قالت صحيفة “موند أفريك” الفرنسية، إن المغرب يشهد تحولًا استراتيجيًا في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، حيث أصبح ركيزة أساسية في السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا وأوروبا.
وتجسد هذا التوجه من خلال تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، في وقت يشهد فيه الدعم الأمريكي لحلفاء الناتو في أوروبا، وكذلك لأوكرانيا، بعض التراجع.
تعزيز التعاون العسكري: المغرب يخطو نحو قوة إقليمية
وفي 5 مارس 2025، احتضنت القاعدة الجوية الأولى للقوات الملكية الجوية في سلا حفل تسليم أول دفعة من مروحيات “أباتشي AH-64E” الهجومية، والمكونة من ست وحدات، ضمن طلبية تشمل 36 مروحية.
وحضر الحفل كل من الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، والقائمة بأعمال السفارة الأمريكية بالرباط، إيمي كوترونا.
وخلال الحفل، أكد الجنرال لانغلي أن هذه الخطوة تمثل قفزة نوعية للمغرب في تعزيز قدراته الدفاعية، ما يعزز مكانته كحليف رئيسي للولايات المتحدة خارج الناتو.
من جانبه، شدد الجنرال محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، على أن هذه الصفقة تندرج ضمن شراكة استراتيجية قوية ومتجذرة بين الرباط وواشنطن.
قلق إسباني: ميزان القوى يتغير
ولم تمر هذه الخطوة دون أن تثير ردود فعل في إسبانيا، حيث عبرت وسائل إعلام إسبانية، مثل “إل إندبندينتي” و”لا رازون”، عن قلقها من تعزيز الترسانة العسكرية المغربية، معتبرة أن حصول الرباط على مروحيات “أباتشي” يكشف عن نقطة ضعف في القدرات العسكرية الإسبانية، لا سيما في مجال الطائرات المروحية.
أفريكوم إلى القارة الإفريقية؟
وفي خطوة أخرى تعكس التحولات الجيوسياسية الجارية، كشفت صحيفة “لا رازون” الإسبانية في الأول من فبراير 2025 أن الإدارة الأمريكية تدرس إمكانية نقل مقر القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) من شتوتغارت بألمانيا إلى مدينة القنيطرة.
وسبق أن طُرحت فكرة نقل المقر إلى قاعدة “روتا” في إسبانيا، لكنها فقدت جاذبيتها مع التوجهات الجديدة لواشنطن.
ويعزز المغرب دوره كمحور عسكري إقليمي من خلال استضافة تدريبات عسكرية مشتركة مثل مناورات “الأسد الإفريقي”، التي تُعد من بين الأكبر على مستوى القارة الإفريقية.
وقد احتضنت مدينة أكادير في الفترة من 24 إلى 28 فبراير الاجتماع النهائي للتحضيرات الخاصة بالنسخة الحادية والعشرين من هذه المناورات، المقرر إجراؤها بين 12 و23 ماي 2025 في عدة مدن مغربية.
واشنطن تعزز حضورها الدبلوماسي في الرباط
ولا يقتصر التقارب المغربي الأمريكي على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى المجال الدبلوماسي أيضًا. فقد أعلن الرئيس ترامب في 8 مارس 2025 عبر منصته “تروث سوشيال” تعيين ديوك بوتشان الثالث سفيرًا للولايات المتحدة لدى المغرب.
ويُعرف بوتشان بولائه القوي لترامب، وشغل سابقًا منصب سفير واشنطن في إسبانيا وأندورا بين عامي 2017 و2021.
وفي السياق ذاته، كشفت مجلة “بوليتيكو” أن جون بيتر فام، الخبير البارز في الشؤون الإفريقية والداعم القوي للمغرب، قد يكون مرشحًا لمنصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون إفريقيا. وإذا ما تأكد هذا التعيين، فإنه سيمثل تحولًا مهمًا في السياسة الأمريكية تجاه القارة السمراء، مع التركيز على المغرب كشريك استراتيجي رئيسي.
وأشارت القصاصة ذاتها، إلى أن مجمل هذه التحركات تعكس تحولًا في الرؤية الأمريكية تجاه المنطقة، حيث يبدو أن واشنطن تراهن على المغرب كشريك أساسي في استراتيجيتها لإعادة تعزيز نفوذها في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا.
تعليقات الزوار ( 0 )