سلط محسن الجعفري، الخبير في التدبير والباحث في الإقتصاد السياسي بجامعة محمد الخامس، الضوء على مقاربة المملكة لتجاوز آثار الزلزال وتأثيره على مشروع قانون المالية لسنة 2024، وكذلك تفعيل الالتزامات التي جاء بها البرنامج الحكومي 2021-2026، والتوصيات التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد.
ودعا الجعفري، يوم أمس (الثلاثاء) في ندوة فكرية نظمتها الكتابة الإقليمية لحزب التجمع الوطني للأحرار بالرباط، إلى ضرورة تنزيل مشروع الحماية الإجتماعية الذي يستوجب مقاربة فعالة في تنزيل مختلف الأوراش وضمان الإستدامة المالية عبر الرفع من قدرات إنتاجية الإقتصاد الوطني.
وشدد المتحدث ذاته، على ضرورة توسيع موارد الدولة عبر ضبط الإجراءات الضريبية، وتوسيع الوعاء مع تخفيض الضغط الضريبي لتشجيع المبادرة الخاصة بالإستثمار الخاص لبلوغ أهداف النموذج التنموي.
وفي سياق متصل، أكد زكرياء فيرانوا، أستاذ التعليم العالي في الإقتصاد والتدبير بجامعة محمد الخامس، في كلمة له، حول “التدابير الحكومية في مواجهة الكوارث وآليات الدعم”، على ضرورة مواكبته ببنية إنتاجية كي لا يكون هذا الدعم وبالا على الإقتصاد، مستعرضا مجموعة من الخلاصات والتجارب الدولية في هذا الباب.
بدورها، بسطت حنان الديلال، أستاذة الاقتصاد بجامعة محمد الخامس كلية الحقوق بسلا، مجموعة من المقترحات بخصوص تدبير المخاطر والبنيات الواجب توفرها من أجل مواجهتها مع التركيز على إنشاء صناديق تضامنية وتوسيع مواردها، وذلك عبر سياسة عمومية تأخذ بعين الاعتبار هذا المتغيير.
وتفاعل مع هذا النقاش، رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، محمد شوكي، الذي ركز في مداخلته على وجود سياسة عمومية متكاملة لمواجهة الكوارث وسيرورة البرنامج الحكومي وفق الأهداف المسطرة رغم الإكراهات، مشددا على ضرورة تنزيل برنامج إعادة الإعمار و كذلك مشروع الحماية الإجتماعية.
حري بالذكر، أن الندوة أطرها الدكتور منار السليمي، المحلل السياسي، ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، بمقاربة تقوم على الحوار والمناقشة، ومباشرة بعد انتهاء المداخلات، تم فتح باب النقاش ليتدخل الحاضرون من طلبة وباحثين بتساؤلاتهم و إضافاتهم حول المواضيع المطروحة.
يذكر أن مجلس الحكومة صادق الخميس الماضي على مشروع قانون المالية للسنة المالية 2024، والنصوص المصاحبة له، وذلك بعد مصادقة المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك محمد السادس نصره ،على التوجهات العامة لهذا المشروع.
ويندرج مشروع قانون المالية لسنة 2024 في إطار التوجيهات الملكية التي تضمنتها الخطب الملكية بتاريخ 30 يوليوز 2022 بمناسبة عيد العرش، وبتاريخ 20 غشت 2022 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، وكذا يوم 14 أكتوبر 2022 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
ويسعى مشروع هذا القانون، إلى ترجمة الإرادة الراسخة للحكومة من أجل مواصلة الجهود الرامية إلى تفعيل الالتزامات التي جاء بها البرنامج الحكومي 2021-2026، تماشيا مع التوجيهات الملكية، والتوصيات التي جاء بها التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد.
أما على الصعيد الدولي، فيأتي مشروع قانون المالية لسنة 2024 في ظرفية عالمية تتسم بتوقعات يطبعها عدم اليقين، حيث إن التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي من تبعات الأزمة الصحية العالمية، تأثر بتداعيات الأزمة بأوكرانيا التي ترتبت عنها زيادات كبيرة في أسعار المواد الغذائية والطاقية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم واضطرابات على مستوى سلاسل التوريد.
ومن خلال مشروع هذا القانون، ستعطي الحكومة الأولوية إلى تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز وتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية: حيث تم وضع برنامج مندمج وطموح بميزانية إجمالية تقدر بـ 120 مليار درهم يرتكز على دعامتين أساسيتين.
أولا، إعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية المتأثرة بالزلزال من خلال تخصيص غلاف مالي قدره 22 مليار درهم، منها 8 ملايير درهم مخصصة لتقديم المساعدات الاستعجالية للأسر والمساعدات المالية لإعادة بناء وتأهيل المساكن التي انهارت كليا أو جزئيا، و14 مليار درهم لفك العزلة عن المناطق المتضررة.
ثانيا، وضع مخطط لتنمية أقاليم الأطلس الكبير بكلفة مالية تبلغ 98 مليار درهم، يهدف إلى تطوير البنيات التحتية وتعزيز الأنشطة الفلاحية والسياحية بالأقاليم المعنية.
كما سيركز المشروع مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، حيث تم منح الإمكانية لحوالي 4 ملايين أسرة فقيرة للولوج إلى العلاج بالمستشفيات العمومية والخاصة، مع تحمل الدولة لاشتراكاتها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من خلال تعبئة غلاف مالي سنوي يقدر ب 9,5 ملايير درهم.
علاوة على ذلك، ستشرع الحكومة، قبل متم سنة 2023، في إطلاق برنامج التعويضات العائلية، وذلك وفق رؤية جديدة تقوم على تحسين استهداف الفئات الاجتماعية المستحقة للدعم.
وستواصل الحكومة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وذلك من خلال إنعاش الاقتصاد الوطني وانخراط المغرب في القطاعات الواعدة، وكذا مواصلة تنزيل الأوراش الكبرى وجيل جديد من المخططات الاستراتيجية القطاعية.
كما تلتزم الحكومة باتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على التوازنات المالية العمومية واستدامتها، وذلك من خلال اعتمادها لمجموعة من الإصلاحات الضرورية، التي من شأنها تحقيق هوامش مالية لمواجهة هذه التحديات ولتمويل مختلف الأوراش الإصلاحية والتنموية.
ويتعلق الأمر خاصة بمواصلة التنزيل الفعلي للقانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي وإصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، من جهة أخرى، صادق المجلس الحكومي على المراسيم المرتبطة بمشروع قانون المالية، والمتعلقة بالاختصاص المفوض للتمويل والاقتراض.
وأوضح بلاغ الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الأمر يتعلق بمشروع المرسوم رقم 2.23.900 بتفويض السلطة إلى وزيرة الاقتصاد والمالية في ما يتعلق بالاقتراضات الداخلية واللجوء إلى كل أداة مالية أخرى، ومشروع المرسوم رقم 2.23.901 بتفويض السلطة إلى وزيرة الاقتصاد والمالية في ما يتعلق بالتمويلات الخارجية.
كما يتعلق الأمر بمشروع المرسوم رقم 2.23.902 بتفويض السلطة إلى وزيرة الاقتصاد والمالية لإبرام عقود اقتراضات قصد إرجاع الدين الخارجي المكلف، واتفاقات لضمان مخاطر أسعار الفائدة والصرف.
تعليقات الزوار ( 0 )