يظهر أن من بين الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تعرف نسبًا مرتفعة جدًّا من حيث عدد المصابين بوباء كورونا في العالم هي: نظامها الفيدرالي الذي يوزع الاختصاصات بين رئيس فيدرالي له سلطة شبه مطلقة، وحكّام الولايات الذين لهم بدورهم سلطات واسعة في رسم خطوط مختلف السياسات الاقتصادية والاجتماعية لولاياتهم في استقلال واسع عن هيمنة الرئيس الفيدرالي.
*غياب سلطة صحّية موحدة ذات قرارات إلزامية تخضع لها كل ولايات، وعوضها توجد هيئات صحّية في كل ولاية لها حرية التقرير في المجال الصحي لكل ولاية طبقا لرؤيتها الخاصة وأهدافها المسطرة.
*لقد أدى هذين السببين الى تفشّي الإصابات في صفوف الأمريكيين بشكل مهول، بل عكست أيضا تباين الولايات من حيث عدد الإصابات، بين ولايات لم تتعدى فيها الإصابات المئات على غرار ألاسكا،داكوتا الشمالية، فرجينيا الشرقية.. وأخرى تجاوزت فيها الإصابات عشرات الألوف كولاية نيويورك ونيوجيرسي.
يبدو إذن أن تفشًي الوباء وأثره الوخيم على اقتصاد البلاد قد أرخى بظلاله على العلاقة بين حكام بعض الولايات والرئيس ترامب، حيث خرج هذا الأخير قبل يومين بتغريدات على موقع تويتر يدعو فيها أنصاره في بعض الولايات التي شددت إجراءات الحجر الصّحي الى الخروج الى الشارع لصيانة حقوقهم الدستورية، وقد حرص ترامب على ذكر بعض هذه الولايات بالإسم وهي: ميشيغان، مينيسوتا وفرجينيا التي بالغ حكامها الديمقراطيون “حسب زعمه” حسب زعمه في إجراءات الحجر الصّحي.
لم يتأخر ردّ فعل أنصار ترامب في الخروج الى الشارع للتظاهر بدون كمامات في خرق سافر لإجراءات الحجر الصّحي، بل وحاملين للأسلحة، والأمر لم يقتصر على الولايات الثلاث السابقة التي ذكرها ترامب بالإسم، بل امتد خروج أنصاره الى ولايات أخرى أبرزها نيوهامشير، كاليفورنيا، أوهايو، وتكساس.
يبدو إذن أن الصراع الذي بدأت تتسع حدته بين الرئيس ترامب من جهة، وحكام بعض الولايات “خصوصًا منهم الديمقراطيون”، يعكس بجلاء الغموض الذي يحيط بحدود سلطات كل من الرئيس الفدرالي وحكام الولايات الفدرالية، ففي الوقت الذي يبرر فيه هؤلاء إجراءاتهم الصارمة في تطبيق الحجر الصحي برغبتهم في إنقاذ أرواح السكان في ولاياتهم، يظهر أن ترامب على عكسهم يستعجل فتحا فوريا للإقتصاد ليستأنف حملته الانتخابية التي تهددها تداعيات الجائحة. الامر الذي ينذر بمزيد من التوتر بين الطرفين الذي قد ينتقل لا محالة الى أنصارهم في كل الولايات، الأمر الذي ينذر بانفلات أمني وشيك لا أحد يتكهن بحجم تبعاته على المجتمع الأمريكي الذي حقق في شهر مارس الماضي رقما قياسيا في مبيعات الأسلحة بين عامة الناس.
تعليقات الزوار ( 0 )