أسفرت حملة تنقيب على مستوى المقبرة اليهودية بمدينة تطوان، عن اكتشاف ثلاثة مقابر جديدة، بعد تلاشيها لأزيد من ستة عقود، مما أثار حماس الباحثين وعلماء الآثار، للتنقيب أكثر في هذه المقبرة التي يبلغ عمرها أزيد من 500 سنة، والتي تعد الأكبر بالمغرب.
ووفقًا لتقرير صادر عن نقابة الأخبار اليهودية (JNS)، فإن الأمر يتعلق باكتشاف ثلاثة مقابر يهودية بمدينة تطوان تعود إلى حاخامات من القرنين السابع عشر والثامن عشر، وهم على التوالي: جاكوب بن مالكا، وحسداي الموسينو، وجاكوب مرّاش.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، المعروفة اختصارا بـ “اليونسكو”، عن قائمة الدول الإفريقية التي تتوفر على أكبر عدد من المواقع التاريخية، ضمنها مدينة تطوان، حيث أشعلت إعادة اكتشاف هذه المقابر زخمًا جديدًا لحملة قادتها منظمة “Adafina” لعلم الأنساب السفاردي ومقرها لندن.
وفي هذا الصدد، قال جاكوب ماراش، رئيس منظمة “Adafina” إن:”هؤلاء كانوا بالتأكيد رجالًا محترمين”، مشيرًا إلى أن تعاليمهم تستمر في إلهام أجيال من العلماء والطلاب، حيث إن جاكوب بن مالكا، كان يعتبر عالما وقاضيا دينيا محترما، انتقل إلى تطوان من فاس عام 1734 ليترأس المحكمة الدينية.
أما الشخصية الثانية المستكشفة، فهي الموسنينو، وهو من مواليد تطوان، كان حكماً محترماً في القانون اليهودي وله العديد من الأعمال المنشورة، وتم اكتشاف القبر الثالث المراش، وهو أحد أسلاف جاكوب مراش، وهو أحد القباليين المعروفين بتعليقه الاستثنائي على زوهار، أي النص التأسيسي Kabbalistic.
وقال رئيس منظمة “الدفينة” جاكوب ماراش، عند حديثه عن سلفه: “أكسبه تعليقه على زوهار شهرة، وألهمت تعاليمه جيلاً من الطلاب المتفانين الذين ما زالت أفكارهم مؤثرة حتى اليوم”.
وأضاف “غادرت عائلتي المغرب متوجهة إلى جبل طارق عام 1758، ولكن مثل العديد من العائلات اليهودية، ظللنا على اتصال وثيق مع تطوان لأجيال عديدة، حيث أن المجتمعات المختلفة سوف تتطلع إلى بعضها البعض للحصول على التوجيهات الدينية”.
بدوره، قال ألبرتو هايون، رئيس مجتمع تطوان في حديث مع نقابة الأخبار اليهودية: “حتى أننا نطلق على تطوان اسم” بيبكوينا جيروزالن” وتعني (القدس الصغيرة) بسبب أهميتها السابقة كمركز للحياة السفاردية”.
إعادة ترميم مقبرة سيمنتيريو دي كاستيا المغربية
وبهدف ترميم المقبرة اليهودية في تطوان، المسماة Cementerio de Castilla نسبة إلى اليهود المنفيين من إسبانيا في عام 1492، قام ماراشي وأندرو ستروم، ابن عمه البعيد والقاضي الأسترالي، بجمع أكثر من 3000 دولار من هدفهم البالغ 11000 دولار.
وشهدت الجالية اليهودية المغربية، التي يعود تاريخها إلى العصور القديمة، انخفاضًا كبيرًا في عدد سكانها من 270 ألفًا في عام 1948 إلى ما يقدر بـ 2300 في عام 2015، بسبب قيود الهجرة والسفر.
وأوضح جاكوب ماراش: “كان التقليد أنه إذا كان شخص ما متزوجًا ولديه أطفال، فلن يضعوا اسمًا على القبر لأنه كان من واجب أحفادهم تعليم الأجيال القادمة مكان دفن الأجداد والعودة إلى هناك في تاريخ وفاتهم”.
وزاد:”العديد من شواهد القبور كانت عليها أشياء مثل نجمة داود أو أشجار الحياة، بما في ذلك شواهد قبور الحاخامات المدفونين هناك، حيث أصبح رمزًا يهوديًا رئيسيًا في إمبراطورية هابسبورغ”، مردفا: أن”الكثير من القبور عليها أيضًا شجرة الحياة”.
وتعد إعادة اكتشاف المقابر إنجازًا مهمًا نظرًا لأن العديد من شواهد القبور تفتقر إلى النقوش، مما يزيد من صعوبة تتبع الأصول اليهودية في المغرب، وتم تسهيل هذا الاكتشاف الهام من قبل الحاخام جوزيف إسرائيل، وهو مواطن من تطوان يقيم حاليًا في الدار البيضاء.
وعلى الرغم من أن تاريخ تطوان اليهودي غالبًا ما يأخذ مقعدًا خلفيًا لمناطق حضرية أكبر مثل الدار البيضاء، يأمل مرّاش أن تجذب اتفاقيات إبراهيم والاكتشافات الأخيرة المزيد من الزوار والعلماء لاستكشاف هذا الموقع التاريخي.
وقال مراش: “نحن ممتنون للغاية لأن المغرب يتمتع الآن بعلاقة أفضل بكثير مع الجالية اليهودية المتبقية، ومنذ التطبيع مع إسرائيل، أصبح المزيد منا قادرين على العودة وزيارة معابدنا ومقابرنا”، مبرزا أن “الاختلاف في الفرص في الجارتين الجزائر وليبيا مأساوي للغاية”.
وعمل مرّاش وأشخاص آخرون على ترميم معظم القبور ويخططون لبدء تنظيف الغطاء النباتي حول شواهد القبور وتطهير الممرات حول مقابر التي تعود إلى القرن السادس عشر، وأشار إلى أن “اليهود حريصون أيضًا على تحديد المزيد من هذه المقابر، سواء كان من الممكن ربطها بسلالات الأسرة الباقية أم لا”.
تعليقات الزوار ( 0 )