في تطور جديد يضيف طبقة إضافية من التعقيد إلى العلاقات الجزائرية-التركية، تشير تقارير إلى أن دعم الجزائر الأخير للحركات الانفصالية الكردية في منطقة “روجافا” السورية قد أثار غضب الحكومة التركية.
ويهدد هذا الدعم، الذي تجلى في استضافة نشطاء كرد في منطقة تندوف، بإلحاق أضرار جسيمة بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتي تعتبر تركيا فيها شريكًا استراتيجيًا للجزائر.
وأظهرت الجزائر دعمًا واضحًا للحركات الكردية الانفصالية، حيث رفعت أعلام “روجافا” إلى جانب أعلام البوليساريو في حدث نظمته الأخيرة في تندوف.
ويعكس هذا التحرك، الذي تم تحت إشراف الجيش الجزائري، تحولًا في السياسة الخارجية الجزائرية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية مع تركيا، التي تعتبر القضية الكردية أحد أبرز ملفاتها الأمنية.
من جهتها، تعتبر تركيا أن دعم الجزائر لهذه الحركات يمثل تدخلًا في شؤونها الداخلية، خاصة أن أنقرة تعتبر هذه الجماعات إرهابية.
وقد أدى هذا الدعم إلى تفاقم التوترات بين البلدين، والتي كانت قد بدأت منذ انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، الحليف التقليدي للجزائر.
وتركيا هي أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للجزائر، حيث تستثمر أكثر من 22 مليار دولار في قطاعات استراتيجية مثل الصلب، السيارات، الزراعة، الأغذية، والأجهزة الكهربائية. كما تعمل أكثر من 1,500 شركة تركية في الجزائر، وتنفذ 636 مشروعًا كبيرًا.
وفي حال قررت تركيا الانسحاب من هذه القطاعات، فإن ذلك سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة على الجزائر، التي تعاني بالفعل من تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك الاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز. وفقدان الاستثمارات التركية قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، تراجع النمو الاقتصادي، وتفاقم الأزمة المالية.
وعلى الرغم من التوترات السياسية، حاولت تركيا الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع الجزائر. ففي عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 6.3 مليار دولار، مع طموح لرفعه إلى 10 مليارات دولار. كما أن تركيا هي أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر خارج قطاع الهيدروكربونات.
ومع ذلك، فإن الدعم الجزائري للقضية الكردية قد يعيد تشكيل هذه العلاقات. فتركيا، التي تعتبر نفسها قوة إقليمية صاعدة، قد ترد على هذا الدعم من خلال فرض عقوبات اقتصادية أو سحب استثماراتها، مما سيزيد من حدة الأزمة بين البلدين.
وفي ظل هذه التوترات، يبقى السؤال: هل يمكن للجزائر وتركيا فصل السياسة عن الاقتصاد؟ بينما تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في شمال إفريقيا، تحاول الجزائر الحفاظ على دورها كقوة إقليمية. ومع ذلك، فإن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى انهيار العلاقات الثنائية، مما سيكون له تأثيرات سلبية على كلا البلدين.
ويضع دعم الجزائر للحركات الكردية الانفصالية العلاقات الجزائرية-التركية على حافة الهاوية. في حين أن التوترات السياسية قد تكون حتمية في ظل الخلافات الإقليمية، فإن العواقب الاقتصادية المحتملة لانسحاب تركيا من السوق الجزائرية ستكون كارثية.
تعليقات الزوار ( 0 )