قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده لا تزال تتمسك بالتوصل، بأسرع وقت ممكن، إلى اتفاق شامل ومتوازن وملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، “حفاظا على وجود مئة وخمسين مليون مصري وسوداني وتلافيا لإلحاق أضرار بمقدرات شعبي البلدين”.
وقال السيسي في كلمة مسجلة، في اليوم الأول لمداولات الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن تحقيق التعاون بين دول القارة الأفريقية “لن يتأتى من خلال تحديد طرف واحد لمتطلبات الطرف الآخر، وإنما يتعين أن تكون تلك العملية متبادلة”. وأضاف:
“مصر التي تعترف بحقوق أشقائها تعد من أكثر الدول جفافا ويظل شعبها تحت حد الفقر المائي، ويشكل نهر النيل شريان وجودها الوحيد عبر التاريخ، وهو ما يفسر القلق العارم الذي يعتري المواطن المصري إزاء سد النهضة الإثيوبي”.
وأشار إلى ما آلت إليه المفاوضات، الدائرة منذ عقد من الزمن، بين مصر وإثيوبيا والسودان، متهما إثيوبيا بممارسة “تعنت معلوم ورفض غير مبرر للتعاطي بإيجابية مع العملية التفاوضية في مراحلها المتعاقبة واختيار للمنهج الأحادي وفرض سياسة الأمر الواقع مما بات ينذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها”.
وقال إن لجوء بلاده إلى مجلس الأمن جاء لتدارك تطور القضية إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين، ولحث المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته في هذا الملف، ودعم وتعزيز جهود الوساطة الأفريقية، عن طريق دور فاعل للمراقبين من الأمم المتحدة والدول الصديقة.
فيما يتعلق بفيروس كورونا، شدد الرئيس المصري على ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لاحتياجات القارة الأفريقية، “حيث باتت قارتنا الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة في الوقت الذي تواجه شعوبها تحديات أخرى لا تقل خطورة عن فيروس كورونا”.
وقال إن بلاده حرصت على توطين صناعة اللقاحات ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها ولكن أيضا للتصدير للقارة الأفريقية.
كما دعا إلى تخفيف أعباء الديون عن الدول النامية وخاصة الدول الأفريقية والدول متوسطة الدخل وتيسير شروط الاقتراض من المؤسسات الدولية والإقليمية.
وأشار السيسي إلى إطلاق بلاده سياسات اقتصادية “مكنتنا من تنفيذ برامج اجتماعية طموحة لصالح الفئات الأولى بالرعاية ونجحت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف محافظات مصر. كما قامت بتخليص التفاوت التنموي بين الريف والحضر”.
القضاء على الإرهاب
من ناحية أخرى، قال السيسي إن الإرهاب يظل يشكل أكبر التحديات التي تواجه الأسرة الإنسانية في عصرنا الحالي، مشددا على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا من خلال مواجهة الفكر المتطرف المتسبب في “هذه الظاهرة البغيضة وذلك في إطار مقاربة شاملة لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية للإرهابيين وتنظيماتهم بل تشمل أيضا أبعادا اقتصادية واجتماعية وتنموية وفكرية تجفف منابع الإرهاب وتعالج الظروف والعوامل التي تدفع البعض إلى هذا الطريق الإجرامي”.
وشدد على ضرورة محاسبة الدول التي ترعى الإرهاب وترعى عناصره بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب وتوفير الملاذ والدعم لهم أو تسهيل انتقالهم عبر أراضيها.
القضية الفلسطينية كانت حاضرة أيضا في خطاب الرئيس المصري، والذي جدد تأكيد موقف بلاده بأنه ما من سبيل لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط دون التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية “التي كانت ومازالت القضية المركزية للأمة العربية وذلك عبر التفاوض استنادا إلى مقررات الشرعية الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الربع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأكد على أهمية وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في 20 أيار/مايو 2021، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني وإيصال المساعدات الإنسانية إليه، وحث الأطراف المانحة على دعم وكالة الأونروا تمهيدا للقيام بعملية إعادة الإعمار في قطاع غزة.
تعليقات الزوار ( 0 )