شارك المقال
  • تم النسخ

اليوم الدولي للتعليم ودور “التنمية البشرية” في محاربة الهدر المدرسي وتجويد التربية

اليوم الدولي للمدرس الأهمية والغايات

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان يوم 24 يناير يوما دوليا للتعليم وذلك احتفاء بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلم والتنمية ،وأكدت منظمة اليونسكو انه بدون ضمان التعليم الشامل والمنصف وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع ،لن تنجح البلدان في تحقيق المساواة بين الجنسين وكسر دائرة الفقر التي من شأنها تخلف الأطفال والشباب والكبار عن الركب.

واليوم مازال 258 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس وهناك 617 مليون مراهق وشاب لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بعمليات الحساب الأساسية ويعتبر هذا اليوم بمثابة السنة الرايعة التي يحتفل بها العالم بهذا اليوم وهو فرصة لإصدار تقرير عالمي حول التعليم كم يعد فرصة ومنصة لعرض أهم التحولات التي يجب تطويرها بغية إنقاذ الحق الأساسي في التعليم وبناء مستقبل يتسم بقدر أكبر من الاستدامة والإدماج والسلم وكيفية توجيه التحول الرقمي ودعم المعلمين وصون كوكب الأرض ، والمغرب كغيره من البلدان التي عرف العديد من الإصلاحات والرؤى الإستراتيجية في مجال التعليم في السنوات الأخيرة ونجد من أهم هاته الإصلاحات إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لبرامج ذات استهداف ومجالات تدخل ترتكز في اغلبها على إصلاح الاختلالات التي عرفتها المنظومة التعليمية في المغرب.

المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ودورها في محاربة الهدر المدرسي وتجويد العملية التربوية
تعد المبادرة الوطنية التي أعلن فيها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ 18 ماي 2005 مشروعا اجتماعيا تنمويا وورشا ملكيا خاصا خلاقا ومبدعا و مفتوحا باستمرار وفلسفة رائدة تهدف إلى معالجة إشكاليات الفقر والإقصاء الاجتماعي والهشاشة ضمن استراتيجية شمولية ترتكز على البعد التراثي والمقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالحقل التنموي ، وقد جاءت المبادرة لتغيير أنماط العمل الاجتماعي في البلاد من خلال فتح أفق جديد يرتكز على تطوير القدرات البشرية ، فبناءا على التجارب السابقة و معرفة أفضل بظواهر الإقصاء والفقر ، فإن هذه المبادرة تعكس إرادة سياسية على أعلى المستويات في الدولة لترسيخ سياسة سريعة وفعالة في مكافحة الهشاشة والفوارق الاجتماعية، وقد جاءت لتقدم أيضا تغييرا نوعيا في الأسلوب ، لأنها ترتكز على مبادئ أساسية من قبل تحدي جيد للأهداف والمناطق والمستفيد ين أو إدماج سوسيو للتدخلات والبرامج مبادرة تستفيد من تمويل خاص ذو طابع مؤسسي.

وإذا كانت مختلف التدابير والإجراءات الحكومية التي عرفتها سنوات الستينات والسبعينات قد أعطتنا تراكمات سلبية خلقت فجوة كبيرة وأزمة ثقة بين الدولة والمجتمع وأدت إلى عجز اجتماعي على جميع المستويات آنذاك ، حيث أن نسبة الأمية كانت 40% ونسبة الفقر وصلت الى 13 ,7% في المجال القروي و 63% في المجال الحضري دون أن ننسى لأنه أكثر من 600 جماعة قروية وصلت نسبة الفقر فيها أكثر من 20% وأكثر من 360 وصلت فيها الى 30% كما أن 61% من الجماعات القروية آنذاك كانت لا تتوفر على أيةبنية اجتماعية باستثناء المدرسة والمستوصف.

وجاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كخطة تنموية استراتيجية مختصة من أعلى مستوى( ملك البلاد)لتجعل من تنمية العنصر البشري الهدف الاسمى من خلال أهداف استراتيجية نجملها فيما يلي:

  • الحد من الفقر و الهشاشة
  • تحقيق العدالة الاجتماعية عبر الرفع من مؤشر الدخل
    وقد خلص تقرير الخمسين سنة من التنمية البشرية إلى كون مستقبل المغرب يرتهن بمدى قدرته على مواجهة وتخطي خمسة بؤرهي المعرفة ، الاقصاء ، التكوين ، الاندماج والحكامة ، وفي معرض تحليله لواقع الحكامة بالمغرب وصل التقرير الى أن الحكامة في المغرب تشكو من خمس نقط أساسية هي:
  • وجود مركزية مفركة
  • وجود لا مركزية ترابية لا تتلاءم مع ضرورات التنمية المحلية
  • وجود وصاية ترابية تقوم مقام المنتج عوض دور التنسيق والرقابة.
  • غياب التكامل بين مختلف البرامج القطاعية.
  • ضعف دورالمؤسسات العمومية في التنمية.

وإذا كانت برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحاتها الاولى والثانية خلقت دينامية مهمة ساهمت من خلال إجراءاتها ومشاريعها النموذجية في خلق اقتصاد محلي بالإضافة الى مجال تدخلها في المجال الاجتماعي عبر التأسيس لمجموعة من المراكز الاجتماعية مثل مراكز الرعاية الاجتماعية ، ومدارس جما عاتية وبنيات تحتية ، لكن بالرغم من ذلك كانت هناك مجموعة من النواقص نجد ها من جهة أولى أن العديد من المصالح الخارجية اعتبرت أن المبادرة سياسة عمومية تحل محل القطاعات وليست رافعة وهو على العكس من ذلك المبادرة هي مشروع اجتماعي يروم تحقيق الالتقائية ويعتبر رافعة لتحقيق التنمية المحلية والرفع من مؤشرات التنمية بالمغرب وتحسين مرتبة المغرب في هذا المجال ومن جهة ثانية بالرغم من العدد الإجمالي الكبير للمشاريع التي أنجزت إلا أن ضعف المواكبة والتعتيم أثرت على سير وتدبير هاته المشاريع.

ومن جهة ثالثة اعتبر ضعف التكوين والتواصل لدى الفاعلين المحليين وكذا تسييس العديد من المشاريع حيث نجد باعتبار ان رئيس اللجنة المحلية في أجهزة الحكامة على المستوى المحلي كان هو رئيس الجماعة ، حيث أن شرعية الانجاز كانت ذات نظرة سياسية وليست نظرة تنموية مما أثر على السير العادي للمبادرة و كما ذكرنا سابقا لقد حقق ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية العديد من الانجازات كان لها وقع إيجابي على ظروف عيش الساكنة المستهدفة، وتأتي المرجلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله انطلاقتها يوم 19 شتنبر2018، حيث أشار الى أن هذه المرحلة ترتكز على مقاربةإرادوية متجددة تهدف إلى تحيصين وتعزيز المكتسبات مع اعادة توجيه البرامج سعيا للنهوض بالرأسمال البشري والعناية بالأجيال الصاعدة ودعم الفئات الهشة بالإضافةإلى اعتماد جيل جديد من المبادرات المذرة للدخل والمجددة لفرص الشغل.

ولتفعيل هاته المرجلة تم وضع أربعة برامج وهي على الشكل التالي :
البرنامج الاول: برنامج تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية الاساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا.
ويهدف هذا البرنامج الى مواصلة تنفيذ النسق المتعلق بالمبادرة في اطار برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والترابية والمجالية بالعالم القروي مع العمل على تدعيم الولوج للبنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمراكز القروية الأقل تجهيزا.

البرنامج الثاني مواكبة الاشخاص في وضعية هشاشة :
يهدف هذا البرنامجإلى محاربة الهشاشة وتحسين ظروف التكفل لفائدة أحدعشر فئة بدون موارد وذلك عبردعم الادماج السوسيو اقتصادي وحماية الطفولة والشباب.
البرنامج الثالث تحسين الدخل والاندماج الاقتصادي للشباب:
يسعى هذا البرنامج الى تعزيز فرص الشغل لفائدة الشباب وذلك عبر إنعاش الحس المقاولاتي الحس المقاولاتي إضافة الى اعتماد جيل جديد من المشاريع التي تساهم في تثمين الامكانيات والمؤهلات المحلية وذلك عبر مقاربة سلاسل الانتاج.

  • البرنامج الرابع : الذفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة:
    يسعى هذا البرنامج الى الاستثمار في الرأسمال البشري وذلك بالتركيز على المحاور التالية:
    المحور الاول: تنمية الطفولة المبكرة عبر تقوية نظام صحة الام والأطفال والمساهمة في محاربة سوء التغذية لدى الأطفال .
    المحور الثاني : دعم تعميم التعليم الأولي بالعالم القروي .
    المحور الثالث: دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي

    وذلك عبر تدعيم الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية وتحسين المحيط المدرسي وظروف التمدرس عبر فضاءات الإيواء والمطاعم المدرسية والنقل المدرسي.

    وقد أكدت المذكرة التوجيهية للمبادرة على أن نجاح المبادرة سيتم بشراكة مع جمعيات متخصصة ولها تجارب احترافية في هاته المجالات التي حددناها سابقا . واعتبر العديد من الخبراء في مجال التنمية البشرية على أن المرحلة الثالثة أشارت بوضوح من خلال محاورها إلى عمق المشاكل التنموية التي يعاني منها التنمية البشرية بالمغرب ومن شأن ذلك التحسين من مؤشرات النتائج و بالتالي سيكون له وقع وأثر اجتماعي كبير وذلك عبر تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمغرب وقد رصدت لهاته المرحلة الموارد التالية :
    البرنامج الأول: تعبئة المليار درهم على مدى 5 سنوات.
    البرنامج الثاني: 4 مليار درهم على مدى خمس سنوات.
    البرنامج الثالث: 4 مليار درهم على مدى 5 سنوات.
    البرنامج الرابع: 6 مليار درهم على مدى 5 سنوات
    انطلاقا مما سيق نخلص إلى مايلي :

    الخلاصة الأولى : أن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ركزت على الرأسمال البشري بكل مكوناته وقد أبانت هاتين السنتين من انطلاق هاته المرحلة عن حجم الانجازات المهمة في مجال التعليم الأولى الذي يعد اللبنة الأولي للدخول السلس إلى المدرسة كما أنه يعتبر بمثابة احد أهم الاولويات التي يمكن بها محاربة الهدر المدرسي.

    الخلاصة الثانية :أنه تم التركيز على دعم التمدرس وذلك بواسطة النقل المدرسي والدعم المدرسي في مادتي الرياضيات والفرنسية اللذين يعتبران مداخل أساسية لتجويد العملية التربوية ومحاربة الهدر المدرسي دون أن ننسى برامج الدعم الاجتماعي كبرنامج مليون محفظة والإطعام المدرسي.

    الخلاصة الثالثة :أن المرحلة الثالثة ركزت كذلك على مسالة التوجيه المدرسي والصحة المدرسية اللذان كانت محاور لاتعطى لها العناية اللازمة رغم أنها كانت موجودة.

    الخلاصة الأخيرة : أن هاته الإجراءات ومجالات التدخل يجب أن تواكبها سياسات عمومية معقلنة ورشيدة لأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لا تحل محل السياسات العمومية.

باحث قي مركز الدكتوراه مختبر بيئة.تراب.تنمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي