شهدت العلاقات المغربية الإسرائيلية، منذ توقيع الإتفاق الثلاثي المغربي الأمريكي الإسرائيلي، تطورات مهمة على مختلف المستويات والميادين، خاصة بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي، مولر كوهن، للرباط في إطار الزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها الطرفان، مما اثار ضجة كبيرة بالجارة الجزائر وإعلامها، اللذان روجوا لاختراق المخابرات المغربية من طرف ‘’الموساد’’، والتخلي عن القضية الفلسطينية، من أجل الاستقواء بإسرائيل في المنطقة.
ويأتي هذا في سياق التوتر الكبير الذي تشهده العلاقات المغربية الجزائية، التنظيم الإرهابي في جنوب الجزائر ‘’البوليساريو’’ التي تحاول استفزاز المغرب في أراضيه بدعم مباشر من عسكر ‘’المرداية’’، الأخير وجد في القضية مناسبة، لتصدير الأزمة الداخلية للبلاد التي تشهد حراكا شعبيا قويا، يطالب من خلاله الشعب الجزائري بضرورة تغيير النظار، وعدم القفز على مكتسبات الحراك الشعبي.
الاتفاق الأمني المغربي الإسرائيلي
وفي سياق متصل، قال جواد القاسيمي، الباحث في القانون العام الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة، إن ‘’طرح استدعاء المغرب لإسرائيل للمنطقة، يدخل في إطار اهتمام القوى الدولية المتزايد بالقارة السمراء، تحاول إسرائيل أن يكون المغرب بوابة إسرائيل نحو القارة، وتحقيق هدف استراتيجي وكأن المغرب البلد الأول والوحيد الذي تربطه علاقات بإسرائيل.
وأضاف القاسيمي في تصريحه لمنبر بناصا أنه ‘’ إذا كانت الجزائر تروج إلى أن هذا التقارب من شأنه تقديم المنطقة على طبق من ذهب لإسرائيل، فلماذا لم يعلق المغرب بنفس الطريقة على التقارب الكبير والواضح بين الجزائر وإيران، علما أنه قطع علاقاته الدبلوماسية مع الأخيرة؟ علما كذلك أن ما عانته ولا زالت الشعوب العربية من إيران يعتبر أضعافا مضاعفة مما عاناه العرب من إسرائيل؛ ( في سوريا واليمن والعراق ولبنان)’’.
وأشار إلى أن ‘’القول بأن المغرب يستقوي بإسرائيل على الجزائر، جوابه يحيل إلى التساؤل متى كان المغرب بلدا ضعيفا؟ المغرب بلد قوي وتاريخه يشهد له بذلك، كما أن المغرب حرر الصحراء المغربية وحقق انتصارات كبيرة عسكرية ودبلوماسية قبل إعادة إحياء العلاقات مع إسرائيل’’ مضيفا ‘’منطق استدعاء إسرائيل للمنطقة لا يستقيم وهو منطق أعوج، مردود عليه أيضا باستدعاء الجزائر لروسيا وإيران للمنطقة، نظرا للعلاقات الأمنية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية الكبرى للجزائر مع هاتان الدولتان’’.
وتساءل القاسيمي قائلا ‘’لماذا لم يعلق الطرف الجزائري على التقارب المغربي الأمريكي والعلاقات الأمنية الكبيرة معه؟ حيث تعد الولايات المتحدة الأمريكي أكبر الداعمين لإسرائيل، وتمدها بأفتك الأسلحة وأحدثها التي تستخدمها ضد الشعب الفلسطيني، ومواقفها الواضحة على المستوى السياسي في دعم إسرائيل؟’’.
المغرب والموساد
يقول الباحث في القانون العام الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة، إن ‘’إغتيال محمد الزواري في تونس يعني قدرة الموساد على اختراق أي نظام ضعيف استخباراتيا بما فيه نظام العسكر، ولا ينتظر التعاون الأمني والاقتصادي من أجل الاختراق، وهنا يجب أن ننبه إلى أن الاستخبارات المغربية استخبارات قوية جدا، ومشهود لها بالكفاءة العالية عالميا من قبل دول كبرى، ولا أظن أن اختراق النظام المغربي أمر سهل الوقوع’’.
‘’معاناة وتقتيل الشعب السوري من طرف روسيا ألا يستحق من الجزائر التضامن والتنديد، وفي السابق الشعب الشيشاني، ألا يتم استقدام الروس والإيرانيون للمنطقة أيضا بنفس المنطق؟ ونحن نعلم رغبة روسيا في توسيع مناطق نفوذها في إطار صراع القوى الكبرى على النفوذ’’
وأكد القاسيمي على أن ‘’المغرب يمارس حقوقه المكفولة بموجب المواثيق والقوانين الدولية، سواء أكانت علاقات سياسية دبلوماسية، أو اقتصادية أو حتى أمنية، وليس من حق أي طرف آخر التعقيب على هذا الاختيار’’ وأن ‘’سياسات المغرب الأمنية والدفاعية وانفاقه في سبيل ذلك مقبولة؛ لأنه ببساطة في مواجهة مع كيان انفصالي يحمل السلاح ويهدد وحدته الترابية، لكن بالمقابل بماذا تفسر الجزائر هوسها الكبير بالتسلح وانفاقها لميزانيات ضخمة تفوق بكثير ما ينفقه المغرب، في غياب عدو واضح يبرر كل ذلك الانفاق؟’’.
مشيرا إلى إن ‘’ما يقوم به الجزائر ونظام العسكر مجرد تصريف أزمات داخلية، باختلاق عدو خارجي، والمغرب لا يمكنه العيش بسلام والجزائر مهددة أو مضطربة، فعدم الاستقرار في المنطقة لن يسلم منه أحد’’.
القضية الفلسطينية
وأوضح القاسيمي في حديثه لمنبر بناصا، أن ‘’أما تأثير العلاقات مع إسرائيل على موقف المغرب من القضية الفلسطينية العادلة، فالمغرب أكد أكثر ما من مرة أن موقفه ثابت من القضية الفلسطينية وهو داعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وحديث الجزائر عن القضية الفلسطينية والشعارات المرفوعة، كالدفاع عن قضايا الشعوب التحررية والمظلومة..، يدفع لمطالبة النظام الجزائري بدعم الشعب الفلسطيني بنفس الكيفية التي يدعم بها جبهة البوليساريو من مال وسلاح…إلخ’’.
مردفا:’’التحالف بين المغرب وإسرائيل كان من المفترض أن يكون بين المغرب والجزائر، لكن النظام العسكري فضل التصعيد وقطع العلاقات بدل الاستجابة لليد الممدودة إليه، قصد طي الخلافات وفتح صفحة جديدة عنوانها الود والوئام بين جارين شقيقين ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما’’.
تعليقات الزوار ( 0 )