دقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ناقوس الخطر بشأن أوضاع واقع الطفولة المقلق بالمغرب، والذي يشهد تردّياً ملحوظا، لاسيّما مع تداعيات جائحة كورونا، وذلك في مختلف المجالات الصحية والتعليمية وعمالة الأطفال، والرعاية الاجتماعية والعنف الجنسي، مُحملةً المسؤولية للدولة بعدم وفاءها بالتزاماتها الأممية القاضية بإعمال اتفاقية حقوق الطفل.
وسجلت الجمعية، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، والذي يصادف 20 نونبر، في بلاغ لها، ضعف خدمات الرعاية الصحية، وضعف إجراءات الوقاية، لحماية الأطفال بوضع في مخطط مكافحة الجائحة، وتدهور الوضع الصحي للأطفال، نتيجة سوء التغذية واستشراء بعض الأمراض الخطيرة، وتهديد سلامة الأطفال الصغار نظرا لتوقف أو تأخر بعض اللقاحات في فترة الحجر الصحي بسبب الشلل الشبه التام المؤسسات الصحية.
كما استنكرت الجمعية، تعامل الدولة الارتجالي وغير المسؤول مع الجائحة بخصوص المنظومة التعليمية حيث طغى عنصر التمييز بين الاطفال المتوفرين على وسائل التمدرس عن بعد والذين يفتقرون إلى ابسط الوسائل الحديثة.
وأوضحت، أن تنامي ظاهرة الأطفال المهاجرين، يفرض وضع الهجرة الجديد في المغرب العديد من المتطلبات نظرا لتزايد عدد الأطفال المتنقلين، حيث أصبح المغرب دولة هجرة بدلاً من بلد عبور. وعلى الرغم من أن سياسة الحكومة تنص على تطوير نموذج ديناميكي لإدارة الهجرة مزود بآليات لمنع الاتجار بالضحايا وحمايتهم، إلا أن هؤلاء الأطفال يظلون في الواقع غير مرئيين، ومحرومين من الحقوق الأساسية، ويتعرضون لخطر الاستغلال والعنف، مع استفادة ضئيلة أو منعدمة من أنظمة حماية الطفولة.
واكدت الجمعية، ارتفاع نسب التكرار والهدر بين المتمدرسين منهم، خصوصا بالتعليم الثانوي؛ حيث يسجل المغرب أعلى نسبة للأمية بين الأطفال في المنطقة العربية والمغاربية، ناهيك عن غياب مرافق صحية من ولوجيات للأطفال وخاصة منهم ذوي الاعاقة؛ وتمادي الدولة في تشجيع القطاع الخاص مما يهدد مباشرة ابناء الطبقات الفقيرة ويعزز الفوارق الاجتماعية ، حيث تم تسجيل رفض تسجيل اطفال في مدارس عمومية وافدين من القطاع الخاص.
وسجلت الجمعية ذاتها، ارتفاع واتساع وتيرة العنف ضد الأطفال الذي تجلى مظاهره الأكثر مأساوية في تواتر حالات الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والعنف الجسدي المتبوع بالقتل في عدد من الحالات، اذ سجلت الجمعية اكثر من 119 انتهاك جسيم لحقوق الاطفال في فترة الحجر الصحي.
وشددت، على أن الدولة تتهرب من وضع خطة وطنية لحماية الأطفال مما يسمى بالسياحة الجنسية، ورفضها إشاعة وتطبيق ميثاق الشرف للعاملين في السياحة والمدونة العالمية لأخلاقيات السياحة، التي وضعتها منظمة السياحة العالمية لوكلاء الاسفار.
من جانب آخر، أشارت الجمعية، إلى أن ظاهرة الأطفال المشردين ودون مأوى، تشهد ارتفاعا ملحوظا، رغم اعلان الوزارة الوصية عن “برنامج محاربة ظاهرة اطفال الشوارع” وإطلاق خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول، استمرار معاناة آلاف الأطفال المتخلى عنهم في الشوارع مما يجعلهم عرضة للوصم والتمييز من طرف المجتمع.
أبرزت الجمعية الحقوقية في البلاغ ذاته، استمرار معاناة الأطفال الذين يعيشون في مؤسسات الرعاية والذين يقدرون بنحو100000 طفل، حيث أن جل مؤسسات الرعاية تعاني عموما من نقص التمويل وغياب الحد الأدنى من المعايير الدولية لمراكز الحماية.
وطالبت الجمعية، بملاءمة التشريع المغربي مع اتفاقية حقوق الطفل وإلغاء جميع المقتضيات القانونية التي تنتهك حقوق الأطفال وتضر بمصالحهم، وتكرس التمييز ضدهم خصوصا الفتيات، لاسيما تلك الواردة في مدونة الأسرة والقانون المتعلق بالحالة المدنية والقانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين.
وشددت، على اتخاذ التدابير اللازمة من أجل بلورة خطة وطنية لإعمال وتنفيذ مقتضيات الاتفاقية، بناء على قاعدة بيانات وإحصاءات مفصلة ودقيقة حول وضعية الطفولة ببلادنا، واستثمارها في وضع سياسات وبرامج لفائدة الطفل، مع الحرص على إشراك المنظمات غير الحكومية المستقلة المهتمة بحقوق الطفل.
وناشدت الدولة، القيام بجميع التدابير الملائمة لمنع جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم منها، بما في ذلك العنف البدني والنفسي والجنسي والتعذيب والعنف المنزلي والإهمال، وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز أو الرعاية الاجتماعية، ووضع آليات فعالة للتحقيق في حالات التعذيب وغيره من أشكال العنف ضد الأطفال.
كما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بتشديد العقوبات ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم اغتصاب القاصرين، وتقوية الضمانات القانونية للحد من الظاهرة، وتوفير الشروط الاجتماعية والنفسية لإعادة ادماج الاطفال ضحايا الاغتصاب، مع الاهتمام بالصحة الإنجابية وبصحة الأطفال قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وتوفير مستوى كاف من الغذاء والتغذية لهم.
تعليقات الزوار ( 0 )