Share
  • Link copied

الغالي: الدستور المغربي لم ينص على حالة الطوارئ لكنه ألقى على عاتق السلطات ضمان سلامة السكان والتراب الوطني

ميز محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، حالة الطوارئ الصحية ليست هي حالة الحصار.

وقال الغالي، في حوار مع جريدة بناصا، بأن الدستور المغربي نص على حالة الحصار و ضمنها في الفصلين 49 و 74 من دستور 2011. بينما حالة الطوارئ لا ينص عليها أي مقتضى دستوري.

وذهب أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى أن الدستور المغربي لم ينص على حالة الطوارئ لكن في المقابل ألقى على عاتق السلطات العمومية ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني

الحوار مع الأستاذ محمد الغالي تطرق إلى قضايا أثارت نقاشا بين الباحثين في القانون الدستوري بخصوص الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المغربية إزاء جائحة “كورونا”.. !

إليكم الحوار كاملا...

كيف يمكن تعريف حالة الطوارئ من وجهة نظر دستورية وقانونية؟

تعني حالة الطوارئ من وجهة النظر الدستورية والقانونية مختلف الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة في حالة حدوث أمر يستدعي تدخلا مستعجلا، أملته ظروفا استثنائية، جانبية وغير متوقعة ذات تداعيات مدمرة على أمن وسلامة الأشخاص و الأملاك بيئيا، صحيا، غذائيا.. وقد تمس الإجراءات المتخذة بالحقوق والحريات المتعارف عليها دستوريا، والتي لا يمكن الحد منها إلا بقانون (مثل حرية التجول، حرية الصحافة..).

طيب، في نظركم هل تتشابه حالة الطوارئ الصحية مع حالة الحصار وأين يكمن التشابه والفروق؟

حالة الطوارئ الصحية ليست هي حالة الحصار. فالدستور المغربي نص على حالة الحصار و ضمنها في الفصلين 49 و 74 من دستور 2011. بينما حالة الطوارئ لا ينص عليها أي مقتضى دستوري.

ونقطة الالتقاء بينهما هي اتخاذ إجراءات من شأنها الحد من الحريات والحقوق التي تهدف إلى حماية النظام (مثل اعلان حظر التجول، التعبئة الوطنية الشاملة، مراقبة وسائل الإعلام،..) والعمل على تحصينه من ارتدادات عدم الاستمرارية  و عدم الدوام  مع تسجيل حدة في الإجراءات المتخذة إذا كان الوضع محكوما بالحصار.

والفرق الأساسي  بينهما يكمن في حضور الجيش في تولي مقاليد الأمور عندما تكون حالة الحصار حيث يصبح الجيش يعوض رجال الأمن العام، و تعوض المحاكم المدنية بمحاكم عسكرية..

هنا أستاذ الغالي هناك من يتساءل عن الجهة الدستورية في المغرب التي يمكنها أن تقرر حالة الطوارئ خصوصا وأن في دول كثيرة رؤساء الدول والبرلمانات هي من تقررها وتزكيها؟

كما تمت الإشارة، الدستور المغربي لم ينص على حالة الطوارئ لكن في المقابل ألقى على عاتق السلطات العمومية ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني (الفصل 21 من الدستور) وحتى الفصل 31 من الدستور أكد على دور مؤسسات الدولة المركزية واللامركزية في تحقيق العلاج والعناية الصحية وكذا تحقيق الحماية الاجتماعية للجميع. لكن هذه الإشارات تبقى عامة ولا تفصل ما إذا كانت ممارسة الأدوار تتعلق بحالة عادية أو غير عادية.

وعليه فإن الإعلان عن حالة الطوارئ يبقى من اختصاص السلطة القريبة والقادرة على التفاعل المباشر فيما يزكي التغلب على مخاطر الوضعية السلبية وتداعياتها وهي الحكومة مع لعب البرلمان لدوره في التيسير بحسب متطلبات الضرورة، والتسديد المحسوب الذي لا يجعل من فرض قيود على الحقوق والحريات ذريعة للتهرب من ممارسة الواجب والانتقال إلى الوضع العادي في أقرب وقت ممكن….

ما هي الشروط القانونية الواجب توافرها في مقرر إعلان الطوارئ من جهة الإجالات والفاعلين المتدخلين فيها؟

قبل صدور مرسوم القانون رقم 2.20.292 المنظم لحالة الطوارئ الصحية كان هناك فراغ في هذا المستوى، لكن مع صدور المرسوم اتضحت الأمور، والآن أصبح للسلطة الحكومية المعنية  (قد تكون وزارة الصحة أو الفلاحة أو الداخلية بحسب الخطر المهدد لسلامة الساكنة ) باتخاذ تدابير استعجالية تقتضيها ظروف طارئة أن تصدر مرسوم يحدد النطاق الترابي للتطبيق ومدة سريان مفعول حالة الطوارئ والإجراءات الواجب اتخاذها، ثم إمكانية إقرار مقررات تنظيمية وإدارية في الموضوع..

هل هناك سوابق لحالة الطوارئ في المغرب، وهل يمكن اعتبارها شكلا من أشكال حالات الاستثناء؟

لقد عرف المغرب مجموعة من المخاطر عبر التاريخ نتيجة انتشار أوبئة أو حروب أو جفاف أو غيرها مما دعا إلى اعلان  التعبئة العامة لمواجهتها، ليس بنفس البناء المؤسساتي الحالي، ولكن دارت بحسب الإمكانات المؤسساتية التي كانت متوفرة آنذاك.

وبالنسبة لحالة الاستثناء نص عليها الفصل 59 من الدستور، وسياق إعلانها يتعلق بتهديد حوزة التراب الوطني، أو وقوع أحداث تهدد سير المؤسسات الدستورية. ويعتبر الملك السلطة الوحيدة المكلفة دستوريا بإعلانها بعد أعمال الإجراءات المطلوبة لذلك.

ألا يمكن ان نقول أن المجلس الوزاري هو من عليه الاضطلاع باعلانها وترسيمها بالنظر إلى اختصاصاته الكبرى الاستراتيجية والسياسية العامة؟

الدستور من خلال الفصل 49 أعطى للمجلس الوزاري اختصاص التداول في موضوع إعلان حالة الحصار وعليه في سياق تبادل الأدوار وتوزيعها وتحقيق نوع من التكامل والتعليم والالتقائية في تدبير المخاطر بناء على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

فلعب السلطة الحكومية المعنية بموضوع الأزمة لدور في الموضوع يعتبر محددا في إطار مناخ التعاون بين مختلف المؤسسات الدستورية تحقيقا للمصلحة العامة..

طيب، ولكن لماذا في نظركم، أستاذ الغالي، لم يعلن عن حالة الطوارئ بواسطة ظهير ملكي أو مقرر في المجلس الوزاري مع العلم أن تدخل الجيش اختصاص حصري للملك؟

أعتقد بأن الجيش يلعب دور ميسر ومساعد في هذه العملية ولا يلعب دور الحلول محل الأجهزة الأمنية الأخرى أو محل القضاء. فلو كان الأمر كذلك لتم الإعلان عن حالة الحصار طبقا لمقتضيات الفصل 74 من الدستور بظهير. وهكذا سيحل الجيش محل الأمن العام وستعوض المحاكم العسكرية المحاكم المدنية.

لكن لحد الآن الأمور لم تصل إلى مستوى يفرض اعلان حالة الحصار،  بل فقط حالة طوارئ صحية، يحاول عبرها الجميع أن يتعاون، لأن الجائحة الكورونية تهدد مركز الجميع من حيث أمن وسلامة مكوناته..

نعم، فما هو دور القضاء في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أثناء سريان حالة الطوارئ فيما يتعلق باحترام الحريات والحقوق الأساسية التي يقرها المغرب في الدستور أقرتها المعاهدات الدولية التي صديق عليها المغرب د خصوصا هناك من يقول أن القضاء يكون مقيدا فقط في حالة الطوارئ حيث الأحكام العرفية والقرارات الشبه عسكرية؟

دور القضاء هو تطبيق القانون وما دام المرسوم بمثابة قانون تحت رقم 2.20.292 قد صدر بالجريدة الرسمية ويحدد الأعمال التي تعتبر مخالفة للقانون بالنظر إلى الظرفية الطارئة، فهذا القلق الذي يبقى مشروعا لم تعد له حجية قانونية، خصوصا وأن مبدأ العدالة يقتضي احترام القانون لان في احترامه سنتحقق سلامة وأمن الجميع  خاصة وأن التقارير الدولية وخاصة تقارير منظمة الصحة العالمية ولوائحها التنظيمية الصادرة عنها تؤكد على ضرورة الإجراءات الاحترازية في مواجهة مثل هذه المخاطر الصحية، مما يعني ان الموقف سليم من حيث احترام الالتزامات الدولية للمملكة والتي تتعلق أساسا بضمان سلامة الساكنة وأمنها بحسب ما تقتضيه نظرية الظروف الطارئة.

Share
  • Link copied
المقال التالي