بشهادة العديد من الفاعلين التربويين والجمعويين، تواجه عملية التعليم عن البعد، التي أطلقتها الوزارة الوصية كبديل عن التعليم الحضوري للحد من انتشار فيروس “كورونا” المستجد، مجموعة من التحديات، وخصوصا بالمناطق القروية، التي تتميز بضعف شبكة الهاتف والأنترنت، ما يجعل معظم تلاميذ تلك المناطق محرومين من متابعة دروسهم عبر إحدى وسائل التواصل الرقمية المعتمدة من طرف مؤسساتهم التعليمية، وخصوصا “فيسبوك” و “واتساب”.
ومن هذا المنطلق، دعت الجمعية المغربية لحقوق التلميذ/ة إلى “اعتبار هذه الدروس مجرد إجراء تربوي داعم للتعبئة العامة ضد فيروس كورنا لن تعوض أبدا الدروس الحضورية، خصوصا المواد المستهدفة في الامتحانات الإشهادية، والمواد الأداة في باقي المستويات”.
وبررت دعوتها تلك، في بلاغ لها، بغياب “ضمانات حقيقية تؤكد تعاطي جميع التلاميذ مع هذه الدروس بالجدية المطلوبة، ولعدم توفرهم كلهم على الحوامل الرقمية والربط بشبكة الانترنيت، خصوصا في القرى والأحياء الهامشية في المدن، ناهيك عن التباين الكبير بين الأساتذة في طريقة تقديم الدروس في غياب أي تكوين تقني أو امتلاك لأدوات الإنتاج الرقمي المناسبة”، وفق تعبير البلاغ.
واقع الحرمان من مواصلة التمدرس عن بعد، دفع بالعديد من التلاميذ والطلبة الذين يقطنون بمناطق جبلية بإقليم أزيلال، من بينها أيت بوكماز وأيت عباس وأيت بواولي إلى الاستنجاد بالمسؤولين من أجل التدخل لكي يصبح في مستطاعهم الدراسة عن بعد تماما مثل زملائهم في المدن.
وتشير المعطيات التي توفرت لجريدة “بناصا” أن هؤلاء واجهوا صعوبة كبيرة في الاطلاع على الدروس التي تضعها وزارة التربية الوطنية رهن إشارتهم عبر إحدى الوسائط الرقمية، وذلك بسبب ضعف شبكة الأنترنت بالدواوير حيث يقطنون وعدم توفر أولياء أمورهم على حواسيب وهواتف ذكية.
وحول التدابير التي من شأنها رفع الإقصاء عن هؤلاء المتعلمين، قال خالد تيكوكين، رئيس جماعة تبانت أيت بوكماز ونائب برلماني عن دائرة أزيلال دمنات، إن مجلس جهة بني ملال خنيفرة كباقي مجالس الجهات وبعض المجالس الإقليمية على المستوى الوطني خصص ميزانية لاقتناء لوحات إلكترونية لتلاميذ الأقسام الإشهادية “ولكن هذا الإجراء لن يحل الإشكال المطروح لأنه مرتبط بالضعف المسجل على مستوى شبكة الأنترنت”.
وأوضح في تصريح لجريدة “بناصا” أن “هذا الإشكال قديم جديد يعاد طرحه اليوم مع خيار التعليم عن بعد وكان يطرح مشاكل كبيرة تتعلق بالإسعاف وفك العزلة أثناء تساقط الثلوج”، وفق تعبيره.
ولتقريبنا أكثر من مشكل ضعف شبكة الهاتف ، قال البرلماني عن حزب العدالة والتنمية: “لدي طفلين لا يدرسان عن بعد ومن أجل التواصل مع جريدة “بناصا” اضطررت إلى مغادرة منزلي للبحث عن مكان تتوفر فيه تغطية الهاتف”، على حد قوله.
وفيما إذا كانت الجماعات المحلية قادرة على أخذ المبادرة للتخفيف من هذا الوضع، كشف نفس المسؤول أن الجماعات تواجه إكراهات مالية بسبب انعدام مواردها، مشيرا إلى أن “صندون جائجة “كورونا” يجب أن تكون له مقاربة خاصة في هذا الاتجاه تتعلق بتمدرس الأطفال بالمناطق القروية والجبلية”.
ولفك العزلة الجغرافية والرقمية التي تعاني منها عدد من المناطق بإقليم أزيلال، قال تيكوكين إن أقل ما يمكن المطالبة به هو تعميم شبكة الأنترنت والهاتف النقال، مبرزا أنه من باب تثمين المنجزات، فإن الالتفات إلى تلك المناطق بدأ على عدة مستويات، “ولكن نؤكد على أن الخصاص مازال يتضمن هوامش كبيرة للاشتغال لتيسير حياة الساكنة وضمان استقرارها ومستقبل أبناءها في الدراسة والتطبيب ومجموعة من الأمور الأخرى”.
وفي انتظار أن يتحقق هذا المطلب، اقترح متحدث “بناصا” العمل بقولة “أن تصل متأخرا خيرا من ألا تصل”، بحيث تقوم المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية “بتجميع الحصص المنجزة خلال الأسبوعين المنصرمين أو تلك التي ستنجز في وقت لاحق داخل وسائل رقمية لا تشتغل بالأنترنت وتوزيعها على التلاميذ حتى يبقوا على اتصال بالدراسة عن بعد، وتفعيل هذا الاقتراح ليس بالأمر الصعب بالنسبة للجهات المكلفة”، بحسب تعبير تيكوكين.
تعليقات الزوار ( 0 )