شارك المقال
  • تم النسخ

بعد “أنوار” ألعاب باريس الأولمبية… فرنسا تستعد لاستئناف معركة تشكيل الحكومة الجديدة

مع انتهاء الألعاب الأولمبية بباريس، سيتعين على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استخلاص العبر من الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها بصورة مفاجئة في أواخر حزيران/يونيو ومطلع تموز/يوليو، والعمل على تحقيق أولوية مطلقة هي تعيين رئيس وزراء.

وبعد الهدنة السياسية التي فرضت نفسها وكان يتمناها ماكرون، إذ نظمت فرنسا الألعاب الأولمبية، فاستقبلت العالم وسط أجواء احتفالية وحصد رياضيوها مجموعة من الميداليات، يطفو من جديد إلى الواجهة الحديث عن ضرورة التعجيل بتشكيل حكومة طال انتظارها، إثر دورتي الانتخابات التشريعية المبكرة اللتين أجريتا في 30 يونيو و7 يوليو وأفرزت نتائجهما ثلاث كتل بدون غالبية، ما بين تحالف يساري تشكل بصورة مفاجئة تحت تسمية “الجبهة الوطنية الجديدة”، والكتلة الرئاسية المتحالفة مع اليمين الجمهوري، والتجمع الوطني اليميني المتطرف.

وإن كانت حكومة غابريال أتال استمرت بعد الانتخابات لتصريف الأعمال، فمن المتوقع أن تدعو الأوساط السياسية ماكرون إلى تنفيذ وعده بتكليف رئيس وزراء تشكيل حكومة جديدة بحلول منتصف غشت، قبل افتتاح دورة الألعاب البارالمبية في 28 منه.

في هذا السياق، يقول الخبير السياسي ستيفان روزيس “في بلد يشهد شرخا مثل فرنسا، الرياضة تقليد يسمح للأمة بأن تجد نفسها بدون وساطة سياسية” مضيفا “لكن سرعان ما سنصطدم بالواقع … المنبثق من الانتخابات”.

وعشية الألعاب الأولمبية، طرح اليسارإسم  لوسي كاستيه لتولي رئاسة الحكومة، لكن ماكرون اعتبر أن الجمعية الوطنية لن تتأخر في الإطاحة بحكومتها.

“فترة التفكير لا يمكن أن تستمر “

ويواصل الرئيس بالتالي مساعيه لتشكيل غالبية متينة حول الكتلة الوسطية محاولا ضم الاشتراكيين إليها، في حين يتهمه خصومه برفض حكم صناديق الاقتراع.

ولم تتسرب أي معلومات في باريس عن المشاورات الجارية واكتفى أحد المقربين من ماكرون بالقول إنه “ما زال يفكر”.

وبعدما طرح عقد اجتماع لمجلس الوزراء الإثنين، أرجئ إلى وقت لاحق وعلق أحد أعضاء الحكومة “من يقول لكم إن لديه أصداء، فهو إما كاذب وإما متوهم”.

لكن فترة “التفكير” هذه لا يمكن أن تستمر.

ولفت مصدر وزاري إلى أن “الضغط الداخلي سيكون قويا جدا لأنه سيتحتم إقرار الموازنة” في سبتمبر، فيما اعترف المعسكر الرئاسي بأن الفرنسيين يجب أن “يشعروا بأن أصواتهم تتحقق”. وتوقع البعض في أوساط ماكرون صدور إعلان بحدود العشرين من آب/أغسطس.

وترد أسماء وزراء سابقين، سواء من اليمين أمثال كزافييه برتران وميشال بارنييه وجان لوي بورلو، أو من اليسار المعتدل على غرار برنار كازنوف.

لكن إن كانت دول ديموقراطية أوروبية كثيرة تتعامل منذ عقود مع ائتلافات برلمانية هشّة، فإن فرنسا لم تنجح يوما في ذلك.

“اتفاق حكومي”

ولا بد بالتالي أن يتمتع رئيس الحكومة المقبل بهيبة معنوية وخبرة سياسية، حتى يضطلع بمهمة تشكيل فريق متماسك وإبرام “اتفاق حكومي” من شأنه أن يقنع غالبية من النواب في الجمعية الوطنية، ولو بشأن كل ملف على حدة.

تمكن ماكرون من الخروج لفترة وجيزة من المأزق السياسي الكبير الذي أثاره بحلّه الجمعية الوطنية، غير أن المراقبين يعتبرون أنه سرعان ما سيضطر إلى مواجهة الواقع المرير الذي نتج من أسوأ قرار اتخذه خلال ولايتيه الرئاسيتين.

ولم تبدل أجواء البهجة التي واكبت الألعاب، جوهر الوضع في فرنسا.

ورأى خبير الرأي العام إيمانويل ريفيير أن “هذا يبدل الأجواء العامة، لكنه لا يبدل المعطيات السياسية. فالوضع لا يزال في مأزق، ويشعر العديد من الناخبين بخيبة أمل… الفرنسيون يبقون الواقع نصب أعينهم وما زالوا ناقمين على إيمانويل ماكرون”.

ثمة سابقة، حين استفاد الرئيس جاك شيراك عام 1998 من فوز المنتخب الفرنسي في كأس العالم لكرة القدم في باريس، فازدادت شعبيته بعشر نقاط مئوية متخطية 60% من الآراء الإيجابية.

غير أن ماكرون لن تكون له هذه الفرصة، إذ كشف استطلاع للرأي أجراه معهد إيلاب في أواخر يوليو أن ثقة الفرنسيين برئيسهم تقدمت نقطتين فقط إلى 27%.

وقال مسؤول في المعسكر الرئاسي “سيكون هناك نوع من التسامح في فترة ما بعد الأولمبياد، لكنه لن يستمر طويلا”، مضيفا “إن كنا التقطنا صور سيلفي أمام المرجل الأولمبي مع نصف باريس، فهذا لا يعني أننا سنشكل فجأة ائتلافا”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي