شارك المقال
  • تم النسخ

العمّال المسرّحون.. معاناةٌ في الظلِّ ومطالبٌ محتشمةٌ بـ”الحقّ الضّائع”

عَقِبَ إعلان الحكومة لحالة الطوارئ الصحية، في النصف الثّاني من شهر مارس الماضي، وسنّها لمجموعة من التداريب والإجراءات الوقائية، لمواجهة فيروس كورونا المستجد، مع اتّخاذها لقرار إغلاق كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمهنية غير الضرورية للعيش اليومي للمواطنين؛ توقفت مجموعة من شركات البناء عن العمل.

ورغم أن المقاولات المتخصصة في البناء، لم يشملها قرار الإيقاف، وهو ما أكده وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت داخل قبة البرلمان، إلا أنها قررت التوقف عن العمل لغاية تحسن الوضعية الوبائية، ما أرجعه البعض إلى الخوف من تفشي فيروس كورونا، خاصة أنه كان في بدايته، وحالة الهلع والرعب كانت سائدة وقتها في صفوف المغاربة.

واستغلت مجموعة من الشركات إعلان الحكومة لحالة الطوارئ الصحية، من أجل تسريح عمّالها، وتقليص نفقاتها، لكي تتفادى الإفلاس في المرحلة الاستثنائية التي تمر بها المملكة، بل إن الكثير منها لم تقم بتعويض المسرّحين، وفق ما تنص عليه القوانين المعمول بها في سوق الشغل المغربي.

وعقب هذا الوضع، اضطر مجموعة من العمّال المسرّحين، الذين يعيلون أسراً مكونةً من عدّة أفرادٍ، إلى البحث عن مصدر جديد للرّزق خلال فترة تفشي فيروس كورونا، حيث توجه أغلبهم إلى الأنشطة الفلاحية، نظراً لأنها القطاع الوحيد الذي يمكن أن ينقذهم من “شبح الجوع”، وفق تعبير أحد المتضررين.

وفي هذا السياق، قال يوسف، وهو عامل بناء، جرى فصله خلال مارس الماضي، في تصريحه لجريدة “بناصا”، إنه توجه للفلاحة وجني الفواكه بداية بالمنتوجات الربيعية ثم الصيفية فالخريفية، مردفاً ومؤخراً بدأت في بيع التين الشوكي.

وحاول يوسف، وفق إفادته، وموازاةً مع البحث عن مصدر رزق بديل، _حاول_ مطالبة الشركة بمنحه التعويضات المترتبة عن قرار الفصل الذي تعرض له عن العمل، حيث أشار إلى أنه كان يعمل في إحدى شركات البناء بإقليم الحسيمة، منذ سنة 2017، غير أنه تفاجأ في النصف الثاني من شهر مارس الماضي، بطرده من العمل، دون منحه أي تعويضات.

وأضاف يوسف القاطن بجماعة بني بوفراح بإقليم الحسيمة، بأن الشركة التي يعمل بها، قامت بطرده رفقة ثلاثة أشخاص آخرين، ولم تعوضهم مكتفيةً بتسديد مستحقات العمل فقط، وهو ما دفع المتضرر إلى رفع شكاية لدى المحكمة الابتدائية بمدينة تارجيست، على أمل استعادة حقه “المسلوب”، وفق تعبيره.

وتابع المتحدث نفسه، بأنه قرر برفقة زملائه المتضرّرين، التوجه إلى مسؤول الشركة “من أجل التوصل لحل توافقي ينهي النزاع بيننا، حيث طلبنا منه، في حال كان معتزماً على طردنا بشكل نهائيّ، منحنا التعويضات التي ينص عليها القانون، غير أنه رفض بشكل قاطع، وقال لنا: ارفعوا شكوى قضائية ضدي (سيرو تشكيوة)”.

وبالرغم من أن يوسف، لم يوضح نوع العقد الذي كان يربطه بالشركة المعنية، إلا أنه يصرّ على أن طرده كان “تعسفيا”، ويقتضي تعويضه، علما أن القانون الجاري به العمل في سوق الشغل بالمغرب، ينص على تعويض الشخص المطرودِ عن الضرر، والفصل، والإخطار، بالإضافة إلى تعويض فقدان الشغل الذي يقدمه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وجاء في الشكاية التي تقدم بها يوسف إلى محكمة تارجيست، بأنه بدأ في العمل مع الشركة التي تتخذ من حي سيدي عابد بالحسيمة مقراًّ لها، وتشرف على العديد من المشاريع في كامل تراب الإقليم، منذ الـ 8 من أكتوبر سنة 2017، بإحدى ورش البناء بجماعة بني بوفراح، حيث ظل يعمل دون انقطاع، ودون الاستفادة من الراحة الأسبوعية والسنوية والعطل الدينية والوطنية والتعويضات العائلية.

وتابع يوسف في شكايته التي توصلت “بناصا”، بنسخة منها، بأنه تفاجأ في الـ 20 من شهر مارس الماضي، وهو أول أيام بدءِ سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بالبلاد، بطرده “تعسفيا ومن دون سابق إنذار”، حسب تعبيره، مشعراً المحكمة، بأنه سبق وتقدم بشكوى لمندوبية الشغل، بهدف إيجاد صيغة توافقية بين الطرفين، لكن دون جدوى.

والتمسَ المتضرّر من المحكمة بأن تقضي بعودته إلى العمل، مع تمكينه من كافة التعويضات العائلية وباقي الحقوق القانونية من راحلة أسبوعية وعطل سنوية ودينية ووطنية، إلى جانب غرامة تهديدية مقدرة في 200 درهما، عن كل يوم تأخير عن تنفيذ الحكم.

ومن جهةٍ أخرى، ارتأى العديد من العمال الذين تم تسريحهم خلال فترة جائحة كورونا، عدم التّصعيد ضد الشّركة التي كانوا يعملون لصالحها، وتجنب إيصال الملف للقضاء، بالرغم من عدم حصولهم على أي تعويضات عن الفصل، باستثناء تلك التي يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن فقدان الشغل.

وبِخُصوص هذه الخطوة، يقول محمد، وهو من العمال الذين طردوا منذ بداية تفشي جائحة كورونا، بأنه عمل لـ 5 سنوات مع الشركة، ولا يرغب في التصعيد ضدها، على أمل أن يعيدوه للشغل من جديد بعد نهاية فترة انتشار الفيروس التاجي، منبهاً إلى أنه “مطلبت منهم والو، قالولي صافي مبقيتش خدام وعطاوني فلوس شهر ومشيت فحالي”.

يُشار إلى أن العديد من عمال ومستخدمي مجموعة من الشركات على رأسهاء مقاولات البناء، ممن جرى تسريحهم، والذي ينحدر أغلبهم من مناطق نائية في المغرب، يعانون من ويلات التوقف عن العمل، في ظل الفترة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي صعّبت عليهم العثور على موردِ رزقٍ بديلٍ، ما زاد من وضعية آلاف الأسر سوءاً.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي