حمل الحقوقي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، مسؤولية دفع الشاب أيوب الحدود، المنحدر من جماعة الكنتور بإقليم اليوسفية، نحو الانتحار، إلى “النخبة الفاسدة”، المستشرية في جهة مراكش آسفي.
وفي تعليقه على الحادثة، قال الحقوقي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن الراحل الذي كان يبلغ من العمر 33 سنة، “أقدم على إحراق نفسه بعدما واجه صعوبات اقتصادية وأزمة اجتماعية خانقة، وهو الذي يسكن مع أسرته في دور الصفيح. مات لأنه لم يجد عملا يقيه من حر الفقر وسكنا يليق بكرامة الإنسان”.
وأوضح: “جماعة الكنتور تقع في إقليم اليوسفية جهة مراكش آسفي، وهي جماعة ظلت خارج برامج التنمية وشعارات فك العزلة. شباب دون عمل في جماعة لا تتوفر على أدنى مقومات الحياة وكأنها منطقة منكوبة رغم أنها محاطة بالفوسفات، وسكانها يسمعون فقط عن الثروة لكنهم لا يستفيدون من ثمارها”.
واسترسل أن هذه الجماعة، “خارج دائرة المحاسبة وأضواء مؤسسات الرقابة، بعض منتخبيها يحرصون جيدا على خدمة مصالحهم الذاتية ونسج علاقات تساعدهم على تسمين تلك المصالح، هي أيضا جماعة تقع في جهة مراكش آسفي المعروفة بسيطرة نخبة اغتنت بشكل فاحش من التدبير والمسؤولية”.
وأبرز أن بعض مدبري هذه الجهة، “لم يكونوا يملكون أي شيء، قبل أن يصبحوا اليوم يملكون تجزئات وأرصدة مالية وعقاريةن وفاحت رائحتهم في كل مكان، وأصبحوا حديث القاصي والداني، ومنهم من يقال عنه إنه أسس شركات من الباطن تستفيد من كعكة الصفقات العمومية دون أن يحاسبهم أحد إلى حد أن المجلس الأعلى للحسابات أقبر كل التقارير المتعلقة بفساد النخبة السياسية بالجهة لأسباب مجهولة !!”.
وأردف: “يحدث هذا في الوقت الذي تواجه فيه أقاليم في الجهة، مثل جماعة الكنتور، التي ينتمي إليها المرحوم أيوب، معضلة الجفاف والفقر المدقع وانعدام الطرقات والبنيات التحتية والخدمات العمومية. ساكنة الحوز في ذات الجهة لازالت تعاني من تداعيات الزلزال ولا يزال بعض الناس يتجرعون مرارة البرد وتقلبات الطقس في خيام تفتقر لأدنى مقومات الحياة”.
وأشار الغلوسي، إلى أنه “في الجهة نفسها اعتقل موظف مكلف بالصفقات العمومية، قيل إنه يشكل العلبة السوداء ويملك أسرارا كثيرة، وتبين خلال البحث معه أنه أسس شركة لزوجته تحصل على صفقات من الجهة، وحركت ضده لوحده دون غيره مسطرة غسل الأموال وحجزت ممتلكاته، وبقي من يفترض أنه يعطيه الأوامر باعتباره مجرد موظف خارج دائرة المساءلة، رغم أن بعض الأشخاص الذين تعاقبوا على تدبير جهة مراكش آسفي، ظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش، ويمكن أن يكونوا موضوع بحث قضائي للاشتباه في غسل الأموال”.
واستدرك الحقوقي نفسه: “لكن لا شيء من ذلك حصل، لأنهم ينتمون إلى اللوبي الكبير الذي يدافع عن شيوع الفساد والإثراء غير المشروع، وهو نفس اللوبي الذي هاجم مؤسسة النزاهة ومحاربة الرشوة، ودافع عن منع الجمعيات من التبليغ عن الفساد!”، مشدداً على أن “لوبي الفساد وتبييض الأموال بالجهة، يدفع في اتجاه تعميق أسباب الاحتقان الاجتماعي ويعمق كل مشاعر الظلم والتمييز ويدفعون الناس إلى الكفر بكل شيء وفقد الأمل في المستقبل كما حدث مع الشاب المرحوم أيوب”.
ولذلك، يقول الغلوسي: “فإن الدولة مطالبة اليوم ودون تردد، بإيقاف نزيف الفساد والنهب واغتناء نخبة ومسؤولين على حساب المصالح العليا لساكنة الجهة، وذلك بإخراج تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للداخلية للوجود، وعلى الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية أن تحرك الأبحاث القضائية ضد بعض المفسدين الذين استغلوا مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة المشبوهة، وأن لاتترك نخبة سياسية متلهفة للمال والثروة تعمق الإحساس بالغبن والحكرة والظلم وتعرض مصالح الدولة والمجتمع للخطر”، مشدداً على أن هذه النخبة الفاسدة، تقوم بـ”كل شيء من أجل تهديد السلم والأمن والاستقرار، وهذا ما لا يجب السماح بحدوثه”.
تعليقات الزوار ( 0 )