Share
  • Link copied

الموت كمدخل للنشأة الأخرى

الموت قدر كل حي  بل إنه قدر الكون  من النباتات والجمادات  والكواكب والنجوم ، لأن العالم انطلق من العدم واليه يسير ،  انطلق من اللاشيء في لحظة لازمكانية ، وانفجر متسعا كما ينتفخ البالون ،منذ لحظة الانفجار العظيم ،  وهو سائر حتما الى الانتثار والاندثار  والانهيار  ، فهل سينبثق عالم آخر  ،  يعود فيه الأحياء  للظهور  بشكل مختلف ومغاير  ام أن هذا  العالم مجرد انعكاس ومرآة للوجودالح ، وهل الانسان غاية هذا الوجود أم أن وجوده تافه وهو  موجود كوجود  حبات الرمال في الصحراء يأتي من العدم ويعود إليه بدون أدنى أهمية تذكر ، وهل العدم شيء أو لاشيء وفراغ ، ام هو رحم تتشكل فيه الاشياء ، ومن أين  يأتي هذا الوعي في المادة الصماء وفي هذا الكون الصامت ، أم أنه نتيجة التفاعلات المادية للذرات والجسيمات  المترامية عشوائيا في أطراف هذا  الكون الفسيح ، هل امتلكت الحياة في الزمن السحيق عقلا آمرا  ، ام  خرج الوجود صدفة نتيجة تفاعلات كيميائية نتيجة مواد أولية  بدون تخطيط وعقل  متقن جبار   اخرجها من الظلام الى النور ، من أين يأتى الوعي متدرجا ومن أين يتشكل العقل  ، وهل يوجد الوعي خارج الدماغ  ام هو موجود داخله بشكل متلازم  وينعدم الوعي بالعالم والأشياء ، في حالة هلاكه وتلفه وموته , ام هو مرتبط بالنفس يذهب معها حيث ذهبت ويسكن مقترنا بهأ في أي صورة وجودية اثيريه وجدت أو كما سماها حجة الله البالغة الدهلوي بالنفس المتوهمة.

  وهل يمكن أن تنتج العشوائية النظام  أو ما قد يبدو أنه نظام ، ام أن النظام يظهر  نظاما ، (سيستام )  بحكم العادة  والتسلسل  ويكتسب العلية بالترادف والتوالي ، خلال الأزمنة الطويلة ، ويصبح نظاما ، يتوهم العقل انه يخضع للأسباب والمسببات ، والعلل والمعلولات ،  ام ان العقل مستقل عن المادة ويتدرج  من عالم الحيوان إلى الإنسان ليتحول عقلا منطقيا يزن الأشياء ويعيها  ويطورها من البساطة الى التعقيد ، هل هذا العقل الكلي والإرادة المطلقة خارج الزمان والمكان هي من أطلقت شرارة الوجود ، وخلقت الانسان على صورتها وأنه مرءاتها ، وان الخالق بالعشق  والحب أفاض العالم من الكمون  الى الظهور والعيان ، ولذلك كان الكون انسانا كبيرا والانسان كونا صغيرا ، وهل تنطفأ شمعة الحياة عند  كل واحد منا بالموت نهائيا أم أنها تشتعل بنار أخرى وزيت آخر  وبشكل آخر، في نشأة أخرى.

وما قيمة الحياة إذا كانت ستؤول الى العدم المحض ، لم العلم والعالم ، ولم التاريخ والعمران والحظارات ، ولم  الحب والكره ، لم الحياة إذا كانت كل هذه الملايين من السنين الماضية بدون غاية أو فائدة وإذا كان الكل  سيغرق في بئر النسيان ،  سيكون عبثا ان نعيش إذا كنت ساتحول بعد موتي الى كثلة مادية تتحلل في التراب  أم أنه الواقع الذي لا يرتفع ، ام   ان الرغبة في الخلود مجرد حاجة نفسية تفاؤلية تعطي للانسان غائية  الوجود هي غير  كائنة، على الحقيقة لكي يستطيع الاستمرار في العيش بهذا الوهم الجميل لأنه لا يستطيع عقله تخيل انعدامه انعداما محضا وموتا نهائيا  ، ولكن أين ستمضي قصص الأفراد وحكاياتهم. واحلامهم وشرورهم. ، وخيرهم واعمالهم. واين سبستطيع المظلومين اخذ حقهم من الظالمين والفقراء حقهم من الأثرياء ، والضحايا الأبرياء حقهم من المجرمين حتى تتحقق العدالة الكونية   ام   هل كل هذه الهلاوس مجرد احلام طوباوية تعويضية  ستؤول الى الفراغ .

 ليس معقولا أن تكون النهاية على هذه الصورة لاشك أن الموت  هو نزع لباس الجسمية  وانه مجرد لحظة  انتقال آخر في نشأة اخرى يستيقظ  فيه الاموات على الوجود الحقيقي  الذي ستلبس فيه الروح جسدا اثيريا شفافا  تتوافق مع ما كان عليه كل انسان من افعال وأعمال في النشاة الدنيوية يقول المفكر الامريكي وليام تشيتيك إنه عندما تدخل  النفس البرزخ بعد الموت تكتسب  رؤية اوضح لمقامها وتفهم ان الجسد الذي تخلت عنه لم يكن الا حجابا وغطاءا .وفي ذلك يقول الله تعالى :(فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) صدق الله العظيم  يقول الشيخ الأكبر اين عربي ، إن مدة البرزخ هي النشاة الآخرة بمنزل حمل المرأة  الجنين في بطنها ينشئه الله نشأة بعد  نشء فتختلف عليه اطوار النشأ  الى ان يولد نشأة آخرى يوم القيامة ، مصداقا لقول الرسول ص في الحديث الشريف الذي رواه مسلم :(الناس نيام إذا ماتوا استيقظوا.

إن الموت عند هيدغر  تجربة ذاتية محضة إنه إمكانية بالغة الخصوصية تماما فهو يقول ان لا احد سيموت بدلا عني ولا احد سيبعده  عني ، …فإني انسان موشوم بالتناهي  في كل لحظة من حياتي فبمجرد أني جئت إلى هذه الحياة  فإني جاهز للموت في الحقيقية إنني أحيا موتي في كل لحظة كأني أسير إليه ويسير إلي فالموت قابع داخل الوجود و ما أبلغ باروخ سبينوزا وهو يقول ان  العقل البشري لا يمكن تدميره بصورة مطلقة مع الجسم. لكن ثمة شيئاً خالداً يبقى منه، وهي نفس الإحالة على ارتقاء الوجود الآخر إلى حياة أعذب وأبهى.التي عبر عنها  ديكارت: “أعتقد أنني أعرف بوضوح بالغ أن الأنفس تبقى بعد الجسم، وأنها قد ولدت من أجل ضروب للفرح والغبطة أعظم كثيراً من تلك التي نتمتع بها في هذا العالم، وأنني لا أستطيع التفكير في أولئك الذين ماتوا إلا باعتبارهم ينتقلون إلى حياة أكثر سلاماً وعذوبة من حياتنا، وإننا سننضم إليهم يوماً ما، حاملين معنا ذكريات الماضي، ذلك لأنني أتبين فينا ذاكرة عقلية من المؤكد أنها مستقلة عن الجسد.

أعتقد أن الموت  لحظة كشف للغطاء  ونزع للحجاب كأنه سفر  وولوج الى عالم أثيري شفاف ،ونشاة أخرى، يبعث فيه الناس على ما كانوا عليه من اعمال وافعال ،  .وليس عدما محضا ،  قال الله تعالى : “يومئذ يصدر الناس أشتاتا  ليروا، أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا بره ، ومن بعمل مثقال ذرة شرا يره “. صدق الله العظيم.

Share
  • Link copied
المقال التالي