Share
  • Link copied

الصحراء الكبرى كانت خضراء غنية بالمياه.. هذا ما توصل إليه باحثون من جامعة وجدة

توصل باحثون تابعون لكلية العلوم في جامعة محمد الأول بوجدة، إلى حفريات أثرية، تثبت “بما لا يدع مجالا للشك” أن الجهة الشرقية كانت عبارة عن أرض واسعة مغطاة بالنبات الأخضر، وبها العديد من الغابات والأنهار لسد حاجيات تلك الثديات الضخمة التي تستهلك كمية وافرة لضمان المعيش واستمراريتها، وكذلك كانت موطنا للعديد من الحيوانات البرية والنهرية والبحرية، ما يجعلها تعتبر من أغنى المناطق من حيث وفرة وتنوع مزيج من الثديات الأحفورية المنتمية للزمن الجيولوجي الرباعي، وهي المعلومات التي كانت نتيجة الأحافير والرسومات والنقوش التي عثر عليها الباحثون في عدة مناطق منها جهة شرق المغرب.

البحوث التي يسهر عليها الباحثون بجامعة وجدة بشراكة مع باحثين إسبان من المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة والتطور الاجتماعي بتراغونا (IPHES) والمتحف الوطني للعلوم الطبيعية بمدريد (MNCN) في إطار مشروع بحث تعاون علمي مشترك، اختارت حوضا في منطقة عين بني مطهر-تكافايت جنوب شرق المملكة، وهي المنطقة التي تسمى حالياً الصحراء الكبرى، وتساعد هذه النتائج التي عثر عليها هذا الفريق الدولي في إعادة بناء المناخ القديم للمنطقة وتزويد العلماء بمعلومات عن وقت حدوث عملية التصحر التي شكلت الصحراء.

وموّلت هذه الأبحاث الميدانية والاكتشافات الأحفورية، من ميزانية البحث العلمي لجامعة محمد الاول وكلية العلوم بوجدة وبتعاون مع الساكنة المحلية والمجتمع المدني.

وعثر الباحثون على عدة نتائج ذات قيمة علمية عالمية نشرت في مجلات مرموقة من بينها دراسة حديثة (نُشرت يوم 16 دجنبر 2021 في مجلة  Historical Biology))، تستند إلى أحافير عدة منها  الثور البري الجبلي البدائي العملاق الذي يفوق علوه المترين حسب قياسات بقايا العظام المكتشفة، ثوم وحيد القرن الأبيض، الذي تم اكتشافه مؤخرا في احد الطبقات الجيولوجية لـ”وادي الحي” بعين بني مطهر بإقليم جرادة، والتي سمحت لفريق الباحثين، من تقديم تفاصيل عن ظهور الصحراء ومعرفة كيفية تطور المناخ وتحسين النماذج التنبؤية في المنطقة المغاربية التي تنتمي إلى المنطقة القطبية الشمالية وليس إلى المنطقة الأفريقية الاستوائية عكس ما هو سائد.

وأظهرت هذه البحوث تزايد عدد حيوانات المنطقة القطبية الشمالية في المناطق المغاربية الناتج عن انخفاض درجات الحرارة العالمية والعزلة التي تسببها الصحراء الكبر -وهي الأكبر على هذا الكوكب- والتي بدأت بالتشكل منذ ملايين السنين في عملية تخضع لتقلبات مناخية.

وأشار الباحثون إلى أن الطبقات الجيولوجية التي اكتشفت فيها هذه الأحافير الحيوانية بوادي الحي بعين بني مطهر تقدر ما بين 57000 و 100000 سنة، مستنتجة بعد ظهور وانتشار أسلاف وحيد القرن الأبيض والذي حل محل أقدم أنواع الكركدن التي عثر على بقاياها في شمال إفريقيا، والذي حدث خلال فترة ما يعرف بالصحراء الخضراء، التي وفرت شروط العيش والاستقرار لهاته الساكنة من الفقريات وغيرها.

وذكروا في ورقة بحثية، أنه عندما يتم اكتشاف الأحافير في مواقع مختلفة، يعيد العلماء بناء ما كانت عليه الحيوانات والنباتات في الماضي، غير أنه بالإضافة إلى معرفة أصناف الحيوانات التي كانت تعيش على الأرض منذ آلاف السنين، وبفضل تأريخ هذه الأحافير يمكننا أيضًا معرفة حالة البيئة المحيطة في وقت معين، لأنه كلما كان كائن حي يسكن منطقة معينة، فذلك يعني أنه تم استيفاء، في تلك الفترة، ظروف الرطوبة ودرجة الحرارة حتى يتمكن هذا النوع من البقاء على قيد الحياة.

وأوضح الباحثون أن بعض أحافير العظام وجزء من جمجمة سلف وحيد القرن الأبيض الحالي مكّنهم، من تحديد التأريخ بدقة -إلى حد ما- للفترة التي احتلت هذه الأنواع موطنا، والتي كانت أقدم وكانت أيضًا أقل قوة، وجل هذه الاحافير تتواجد في المتحف الجامعي الكائن بكلية العلوم بوجدة.

ونتيجة لهذه البحوث، استغرب الفريق العلمي لكيف انتقل C. simum من العيش في جنوب الصحراء إلى التوسع شمالًا واحتلال موطن وحيد القرن الأقدم من صنف C. mauritanicum في وقت تزايد تأثير حيوانات المنطقة القطبية الشمالية، مشيرين إلى أن هذا حدث في واحدة من الفترتين ذات المناخ الأكثر رطوبة، ما بين 85000 و 80000 سنة أو ما بين 105000 و 100000 سنة مضت، وكان ذلك ممكنًا لأن منطقة الصحراء كانت بها غطاء نباتي كافي خلال هذه الفترات حتى يتمكن C. simum من العيش هناك.

Share
  • Link copied
المقال التالي