيث “سجلت موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، إذ جاء هذا الموقف العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأمريكي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعتبر موقفاً خطيراً لم يتم تفسيره لحد الآن”.

وعن الموقف المغربي الجديد، قال محمد المرابطي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بفاس، في تصريح لجريدة “بناصا”، إنه “من خلال تتبع مسار الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وألمانيا، نلاحظ أن المملكة المغربية اعتمدت في البداية نهجا يتسم بالاعتدال والتدرج في احتجاجها على التصرفات والمواقف التي اتخذتها ألمانيا مؤخرا”.

وأضاف المرابطي أن الشاهد على ذلك، هو بلاغ وزارة الخارجية الغربية بداية مارس الماضي، والذي قطعت من خلاله علاقاتها مع السفارة الألمانية بالرباط، “حيث كان يطغى عليها التلميح أكثر من التصريح، والاكتفاء بإعطاء إشارات لمن يهمهم الأمر، أملا في مبادرة ألمانيا للتحرك في اتجاه إصلاح ما يمكن إصلاحه وتقديم توضيحات وتطمينات للمملكة حول القضايا الحيوية بالنسبة لها، التي يشوبها سوء فهم عميق بين البلدين التي تعرفها طبيعتها جيدا ألمانيا”.

وأوضح: “عموما يعتبر استدعاء السفراء للتشاور إجراء دبلوماسيا عاديا وروتينيا في الأعراف الدبلوماسية، تلجأ إليه الدول اعتراضا على تصرفات وسياسات تعتبرها غير مقبولة، وذلك إما لفترة وجيزة يتم خلالها احتواء الأمر بسرعة لترجع المياه إلى مجاريها، أو لأجل غير مسمى إيذانا باحتمال قطع العلاقات الدبلوماسية إذا كانت نقط الخلاف على درجة كبيرة من التعقيد”.

وتابع المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أنه “سبق للمغرب أن قام باستدعاء سفيره بالسعودية للتشاور في بداية سنة 2019 احتجاجا على ما بثته قناة إخبارية مقربة من الدوائر الرسمية السعودية حول قضية الصحراء، وكذا استدعاء سفير المملكة بالجزائر للتشاور سنة 2013، واستدعاء سفير المغرب بإسبانيا قبل ذلك، والأمثلة عديدة”.

واعتبر المرابطي، بأن بلاغ وزارة الخارجية المغربية الصادر يوم الخميس الماضي، تصعيدٌ “في الاحتجاج باعتماده الحديث بلغة مباشرة تكشف صراحة عن النقط الخلافية التي أغضبت المملكة والتي ألحقت أضرارا بليغة بالعلاقة بين البلدين، وذلك بعد شهرين من تجاهل الدولة الألمانية التفاعل مع الأستفسارات التي طرحها المغرب على سفير ألمانيا أثناء استدعائه بالرباط”.

ونبه المتحدث إلى أن “الأزمة الحالية هي عبارة عن تراكم لأزمات متتالية كان المغرب يتغاضى عن إثارتها علنيا ورسميا، وذلك، على الأقل، منذ استبعاده من المشاركة في مؤتمر برلين للمحادثات الليبية في يناير 2020، الذي شكل صدمة كبيرة للمغرب تعامل معها بحكمة حرصا منه على عدم تعريض العلاقات والتعاون الذي يجمع البلدين للاهتزاز”.

وتوقع المرابطي أن تشهد العلاقات المغربية الألمانية، بعد البلاغ الأخير لوزارة الخارجية، واستدعاء سفيرتها ببرلين للتشاور، وهو ما يعني تفاقم الأزمة، مزيداً من مظاهر التصعيد، في ظل “تظاهر ألمانيا بعدم الاهتمام بخصوص تقديم الأجوبة اللازمة لاستفهامات الرباط، والمبادرة إلى إعادة ترتيب الأوراق حفاظاً على علاقات التعاون والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين على عدة مستويات، أمنية وسياسية واقتصادية”.

خاصة، يتابع المرابطي، “إذا ما استحضرنا حجم المبادلات التجارية بينهما المسجلة في السنة الماضية، حيث بلغت صادرات ألمانيا نحو المغرب ما يقارب 2 مليار يورو، مقابل واردات ناهزت 1.3 مليار يورو”، معتبراً في السياق ذاته، بأن هذا التصعيد يتجاوز ألمانيا، إلى توجيه رسائل لباقي الدول الأوروبية.

وأردف: “أتصور أيضا أن هذا التصعيد وراءه دوافع أخرى تتجاوز العلاقة مع ألمانيا، وتمتد لتبعث برسائل غير مباشرة تحذيرية واستباقية لباقي بلدان أوروبا، خشية تأثير ألمانيا على السياسات الأوربية بشأن قضية الوحدة الترابية للمغرب، اعتبارا لما للدولة الألمانية من حضور وازن في توجيه هذه السياسات”، مختتماً: “التصعيد موجه لفرضية معاكسة مصالح المغرب في المستقبل أكثر ما هو احتجاج على ما حدث في الحاضر”.

يشار إلى أن المغرب كان قد قرر قطع علاقاته مع السفارة الألمانية في العاصمة الرباط، شهر مارس الماضي، بسبب ما أسماه وقتها بـ”سوء الفهم العميق” بين البلدين في مجموعة من “القضايا المصيرية”، غير أن برلين قللت من شأن الأمر، واعتبرت أن علاقاتها مع المملكة مميزة، دون أن تعطي إجابات مقنعة بخصوص الإشكاليات التي طرحتها الرباط عبر قنوات التواصل الدبلوماسية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي