Share
  • Link copied

بعد إدانتها من البرلمان الأوروبي.. الجزائر مصدومة من الخذلان الفرنسي والإيطالي

أرجعت مصادر مطلعة دوافع الغضب الجزائري من اللائحة الأوروبية إلى انخراط نواب فرنسيين في التصويت لصالح اللائحة، بمن فيهم نواب حزب النهضة الذي ينتمي إليه الرئيس إيمانويل ماكرون، مما أشعر الجزائر بالخذلان، خاصة وأن اللائحة تأتي قبل أسابيع قليلة من زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى باريس.

وذكرت المصادر أن التصويت كشف عن عدم تقدير للعلاقات الثنائية. ويستمر اللغط في الجزائر بسبب لائحة البرلمان الأوروبي التي انتقدت وضعية الإعلام الجزائري، وحضّت السلطات الجزائرية على إطلاق سراح صحافيين مسجونين ورفع القيود على حرية التعبير في البلاد، بعدما انضمت حركة مجتمع السلم الإخوانية بدعوتها السلطات الرسمية إلى مراجعة اتفاق الشراكة المبرم بين الطرفين العام 2005.

وكشف مصدر دبلوماسي لموقع “كل شيء عن الجزائر” المحجوب في الجزائر، عن انزعاج جزائري شديد من غياب أي دور لنواب الحزبين الحاكمين في فرنسا وإيطاليا، اللذين يعتبران شريكين رئيسيين لها في القارة الأوروبية، حيث ينتظر أن يزور تبون باريس منتصف الشهر المقبل، بينما أبرمت اتفاقيات مهمة مع إيطاليا في مجال الطاقة منذ عدة أشهر.

ويبدو أن السلطة الجزائرية كانت تراهن على دور داعم لها من طرف نواب حزب “النهضة” الفرنسي، ونواب حزب “أخوة إيطاليا” الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، قياسا بالعلاقات التي تربط الطرفين مع النظام الجزائري.

وشكل الإجماع الذي حظيت به اللائحة المذكورة، حيث صوت لصالحها 536 نائبا أوروبيا، ولم يعترض عليها إلا أربعة نواب فقط، بينما امتنع 18 نائبا عن التصويت، مصدر قلق حقيقي للسلطات الجزائرية التي تكون قد وقعت تحت صدمة الخذلان ممن كانت تعتبرهم شركاءها وحلفاءها داخل الاتحاد الأوروبي.

ولا يستبعد أن تلقي اللائحة التي تجندت لها مختلف القوى السياسية والنيابية والأهلية في الجزائر، من أجل الرد على ما وصفته بـ”التدخل في الشأن الداخلي للبلاد، والتحامل على الجزائر في إطار سياسة استعلائية تمتد جذورها إلى مرحلة استعمار الدول الضعيفة”، بظلالها على الزيارة المنتظرة للرئيس الجزائري إلى باريس منتصف شهر يونيو المقبل.

وأظهرت اللائحة إجماعا أوروبيا على الموقف المتصل بالحريات الإعلامية ووضع العمل الصحفي بالجزائر، الأمر الذي يشكل طعنة للسلطة الحاكمة في البلاد منذ بداية العام 2020، ويحرج موقفها أمام الرأي العام المحلي الذي تحاول إقناعه بتحقيقها لمكاسب سياسية ودبلوماسية واقتصادية واجتماعية تضاهي بها القوى الإقليمية، قبل أن تتفاجأ بخذلان نواب الحزبين الحاكمين في باريس وروما، والتي تربطها علاقات مميزة مع حكومتيهما.

وذكر المصدر للموقع الإخباري أن اللائحة سحبت في وقت سابق من طرف البرلمان الأوروبي، قبل أن تتم جدولتها مرة أخرى، وتضمينها خطابا ناقدا للسلطات الجزائرية بسبب القيود المفروضة على الحريات الإعلامية، واللجوء إلى توظيف القضاء وبعض التشريعات القانونية من أجل الحد من نشاط الصحافيين العاملين.

ولفت المتحدث إلى أن “الحزبين الحاكمين في فرنسا وإيطاليا لم يكونا في مستوى العلاقات التي تربط حكومتيهما مع الجزائر، وانخرطا بشكل واضح في تمرير اللائحة، وأن الجزائر لم تكن تنتظر تحقيقها للإجماع المذكور، كما أنها كانت تراهن على دور نواب الحزبين الحاكمين لتفريغها من محتواها وإعطائها تزكية نسبية”.

ودعت حركة مجتمع السلم الإخوانية السلطات الرسمية في البلاد إلى مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بدعوى عدم تكافؤ المصالح والمنافع بين الطرفين، حيث تكبدت الجزائر خسائر تقدر بـ30 مليار دولار بسبب التفكيك الجمركي.

واتخذت “حمس” الذريعة الاقتصادية في الاتفاق كمطية للتعبير عن موقفها الرافض لما أسمته بـ”سياسة الكيل بمكيالين المطبقة من طرف البرلمان الأوروبي في التعاطي مع مختلف القضايا والملفات، فيتجند في بعض ويغمض عينيه في البعض الآخر”.

ومنذ عودة الدفء إلى العلاقات الجزائرية – الفرنسية، ظهر أن السلطات الفرنسية تريد الإيحاء للجزائريين بأن باريس تقدس القيم الأوروبية في مجال الحريات والحقوق، حيث رفضت تسليم بعض المطلوبين للجزائر، ولم تلب طلبهم في ضمان عدم إزعاج الرئيس تبون خلال الزيارة التي كانت مبرمجة مطلع الشهر الجاري من طرف معارضين له في فرنسا، بدعوى حماية قيم الديمقراطية وحرية التعبير.

وفي المقابل لا زالت الجزائر تراهن على تنازلات مختلفة للشركاء الأوروبيين في المجال الاقتصادي والتجاري من أجل كسب صمت النخب الغربية عن النمط السياسي المنتهج في البلاد، لاسيما في ما يتعلق بمسألة الحقوق والحريات، غير أن الحاصل هو رسائل أوروبية للجزائر حول قيم التعددية واستقلالية المؤسسات وتوازن السلطات.

(العرب)

Share
  • Link copied
المقال التالي