بناصا ـ متابعة
اعتبر عزمي بشارة، في حوار مع جريدة “ليبراسيون” الفرنسية، أن التصعيد الأخير في المنطقة، يأتي في ضوء الاحتجاجات المستمرة في العراق، والمساعي من أجل إصلاح النظام السياسي وإنجاز انتقال ديمقراطي.
ويرى بشارة، في ذات الحوار، أنه حتى “قبل اغتيال سليماني، كانت إيران قد قرّرت المواجهة بالوكالة مع الولايات المتحدة في العراق عبر ميليشيات الحشد، في إطار استراتيجيتها لكسر الحصار الذي يمنعها من تصدير البترول الخاص بها”. ويؤكد أنه “في خضم هذا التصعيد، بحثت إيران عن سبل لتغيير اتجاه الاحتجاجات ضدّ نفوذها في العراق نحو صراعات ضدّ الوجود الأمريكي هناك”.
واشار إلى أن الاحتجاجات في العراق تبنت موقفًا مشجعًا، حيث رفضت الوصاية الأمريكية والإيرانية في نفس الوقت، مع تحميل الميليشيات الداعمة لإيران، وقوّات الأمن التابعة للحكومة، مسؤولية قتل مئات المتظاهرين.
وفي إشارة إلى حالتي العراق ولبنان، يبيّن بشارة أن “تراكم الفساد والقمع والاستبداد من طرف هذه الأنظمة، أدى إلى نشوب هذه الاحتجاجات”.
ويصف بشارة انطلاق الاحتجاجات في لبنان والعراق بأنه كان مبعثًا للأمل، حتى لو لم يكن من المرجّح أن تقود إلى تغيير سريع للنظام، “ففي هذين البلدين تحديدًا، ليس هناك نظام مركزي قويّ برئيس يمكن الإطاحة به، لكن السبب أيضًا؛ يعود إلى أن لدى هذين البلدين نوعًا من التعدّدية السياسية ونظامًا برلمانيًا. الأمر لا يتعلّق هنا بالدكتاتوريات وإنّما بالأنظمة، بلا شكّ هي فاسدة ومحافظة، لكنها ذات ديمقراطية طائفية مبنية على تقسيم السلطات”.
يتابع المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بأن “المشكلة تكمن في أن الدولة فاشلة، والسياسيون منهمكون في تقاسم المناصب والثروات، عوض تأمين الخدمات للشعب. نلاحظ في لبنان وفي العراق، أن المطلب الأوّل هو نريد دولة وطنية وليست طائفية”.
وفيما يتعلق بعفوية ما يحدث في العراق ولبنان أيضًا، أشار المفكر العربي إلى أنه “من الصعب أن ننتظر من ثورات شعبية عفوية، أن تقدّم لنا برنامجًا حقيقيًا، هذا لم يحدث من قبل. تتطلّب الثورة العفوية سقوط نظام شامل، لهذا نطلق عليها تسمية الحراك الثوري، الذي ينتهي الأمر به في الأخير إلى تقديم ممثّلين له”.
يعتبر عزمي بشارة أن العفوية في التظاهرات هي القوة المجابهة للنظام القمعي، فالأخير لا يواجه جماعة معينة ليتمكّن من القضاء عليها
كما اعتبر أن “العفوية هي القوّة المجابهة للنظام القمعي، فهو لا يواجه هنا جماعة معينة ليتمكّن من إخراسها أو القضاء عليها. لكن خلال سنة أو سنتين، تصبح هذه العفوية ضعفًا، لهذا يجب أن تخرج بعدّة تيارات سياسية، تستطيع الانبثاق وتقديم أنفسها في الانتخابات، وليتحقّق هذا يجب حدوث تغيير في قانون الانتخابات. وهذا أمرٌ ضروري لوضع حدٍّ للطائفية”.
وأكد المفكر العربي أنه “يجب الاتّفاق أولًا على ضرورة الديمقراطية، ومن ثَمَّ يمكن الاختلاف والنظر في أمر من سيتحمل المسؤولية. بعبارة أخرى، لنقرّر كيف نحكم قبل معرفة من سيحكم”.
تعليقات الزوار ( 0 )