Share
  • Link copied

بديع: مسألة حماية الأطفال من تأثير الإنترنيت أضحت مسألة جد صعبة

أدت الظروف التي يمر منها المغرب اليوم بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، إلى الارتفاع الكبير لاستعمال وسائل الإعلام السمعية البصرية والرقمية من طرف الأطفال، حيث باتوا يقضون وقتا طويلا على الشبكة العنكبوتية وأمام جهاز التلفاز.

ومع تفشي جائحة كورونا التي فرضت العزلة والتباعد الاجتماعي، وألزمت الناس بالبقاء في المنازل، وإعلان وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي عن التعليم عن بعد كإجراء وقائي للحد من انتشار الفيروس التاجي، أصبح العديد من الأطفال متصلين بالإنترنيت لوقت طويل سواء من أجل الدراسة أو الترفيه.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأسر تسعى إلى كبح رغبة أطفالها في استعمال الأجهزة الرقمية بكل أنواعها، وكبح رغبتهم في قضاء ساعات طويلة متصلين بالإنترنيت وجدت نفسها اليوم تبارك استعمال أطفالها لهذه الأجهزة بسبب التعليم عن بعد وبسبب الحجر الصحي.

وهو الأمر الذي خلق عند معظم الأسر تخوف وجعلها تطرح أسئلة من قبيل كيف سنحمي أطفالنا من سلطة الإنترنيت ما بعد كورونا؟ وكيف يمكن أن نتجاوز العادات التي فرضها الارتفاع الظرفي لاستعمال الإنترنيت بعد العودة إلى الحياة الطبيعة دون أن نؤثر على نفسية الأطفال؟.

وفي هذا الإطار قال الباحث في علم الاجتماع، محمد بديع، “أعتقد أن مسألة حماية الأطفال من تأثير أو سلطة الانترنيت أضحت مسألة جد صعبة، في الظروف التي نعيشها والتي أصبحت تفرض اللجوء إلى الشبكة العنكبوتية، بشكل متزايد خاصة في ظل انتشار جائحة كورونا”.

وأضاف محمد بديع في تصريح لـ”بناصا”، “القضية ليست بالبساطة التي يظنها البعض، لأن الإبحار في شبكة الإنترنت، صار واقعا مفروضا، ومسألة التخلص منه، هي من قبيل المستحيل”، مردفا أن “ذلك لا يمنعنا من البحث عن الطرق والوسائل التي يمكن أن تحد من سيطرته وسطوته على عقول الأطفال والشباب”.

و”هنا يأتي دور الدولة والمؤسسات ذات الصلة وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسة التعليمية والأسرة والإعلام، لأن الكل معني، بالتالي لا يقتصر الأمر على الوالدين فقط”.

وأوضح الباحث في علم الاجتماع، أن “العملية جد معقدة ولا تتصل فحسب  بقضية التوعية والإرشاد، بل تتعلق بوضع برامج ومخططات من أجل حماية أطفالنا مما يحتويه الإنترنت من عنف، وألفاظ جنسية، وتشدد، والكثير من الأمور التي تفسد العقول وتدمرها، والعمل على تدبير الوقت في أعمال من الممكن أن  تكون مفيدة “.

و”عدم ترك الأطفال لأوقات كثيرة، يضيف المتحدث عينه،  مع الإنترنت مما قد يؤدي إلى أن يكون الطفل منعزل عن الواقع المحيط به، وحمايته من تعرضه لأفكار وسلوكات قد تضره، وسرقات لبياناته الخاصة تجعله تحت طائلة الابتزاز، وكذا حمايته من الفساد الأخلاقي نتيجة الاضطلاع على المواقع السيئة ومواقع الإساءة للأديان والمواقع الثقافية ذات الأهداف الهدامة”.

لذا “يبقى دور الوالدين حاسما في إنجاح تلك البرامج والمخططات، نظرا لعامل القرب والارتباط الأسري، مما يفرض مثلا إخبار الأبناء عن عدم إعطاء أي معلومات تخص الأسرة كعنوان المنزل، أو الاسم، أو رقم الهاتف، فربما يستخدمها بعض الأشخاص في عملية مالية ولابتزاز الأباء، أو عملية سرقة للحسابات”.

وتابع قائلا انه عند شعور الأبناء بوجود مواقع غير جيدة تظهر لهم على الإنترنت، يجب إخبار الآباء عن هذه المواقع، ومن ثم يقوم الآباء بعمل حظر لهذه المواقع، وعدم القبول بصداقة أي شخص على مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة الوالدين”.

و”تنبيه أبنائنا بعدم صحة كل المعلومات الموجودة على الإنترنت، وعدم الإعجاب بأي شيء ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركته، واستخدام برامج الحماية وبرامج المراقبة الأبوية، والتي تسمح بعدم سرقة البيانات والدخول إلى المواقع التي يتم تصنيفها على أنها ضارة من قبل الأبوين، تحديد بعض الأوقات للجلوس على الإنترنت والتي يكون فيها الوالدين متفرغين لأبنائهم وقادرين على الاطلاع على ما يشاهده الأبناء من وقت لآخر.

“فالرقابة لا تعني في نظري المنع لأن الإنترنيت رغم مخاطره، غني بالأفكار التي تفيد الطفل والتي تستطيع تنمية مواهبه وقدراته، ونستطيع من خلاله أن ننشئ جيلا قادرا على مواكبة العصر الذي نعيش فيه، والذي يتميز بالسرعة والتطور الهائل والذي لا يستطيع الإنسان الانعزال عنه”.

Share
  • Link copied
المقال التالي