شارك المقال
  • تم النسخ

“الرڭادة”.. موروث شعبيّ بالشّرق المغربيّ يأبى الاندثار رغم تهميشِ “حرّاسه”

يُقال إنها رقصة خاصّة بالرجال فقط.. تعتمد على حركات الكتفين بدرجة أولى.. لا تكادُ تغيب عن أيّ مناسبة لسكان الجهة الشرقية.. هي رقصة “الركادة”، ذلك الموروث الشعبيّ الذي أبى الاندثار، وحافظَ على مكانه كشرطٍ أساسيّ للاحتفال بأي حدث سعيد، وتعبيرٍ لا بديل عنه، لفرح قاطني الشرق المغربيّ.

“هي بمثابة الفرح.. ابتسامة نُعبّر عنها عن طريق الرقص”، هكذا يصف حسن، عضو إحدى الفرق الفولكلورية بمدينة بركان، التي يعتبرها كثيرون بأنها حارسة هذا الإرث، في حديثه لجريدة “بناصا”، “الركادة”، التي يرى بأنها جزء لا يتجزء من حياته، خصوصاً أنه يشتغل فيها، ويجني قوتَ يومه عبرها، قبل أن يتابع، وهو يتابع: “لا يمكنني العيش، من دونها”.

حسن يتابع بأن “الركادة”، التي تُعتبر بركانَ، أبرز المدن المشهورة بها، هي أكثر من مجردِ رقصةٍ، لأنها تحكي تاريخَ قبائل بني يزناسن، وهي تعبير يتجاوز الزمن الحاليّ، ليرجع بنا إلى أجدادنا، مردفاً: “الابتسامة تعبيرٌ عن الفرح.. الرّقص تعبير عن الفرح.. والركادة هي تاريخ للفرح.. وتعبير مُستمرّ”.

ما جاء على لسان حسن، الشيخ الستينيّ، ذو “الرزّة”، والجلباب الفضفاض، الذي يُميّز راقصي “الركادة”، هو نفسه ما قاله عبد الله، ابن مدينة بركان، والعاشّق لكلّ ما له علاقة بـ”الفولكلور”، لأنه “يُذكرك بتاريخ أجدادك، وتجد في نفسك راحة حين تسمع موسيقاه، أو ترى رقصه، أو تقرأ عنه.. هو السعادة بعينها”.

ووصف عبد الله، في كلامه لـ”بناصا”، علاقة سكان الجهة الشرقية، وخاصة بركان، برقصة “الركادة”، بأنها رابطة لا يُمكن تجزيئها، ولابد “للمتحدث عن الركادة أن يتخيل عاصمة البرتقال، كما أنه من الضروري أن يتبادر لذهن المتحدث عن المدينة الأخيرة، هذه الرقصة”، مردفاً: “بركان هي الركادة والبرتقال”.

وواصل الشخص نفسه، بأنه المدينة الصغيرة التي تقع في الجهة الشرقية، والمعروفة بأجود أنواع البرتقال في المملكة، هي أيضاً موطنٌ أصيلٌ لرقصة الركادة، ولن يرفض أي شخص يقطن ببركان، أن يوضع رمزٌ للركادة، في وسط المدينة، على شاكلة “الليمونة”، لأن كليهما، جزءٌ لا يتجزّء من المنطقة، “بل إن الركادة، هي فولكلور يحمل التاريخ والمستقبل معاً”، حسبه.

“رقصةُ الركادة، تعتمد على الرشاقة والسرعة، وكلّما كان الشخص رشيقاً، كلّما كان متقنا لها”، يقول محمد، الشيخ الخمسيني، وهو أيضا عضو في فرقة فولكلورية بمدينة بركان، مردفاً بأنها في الأصل، خاصّة بالرجال، غير أن هناك نساءً يحسنونها أيضا.

وأشار محمد في حديثه لـ”بناصا”، بأن الرقصة مرتطبة دائماً بالفرح، لذلك تكون حاضرةً دائماً في كلّ المناسبات المرتبطة بالسعادة، سواء كانت عرساً أو عقيقةً أو ختاناً أو حتى مواسم الحصاد، حيث يتحلّق مؤدوها أو يصطفّون قبل الشروع في الرقص.

واختار متحدثٌ آخر لـ”بناصا”، التطرّق إلى معاناة الفرق الفولكلورية مع الإجراءات المشددة التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، بعدما توقفت التجمعات، وما ترتب عن الأمر من إلغاء العديد من المواطنين لحفلات الزفاف الباذخة، والاكتفاء بإحياء ليلة مع العائلة، دون دعوة الفرق الموسيقية، لأن الخطوة قد تلفت انتباه السلطات.

وأوضح الشخص ذاته، بأن الشّيوخ، باتوا في وضعية صعبةٍ جدّاً منذ توقف الأعراس، دون أن يلقوا أي دعم، نظرا لأن القطاع الذي يشتغلون فيه، غير مهيكل، وهو ما انعكس على أوضاع العديد من العائلات في مدينة بركان، بعدما باتت من دون مصدر رزق، كما أن بعض أعضاء الفرق الفولكلورية، غيرّوا مهنتهم مكرهين في الشهور الأخيرة.

ودعا المتحدث وزارة الثقافة إلى الالتفات لوضعية الفرق الفولكلورية، التي تُمثلّ الذاكرة الجمعية للساكنة، وتعدّ من ضمن المساهمين في الحفاظ على التراث الشعبي المغربي من الاندثار، كما أنها، حسبه، جزء لا يتجزء من المكونات الثقافية التي يُفترض بالجهات الوصية أن تهتمّ بها، بدل الاقتصار على من يتوفرون على “بطاقة الفنان” فقط.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي