شارك المقال
  • تم النسخ

باحثون وأكاديميون يناقشون في ندوة علمية القانون المتعلق بـ”الجبايات الترابية”

استمرارا لسلسلة الندوات العلمية الأسبوعية المنظمة خلال شهر رمضان الفضيل بمبادرة من المنصة العلمية Marocdroit، نظم ماستر التقنيات الجبائية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر بأكاديــر، وماستـر التدبير السياسي والإداري بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، ومنتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية والمركز الدولي للدراسات والبحث العلمي متعدد التخصصات، يوم الخميس 06 ماي 2021 ابتداء من الساعة التاسعة مساء، ندوة علمية عن بعد حول موضوع: “القانون المتعلق بالجبايات الترابية 07.02 – قراءات متقاطعة”.

وعرفت الندوة مشاركة كلّ من ميمون خراط الأستاذ بكلية الحقوق جامعة محمد الأول بوجدة؛ مسيرا، والجيلالي شبيه أستاذ التعليم العالي جامعة القاضي عياض بمراكش، ومحمد حجيرة: نائب برلماني، أستاذ في القانون العام، وباحث في المالية والتنمية، ومحمد المجني؛ أستاذ مؤهل بكلية الحقوق أكادير، المنسق البيداغوجي لماستر التقنيات الجبائية، ومحمد المنصوري؛ المنسق الجهوي لمنتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية بجهة فاس-مكناس.

وافتتح ميمون الخراط، هذه الأمسية العلمية بكلمة ترحيبية شَكَرَ من خلالها الأساتذة المتدخلين على تلبية دعوة المشاركة في أشغال هذه الندوة، إلى جانب كل الشركاء والمساهمين في تنظيم هذه الندوة، وكذا المتتبعات والمتتبعين عبر المنصات والصفحات الإلكترونية التي واكبت النقل المباشر لأشغال هذه الأمسية، وذكر في الوقت ذاته بموضوع هذا اللقاء العلمي الموسوم بعنوان “القانون المتعلق بالجبايات الترابية 07.20 – قراءات متقاطعة”، كما أشار الأستاذ في كلمته التأطيرية إلى أن هذا القانون جاء لتجاوز مجموعة من الثغرات والمعيقات التي كانت تعتري النظام القانوني المؤطر لجبايات الجماعات الترابية، لاسيما القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية والذي أبان في مجموعة من مقتضياته وأحكامه عن قصور أثر على تحقيق الغاية المرجوة منه، كما تناول في نفس الوقت جردا لبعض النصوص القانونية التي كانت ولا زالت تؤطر موضوع الجبايات الترابية بدءا من المدونة العامة للضرائب مرورا بالقانون 47.06 المعدل والقانون 39.07 المتعلق الرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية، وأشار إلى أن هذا التشتت على مستوى التأطير القانوني أدى إلى خلق مجموعة من الاختلالات سواء بالنسبة للإدارات المعنية أو بالنسبة للملزمين بهذه الجبايات، وتمثلت هذه الاختلالات بالأساس في مجموعة من الاشكالات كالتعقيد على مستوى المساطر والوعاء الضريبي وكثرة الإعفاءات غير المبررة لفائدة بعض الملزمين، وخلق عدم التوازن بين الجماعات الترابية من خلال عدم مراعاة خصوصية هذه الجماعات، إضافة إلى تعدد أنواع الرسوم المنصوص عليها في هذه القوانين المؤطرة للجبايات الترابية، وبالتالي فقد أبانت هذه النصوص القانونية عن عدم استطاعتها تحقيق المردودية اللازمة للجماعات الترابية وكذا عجزها عن تحقيق الاكتفاء الذاتي لماليتها.

وفي مستهل كلمته الموسومة بعنوان “حقيقة مالية الجماعات الترابية بالمغرب”، تناول الأستاذ الجيلالي شبيه مضمون الفقرة الأولى من الفصل الأول للدستور الحالي التي تنص على أن “نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية”، والتنظيم الإداري منبني على هذا الأساس، بحيث نجد سلطة اتخاذ القرارات الأساسية تتدرج من القمة إلى القاعدة حسب تدرج أساليب التنظيم الإداري.

وأشار ذات الأستاذ إلى أن الجماعات الترابية تتخذ مشروعيتها من ضرورة توزيع السلطة في إطار اللامركزية، باعتبارها أحق من غيرها في تدبير شؤونها داخل وحدتها الجغرافية، واعتبر أن التنظيم الحالي على المستوى المحلي (الجماعات الحضرية والقروية والعمالات والأقاليم والجهات)، غير لائق واقترح ثلاث مستويات فقط: البلديات والعمالات والجهات٠

كما أضاف الأستاذ إلى الجماعات الترابية، والتي يصل عددها 1590 جماعة، مثلها مثل المقاولات الصغيرة والمتوسطة، تشكل النسيج الاقتصادي للبلاد، وبالتالي فاللامركزية تستحق اهتماما يليق بمكانتها الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي تحتلها بدون منازع، وعلى هذا الأساس، يضيف ذات الأستاذ، يجب التقليص من هيمنة المصالح اللاممركزة وتقوية اللامركزية انطلاقا من الوسائل القانونية والموارد البشرية والمالية٠

فمن حيث الوسائل القانونية أوصى ذات الأستاذ بضرورة الحد من الرقابة والوصاية على الجماعات الترابية وتضييق الخناق عليها بالمصالح اللاممركزة التابعة للممركز وإعطائها الأهلية (سن الرشد) والصلاحية لتدبير شؤونها داخل دائرتها الترابية بكل استقلالية ومسؤولية٠

ومن ناحية الموارد البشرية أشار الأستاذ إلى أنه يتوجب على الدولة المركز أن تفوض لأجهزة الجماعات الترابية المنتخبة صلاحية إحداث وظيفة عمومية محلية قوية وقائمة بذاتها كما وكيفا من حيث الكفاءات والخبرات والمهارات والتجارب بهدف تجويد الشأن العام الترابي والتنمية المحلية الاقتصادية والبشرية٠

ومن جانب الموارد المالية، أشار ذات الأستاذ إلى أن النظام المالي الترابي الحالي المتكون أساسا من سبعة عشر رسما يتميز بضعف المردودية، لكونه يرتكز على ثلاثة رسوم منها الرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية تدبرها الدولة، وموارد ضريبية مرصدة أو منقولة من الدولة إلى الجماعات الترابية تشكل في الكثير من الحالات أكثر من 65 بالمئة من مداخيل هذه الجماعات، بل قد تصل في الكثير من الحالات كذلك إلى أكثر من 90 بالمئة من مجموع مداخيل هذه الجماعات، فأين إذن الاستقلالية المالية لهذه الوحدات الترابية؟ وخاصة إذا علمنا أن معدل مجموع موارد الجماعات الترابية السنوي التي يبلغ عددها 1590 جماعة لا يتعدى 22 مليار درهما، أي 6 بالمئة من مجموع موارد الدولة، وحتى هذا المبلغ نفسه، 80 بالمئة منه تقريبا هي إمدادات ضريبية تمنحها الدولة المركز للجماعات الترابية، إذن أين هي الاستقلالية المالية؟ وأين هي اللامركزية؟ وأين هي الجهوية المتقدمة؟ وأين هي التنمية المحلية؟

وأكد ذات الأستاذ أن الجماعات الترابية في حاجة ماسة إلى موارد ذاتية كافية (ضريبية وغير ضريبية) واستقلالية إنفاقية مسؤولة وتدبير ترابي ذاتي راشد ورشيد ومسؤول، مضيفا إلى أن الجماعات الترابية والمجتمع المدني والمقاولات والدولة داخل المجتمع كمثل الجسم في تآزرهم وتعاضضهم إذا تضررت وحدة من الكل تأثر الجسم بكامله.

وفي مداخلته المعنونة ب”سؤال الاستقلال المالي للجماعات الترابية بعد صدور القانون 07.20 المتعلق بالجبايات الترابية”، حاول الأستاذ محمد حجيرة معالجة موضوع الاستقلال المالي على ضوء القانون المتعلق بالجبايات الترابية رقم 07.20، وذلك من خلال مقارنة بسيطة مع ما كانت عليه الموارد المالية للجماعات الترابية والجهة بالخصوص والمجهودات التي تقوم بها الدولة على مستوى تحويل الموارد المالية التي تمثل شبه قطيعة مع الماضي خصوصا إذا علمنا أن مجموع موارد الجهات 16 كانت لا تتجاوز 1 مليار درهم في حين سيصبح هذا الرقم 10 مليار درهم في نهاية الولاية الحالية.

وأضاف أن التلازم بين الوسائل القانونية والمالية هي مقومات أساسية لنجاح التدخلات التنموية للجماعات الترابية، فكل المؤشرات المتعلقة بالتنمية الترابية تلتقي في مسألة أساسية تتمثل في تعزيز الاستقلال المالي للجماعات الترابية، وهذا الاستقلال يشكل جوهر ومعيار نجاح أو فشل النظام اللامركزي الذي تأسس على تخويل المجالس المنتخبة حرية واسعة في تدبير شؤونها ، ومن غير المجدي التأكيد على مسألة منح اختصاصات ثم يبدأ البحث لاحقا وبصفة تدريجية عن الموارد المالية، وبالتالي لا مجال في الاستمرار في إسناد الاختصاصات دون إعطاء الوسائل المالية الضرورية.

كما ذكر الأستاذ محمد حجيرة بمفهوم ومرتكزات الاستقلال المالي للجماعات الترابية، إضافة إلى مسألة توفر هذه الجماعات الترابية على مصادر تمويلية أساسية تمكنها من تمويل تدخلاتها وأنشطتها التنموية، وكذا توفرها على حرية تحديد مواردها ونفقاتها.

كما تطرق ذات الأستاذ لمدلول الاستقلال المالي، واعتبر توفر الموارد مالية الذاتية الفعالة هي أساس الاستقلال المالي للجماعات الترابية، ووسيلة لتجاوز الخصاص المالي في إطار الاستقلال المالي للجماعات الترابية.

وتناول الأستاذ محمد المجني في مداخلة بعنوان “قراءة في مستجدات القانون رقم 07.20 المتعلق بالجبايات الترابية”، حيث تطرق في البداية أن هذا القانون الجبائي يعتبر لبنة أساسية من أجل إرساء إصلاح جبائي يحقق العدالة الجبائية للملزمين ويساهم في تطوير الموارد الذاتية للجماعات الترابية، وقد جاء هذا القانون المتعلق بالجبايات الترابية بمجموعة من المستجدات تتمثل في :

  1. معالجة بعض الأمور البسيطة المرتبطة بتدبير الجبايات.
  2. استبدال الجماعات المحلية بالجماعات الترابية.
  3. استبدال عبارة “دوائر الجماعات الحضرية” ب “المدارات الحضرية”، وتأتي هذه المستجدات في إطار تنزيل مقتضيات دستور 2011 والقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية.
    وأشار ذات الأستاذ إلى أن القانون رقم 07.20 المتعلق بالجبايات اعترته مجموعة من النقائص، والتي تمثلت في:
  4. القانون الجديد لم يأت بجبايات جديدة لتعزيز الموارد الذاتية للجماعات الترابية.
  5. لم يعالج التفاوتات الجبائية بين الجماعات الترابية.
  6. لم يوحد النصوص القانونية المنظمة للجبايات الترابية.

وفي مداخلة تحت عنوان “مكانة الجهة في منظومة الجبايات المحلية بالمغرب”، تطرق الأستاذ محمد المنصوري إلى أن التعديلات التي أتى بها قانون 07-20 فيما يخص الجهات تشكل مجرد تعديلات شكلية بخصوص الرسوم التي كانت ممنوحة سابقا في القانون القديم للجهات مع الإشارة إلى أن هذا القانون لم يضف أي رسم جديد للجهة، و هذه التعديلات همت فقط تسمية الرسم على رخص الصيد البري إضافة بري، بالإضافة إلى استبدال عبارة لدى صندوق وكيل مداخيل الجهات بعبارة لدى صندوق شسيع المداخيل الجهة، أو لدى المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل …….، بل و حتى على مستوى توزيع عائدات الرسم على الخدمات الجماعية لم يتم تعديلها و بقيت في حدود 5% المخصصة لفائدة الجهات، وهو نفس الأمر بخصوص الرسم على استخراج مواد المقالع فقد بقيت النسبة محددة في 10% لفائدة ميزانية الجهة .
وأشار ذات الأستاذ إلى مجموعة من الملاحظات الجوهرية على القانون 07-20 فيما يخص الجهات، وهي:

  1. لم يحاول أن يلائم بين خصوصية الجهة و الرسوم الممنوحة للجهات، إذ أن هناك من الرسوم بحكم طبيعة أوعيتها لا يمكن فرضها بجميع جهات المملكة، كالرسوم المفروضة على الخدمات المقدمة بالموانئ، فهناك جهات لا تتوفر على وجهات بحرية، مثال جهة فاس مكناس، الأمر الذي يخل بمبدأ التوزيع الجبائي.
  2. عدم استيعاب القانون الجديد للاختصاصات المخولة للجهات في ظل الدستور الجديد في إطار أدوارها التنموية، مما سيشكل إكراها عمليا في تمويل البرامج التنموية على المستوى الجهوي.

جدير بالذكر أن هذه الندوة العلمية خرجت بمجموعة من التوصيات، يمكن تلخيصها في المحاور التالية:

  1. ضرورة تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات الترابية المنعقدة بالصخيرات يوم 03 و04 ماي 2019.
  2. تكريس وتقوية الاستقلال المالي للجماعات الترابية.
  3. ضرورة احترام مبدأ التوزيع الجبائي بين الجهات.
  4. ضرورة سن رسوم جديدة لفائدة الجهات.
  5. رفع دعم الدولة لفائدة الجهات بخصوص عائدات الضريبة على القيمة المضافة.
  6. عقلنة الإعفاءات الضريبية.
  7. إعادة النظر في منظومة التقادم بغية المساهمة في تحقيق العدالة بين جميع الملزمين.

و لقي هذا اللقاء العلمي، الذي دام حوالي ساعتين ونصف الساعة، تفاعلا واستحسانا كبيرين من طرف المتتبعات والمتتبعين الحاضرين بشكل مكثف طيلة أطوار الندوة، اتضح من خلال حجم الأسئلة ذات الصلة بالموضوع المطروحة والتي تكلف الأساتذة المشاركين في أشغال الندوة بالإجابة عنها، واختتم هذا اللقاء على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، في انتظار تحديد موعد لندوة علمية أخرى استمرارا للأنشطة العلمية التي تشرف عليها الجهات المنظمة

طالب بسلك ماستر الإدارة، حقوق الإنسان والديمقراطية
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة ابن زهر أكادير

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي