شارك المقال
  • تم النسخ

النموذج التنموي الجديد والدور المحوري لمكونات المجتمع داخل وخارج المغرب

لا حديث اليوم في المغرب إلا عن النموذج التنموي الجديد، وهي مبادرة تستحق التنويه، لكن إذا ما ترجمت على أرض الواقع، لا أن تظل رهينة الرفوف كما حصل لغيرها من المخططات والنماذج السابقة.

ولا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية إلا في شموليتها بإشراك مختلف مكونات المجتمع المغربي داخل الوطن وخارجه، وتجدر الإشارة هنا إلى مغاربة الخارج الذين يحولون حوالي 7 مليارات من اليوروهات سنويا إلى الوطن، ويشاركون بشكل مباشر وفعال في الدينامية السوسيو-اقتصادية، لكن تظل تمثيليتهم السياسية والثقافية محتشمة جراء طبيعة أداء المؤسسات والمجالس المعنية بمغاربة العالم.

إن مغاربة الخارج يشكلون رقما جوهريا في أي تنمية أو نموذج تنموي يقبل عليه المغرب، ما يقتضي إشراكهم الفعلي في هذه المبادرة، ليس باختيار حفنة من الأسماء والوجوه، التي لا تمت بصلة إلى واقع الهجرة الحقيقي،عادة عبر الوساطة! بل بالبحث الجاد عن الكفاءات المغربية الحقيقية التي تعمل في صمت، بعيدا عن أضواء الإعلام والسياسة. ويتطلب هذا وضع معايير موضوعية محددة لانتقاء الأسماء التي من شأنها أن تُسهم في تفعيل الدينامية الاقتصادية المغربية، تماما كما نفعل أثناء اختيار أفضل اللاعبين المحترفين لحمل القميص الوطني، فتخصص الميزانيات الهائلة لذلك، وتعين لجان متنوعة للسفر والتنقل عبر مختلف البلدان الأوروبية وغير الأوروبية، وزيارة الأندية، ومشاهدة المباريات، لكن عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، وهو عصب أي بلد، يقوم المعنيون بالأمر بانتقاء بعض الأشخاص بشكل خاطف وغير شفاف، وعادة ما يتم ذلك الأمر على أساس المعرفة والمحسوبية والزبونية.

هناك عنصر آخر سعتبر مفصليا وحاسما في نجاح أي نموذج تنموي، وهو الطبقة الاجتماعية المعوزة والهشة التي تعيش سواء في ضواحي المدن أو في المغرب العميق، فهي حاضرة على مستوى التصور والصورة، لكنها مغيبة في الواقع، كما يبدو في وسائل الإعلام وأسئلة البرلمانيين. فهي تحضر هنا ليس بكونها هدفا لذاته، بل بكونها وسيلة لأهداف أخرى لا تتعلق بمعاناتها ومشاكلها المختلفة من خصاص مهول في التطبيب والتمدرس وفرص العمل والبنى التحتية وغير ذلك.

إن حضورها في القنوات الإعلامية الرسمية لا يوظف إلا لملء مساحة زمنية معينة من البرامج، واستقطاب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، ثم تنسى بعد ذلك مباشرة. وهذا ما ينطبق أيضا على النقاش السياسي الذي عادة ما تُستعمل فيها هذه الفئة الهشة لأهداف إيديولوجية انتخابية محضة، وبعد ذلك تتبخر كل الوعود في انتظار الانتخابات القادمة ليتكرر المشهد نفسه! ولعل هذا ما جعل والي بنك المغرب يعترف على مضض بأن المغاربة أصبحوا لا يثقون في الأحزاب السياسية والمسؤولين، فهل هناك أكثر من هذه الشهادة التي أدلت بها شخصية خبيرة لها وزنها الكبير في الاقتصاد الوطني؟

باختصار تام، إن التنمية الحقيقية تبدأ من المغرب العميق ومن ضواحي المدن الفقيرة وتأخذ بعين الاعتبار كل مكونات المجتمع المغرب داخليا وخارجيا، إذا كنا نطمح حقا إلى “مغرب الغد” الذي يراهن عليه التقرير العام للنموذج التنموي الجديد. ما عدا ذلك من تنظيرات وتقديرات وندوات وبهرجة إعلامية وسياسية وفكرية لا يسمن ولا يغني من جوع! ولنا في عشرات المخططات والنماذج السابقة أدلة قاطعة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي