Share
  • Link copied

الدولة والحكومة، ونصاب السلطة في الدستور !

عبارة ” نحن نمثل الدولة” التي نطق بها السيد عبد اللطيف وهبي، سواء كانت بقصد أم بدونه، بحسن نية ام بدونها، بخلفية سياسية أم بدونها، فهي حمالة تفسيرات وتفتح الباب للنقاش حول حمولتها السياسية وأساسها الدستوري.

فهل، فعلا، كان السيد وهبي يقصد ما يقول؟ وهل قال ذلك بصفته رئيسا للحزب ام بصفته الوزارية ام بصفته صاحب تفويض من طرف رئيس الحكومة ؟ و هل  هناك فعلا  توافق بين الأحزاب الحكومية  الثلاث حول  ادعاء تمثيلية الدولة كما تم التعبير عنه في سياقه المعروف؟ 

المشكل، فيما أرى، يتعلق بسوء الفهم حول نصاب السلطة في الدستور، أي الالتباس في الحدود الفاصلة بين مساحات السلط ومجالات التدخل لكل سلطة و حدود مسؤولياتها في تدبير أمور الدولة. و في هذا الصدد لابأس من إثارة بعض الملاحظات حول الواقعة المؤسسة لهذا النقاش  

اولا، تصريح السيد وهبي كان أثناء الندوة الصحفية التي اعقبت اجتماع الاغلبية النيابية الداعمة للحكومة، أي أنه تم داخل اجتماع حزبي و لم يكن أثناء انعقاد المجلس الحكومي لمؤسسة الحكومة.

 ثانيا، الحكومة نفسها  لا تملك حق احتكار  تمثيلية الدولة،  لأنها جزء فقط من الهيكل المؤسساتي للدولة. و هذه الأخيرة( أي الدولة) هي مكونة بالتعريف من  ثالوث الأرض و الشعب والسلطة العمومية بكل فروعها.

 ثالثا، أكثر من ذلك، الحكومة تمثل جزء من  السلطة التنفيذية التي تتقاسمها مع الملك، بصفته رئيسا للدولة، داخل المجلس الوزاري، و ذلك بموجب الدستور.

ـ رابعا، نصاب السلطة داخل الدستور مُوزع بين المؤسسات الثلاث: التشريعية و التنفيذية و القضائية. و لكل سلطة مسؤولياتها و مجال اشتغالها و حدودها الدستورية.

ـ خامسا، وهذا هو الأهم، أن الناطق الرسمي باسم الدولة هو الملك، ما عدا في حالة تفويض هذا الحق بشكل رسمي و في حالات  و مجالات محددة. لنلاحظ مثلا أنه في السياسة الخارجية حين يعبر وزير الخارجية عن موقف الدولة من قضية معينة، فهو  دائم الإحالة على الملك بصفته رئيسا للدولة و صاحب المجال المحفوظ في السياسة الخارجية. أما حين يتعلق الأمر  بمجال السياسات العمومية،  فإن رئيس الحكومة ( أو حتى أعضاء الحكومة ) هنا  له الحق في النطق باسم الحكومة وليس باسم الدولة بما يجنبه تنازع الاختصاص أو تجاوز حدود صلاحياته الدستورية.

باختصار، من واجب أي مسؤول سياسي الحرص على احترام الحدود الفاصلة بين مجال السلطة و مجال الدولة، و عدم التماهي أو التلفيق بينهما. نصاب الأول في السياسة، فيما نصاب الثاني في السيادة. داخل مجال السياسة التنافس حول السلطة فعل مشروع. أما داخل مجال السيادة فحيازة الدولة أمر محضور و يمنع تجنيد مؤسساتها في المنازعات السياسية. السلطة هي حقل التنافس بين البرامج و السياسات، أما الدولة فهي مجال البنى و المؤسسات، و يقع حولها الإجماع وكبرى التوافقات.

Share
  • Link copied
المقال التالي