إن المتتبع للشأن المحلي المغربي طوال عدة سنوات یدرك مراوحة المشھد السیاسي لمكانه. بل أصبح ھذا الأخیر یعاني تدھورا كبیرا مع ظھور الخطابات الشعبویة، وحرمان الفئة المثقفة من ذوي أصحاب الشواھد العلیا من تسییر شؤون البلاد والعباد. وھو أمر یخالف ما أوصى به صاحب الجلالة في خطابه السامي حینما قال بمناسبة عید العرش الذكرى 17 یولیوز 2016″ :كما أدعو الأحزاب لتقدیم مرشحین تتوفر فیھم شروط الكفاءة والنزاھة وروح المسؤولیة والحرص على خدمة المواطن”. وھذا القول یقرأ في ضوء وعي بدور ھذه الفئة في حمل مشروع التغییر وبناء المستقبل لمسایرة التطور الحاصل في البلدان المتقدمة.
فهل سيكون بدایة التغییر في المغرب بالاعتماد على فئة الشباب والتخلي على الجیل القدیم الذي لا يفهم لغة التغيير ولغة العصر المشفرة التي تعتمد على التكنولوجيا المعلوماتية؟
ینتظر الجمیع التغییر في ھذه السنة التي غیرت فیھا كورونا مفاھیم راسخة، وأبرزت ضرورة نھوض الدولة بقطاعي الصحة والتعلیم لمجابھة الأخطاء المحتملة.
غیر أن المتتبع للسیاسیة الحزبیة المغربیة یجد أنھا لم تسر في طریق ما ھو مطلوب، فلو ان الملك صرَّح في خطاب العرش في الذكرى 19 یولیوز 2018 بأن “أبناء الیوم ھم الذین یعرفون مشاكل ومتطلبات الیوم”، فإننا نلاحظ
اعتماد الأحزاب على الجیل القدیم من الأثریاء للحفاظ على المناصب والكراسي والمصالح الشخصیة لھم ولعائلتھم، متناسین مصلحة المواطن والوطن التي نجدها فقط عندهم في الخطابات الرنانة وتغيب إلى نواح وبكاء في الأزمات والشدائد كما وقع في وباء كورونا؛ إذ اختفى الجمیع.
نعم لیس ھناك تغییر حسب آراء الشارع لان الدولة ما زالت تحتفظ بنفس اللوائح الانتخابیة لمدة تزید عن 30 سنة ولم تعرف تغییرا یذكر ما عدا نسبة طفیفة تزاد في بعض الجماعات التي يفرض عليهم القانون التسجيل فيها ناهيك عن الخروقات التي تضرب القوانین والمساطیر بعرض الحائط.
من دون شك أنه لیس للدولة إرادة سیاسیة جادة في التغییر؛ لأنھا لم تقم بعملیة تحیین اللوائح وترك الحریة للمواطنین بالتسجیل بحسب محل سكانھم الأصلي ووضع شروط الترشح بشھادة جامعیة. وھو ما یؤدي بالشباب إلى التقاعس عن الانخراط في الأحزاب، بما أنھا تدرك أن عقلیتھا قائمة على توریث المناصب والدوائر والجماعات المحصنة بأسماء معینة. ومطلبنا ھو ربط المسؤولیة بالمحاسبة عند نھایة كل مرحلة تشریعیة، وطرح سؤال على أولئك الرؤساء: من أین لكم ھذا؟ ثم إتباع ذلك بفعل جزري هذا يتطلب الفعل وليس القول في بعض التقارير.
تعليقات الزوار ( 0 )