شارك المقال
  • تم النسخ

اللعبة السياسية تشتعل قبل الانتخابات.. واستقالات بالجملة من أحزاب والتحاق بأخرى

شهدت الساحة السياسية المغربية، خلال الأيام الأخيرة، اشتداد الصراع بين الأحزاب السياسية وقياداتها، وبروز خطاب سياسي خاص بالمرحلة، حيث يتراشق عدد من أمناء الأحزاب السياسية، فيما بينهم عبر لمنابر الاعلامية وعبر تصريحات متفرقة، خلال الندوات والنقاشات السياسية التي تنظمها هيئات مدنية.

كما عرفت المشهد السياسي، مؤخرا ظهور موجات كبيرة من الهروب الكبير لشخصيات سياسية معروفة من أحزاب وهرولتها إلى أحزاب أخرى، في سياق متصل باقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي لا يفصلنا معها سوى القليل، والكثير من الخطاب السياسي و’’الشعبوية التي طغت على السطح’’.

ووفق ما عاينه منبر بناصا، فإن العديد من الوجوه السياسية، تسعى خلال الفترة الحالية إلى البحث عن موطئ قدم بين كبار الساسة المغاربة، من أجل مقعد برلماني مريح أو رئاسة جهة أو مجلس جماعي بإحدى المدن الكبرى، بعيدا عن الانتماء الحزبي، حيث أصبح من الطبيعي هرولة ساسة من أحزاب من أقصى اليمين إى أقصى الشمال، والعكس كذلك، مما يضعنا أمام ظاهرة موسمية تجعل من السياسة مجالا للبحث عن الربح والمصلحة، بعيدا عن أي برنامج سياسي معين.

وفي ذات السياق، قال خليل اللواح، الأستاذ الباحث بجامعة عبد المالك السعدي في تصريحه لمنبر بناصا إن ‘’الترحال السياسي أو الميركاتو الانتخابي يعتبر ظاهرة مُقيتة ومنبوذة، تسيء للعمل السياسي عامة والعمل الحزبي خاصة، لما تخلقه من نفور لدى المواطنين من الفعل السياسي من جهة، وما تُكرسه من ممارسات دخيلة على النبل والأخلاق السياسية من جهة أخرى. وهو مشكلة ثقافية وأخلاقية قبل أن يكون مشكلة سياسية، ارتبط بتضارب وتنافر مصالح الأحزاب ومنخرطيها وأحيانا تقاطعها، في فضاء حزبي يؤمن بالزبونية والمحسوبية والريع السياسي كصور مُعبرة للفساد الحزبي’’.

وأكد الأستاذ الجامعي على أنه ‘’كلما اقتربت الانتخابات، لاسيما وأن سنة 2021 هي سنة انتخابية بامتياز، إلا وأصبح هذا الترحال فعلا مألوفا في سياق البحث عن محترفي النجاح الانتخابي من طرف الأحزاب السياسية؛ طبعا المُؤمنة بهذا الفعل الذي تعتبره استراتيجية سياسية للاستقطاب لتقوية حظوظ الظفر بالمقاعد’’.

خليل اللواح: المغرب حارب ظاهرة الترحال السياسي عبر ثلاث مراحل

‘’وبقراءة تاريخية لهذه الظاهرة المُسيئة للديموقراطية، يمكن القول إن المغرب تفاعل سبيل في محاربتها عبر ثلاث محطات أساسية؛ بما تعنيه هذه المحطات من أنه احترم منطق التدرج لتشجيع الممارسة السياسية على حساب التصدي لها منذ بداية الحياة السياسية مع أول دستور سنة 1962’’ يؤكد الأستاذ الجامعي.

مبرزا في ذات السياق، أن المحطة الأولى، امتدت من الاستقلال حتى سنة 1998، تميزت بالسعي لبناء مغرب قوي بأحزابه، ظل طموحه أكثر من محاربة ظاهرة الترحال السياسي، لاسيما مع الدستور الأول لسنة 1962 والدساتير اللاحقة لسنوات 1970-1972- 1992-1996؛ أقرت كلها بمبدأ التعددية السياسية المبني على حرية الاختيار والانخراط في الأحزاب السياسية دون منع أو تقييد لحرية الانتقال من حزب لأخر لتشجيع الفعل السياسي والجزبي.

مؤكدا على أن المحطة الثانية، الممتدة بين سنة 1998 و سنة 2011، شهدت تشكل وعي جماعي لمحاربة هذه عبر إجراءات تشريعية، لاسيما وأنها بدأت تأخذ أبعادا مُقلقة، بما جعل مجلس المستشارين يأخذ سنة 1998 المبادرة لمناقشة ظاهرة الترحال السياسي في نظامه الداخلي باعتبارها عائقا قويا لتطور الحياة الديموقراطية السليمة؛ غير أنه كان للمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية حاليا) رأي مخالف لإرادة الغرفة الثانية؛ إذ أقر في قراره بعدم دستورية تضمين منع الترحال السياسي في نظامها الداخلي.

مبرزا في ذات السياق أن موضوع الترحال السياسي سيعود إلى واجهة النقاش العمومي عبر صدور قانون الأحزاب السياسية 36.04 لسنة 2006 بمقتضيات تحد من الترحال من خلال ما رتبته من جزاءات مالية عند ثبوت واقعة الترحال السياسي بالنسبة لأعضاء مجلسي البرلمان دون منتخبي الجماعات الترابية والغرف المهنية.

مشيرا إلى أن المحطة الثالثة، التي بدأت سنة 2011، تبعا لسياق الربيع العربي وما تمخض عنه من إصلاح دستوري مهم؛ جاء الدستور المغربي لسنة 2011 ليقطع الشك باليقين من خلال الفصل 61 منه الذي وضح حدا قاطعا للترحال السياسي، بتجريد من تخلى عن الانتماء السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان.

‘’كما شهدت هذه المرحلة بعد تبني الدستور الجديد جملة من الإصلاحات المرتبطة بالحياة السياسية، ابتداء من مراجعة الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان في اتجاه مناهضة الترحال السياسي، إلى مراجعة محورية للقانون 36.04 الذي أبان عن محدوديته وقصوره في معالجة بعض الإشكالات؛ وهو ما تنبه له المشرع المغربي عبر تضمين القانون التنظيمي الجديد رقم 29.11 سنة 2011 المتعلق بالأحزاب السياسية لمواد تمنع بشكل صريح الترحال السياسي سواء بالنسبة لأعضاء مجلسي البرلمان أو الجماعات الترابية أو الغرف المهنية، مع ما اقتضاه الحال من ضرورة تنظيم مسطرة التجريد من العضوية بسبب الترحال السياسي بالنسبة لمجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية بمقتضى تعديل جديد للقانون التنظيمي 29.11 من خلال القانون التنظيمي رقم 33.15 الذي أسند الاختصاص في طلب التجريد للقضاء الإداري على نحو مختلف مع أعضاء مجلسي البرلمان حيث الاختصاص معقود للقضاء الدستوري’’. يقول الأستاذ الجامعي خليل اللواح.

المحطات الثلاثة تبقى غير كافية لمحاصرة ظاهرة الترحال السياسي

وقال اللواح في حديثه لمنبر بناصا إنه ‘’انسجاما مع هذه الترسانة القانونية المحاصرة لظاهرة الترحال، عملت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بمختلف مستوياتها الثلاثة على إدراج هذا المنع المرتبط بالترحال في صلب مضامينها، بما يضفي الإجماع القانوني على محاربة هذه الظاهرة المُناهظة لتطور الممارسة الديموقراطية السليمة’’.

واختتم حديثه بأنه ‘’لا شك أن هذه المحطات الثلاثة تبقى غير كافية لمحاصرة ظاهرة الترحال السياسي، طالما لا يوجد ميثاق أخلاقي ملزم للأحزاب السياسية للانخراط بشكل جدي في محاصرة هذا الفعل السياسي المُشين، بعيدا عن المنطق الانتخابي المُؤمن بالمقاعد على حساب التطور السليم للحياة السياسية’’.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي