يومان يفصلاننا عن افتتاح البرلمان المغربي دورته الخريفية لسنته التشريعية الأخيرة قبل الانتخابات المقبلة، دخول سياسي واقتصادي بنكهة أزمة صحية عالمية، فرضت تحديات غير مسبوقة على العمل المؤسساتي على مستوى الحكومة والبرلمان، والتي ستهيمن على النقاش داخل المؤسسة التشريعية بغرفتيها، وخارجها.
الموعد البرلماني لهذه السنة استثنائيي بكل المقاييس، فالفصل 65 من النص الدستوري ينص على “أن الملك يترأس افتتاح الدورة الأولى للبرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر”، كما أن الفصل 68 ينص على أن “هذه الجلسة تكون مشتركة ويتم الاستماع خلالها للخطاب الملكي الذي يوجه للأمة والبرلمان”، وهنا تطرح استفسارات حول كيفية إتمام هذا الانعقاد في ظل جائحة تفرض التباعد الاجتماعي.
وفي هذا السياق، توقع المحلل السياسي محمد بودن، بأن اللحظة الدستورية (افتتاح الدورة التشريعية)، ستنعقد بصيغتين حضورية وافتراضية، وذلك بسبب تدابي التباعد الاجتماعي، حيث ستعرف تواجد عدد محدود من البرلمانيين في مقر مجلس النواب، بحيث “يصعب حضور 515 برلماني إلى جانب الفريق الحكومي والوفد المرافق لجلالة الملك. وبالتالي من اللازم توفر صيغة تستجيب لمتطلبات الظرفية الحالية”.
وأشار بودن في تصريحٍ لجريدة “بناصا”، إلى أن السنة التشريعية الحالية ستشكل فرصة للحكومة لعرض حصيلتها قبل انتهاء فترة ولايتها، واصفاً إياهاً بـ”الحافلة بالإكراهات ومكثفة بالانتظارات”، مضيفا: “أعتقد بأنه من اللازم أن تنكب الأطراف السياسية على تنفيذ مضامين الخطب الملكية، خاصة خطابي عيد العرش وثورة الملك والشعب”.
وتابع المتحدث نفسه بأن “الوضعية الوبائية التي يعيشها المغرب ومعالجتها تفرض نفسها محط النقاش من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، علاوة على التموقع الذي سيحدده النموذج التنموي المرتقب، فالأحزاب السياسية مطالبة اليوم بتقديم عروض واقعية مبينة على معادلة هدفها تقريب المواطن من طموحاته في مجال التعليم والصحة والشغل والسكن والحماية الاجتماعية”.
وبخصوص أولويات الدخول السياسي الجديد، خاصة في ظل اقتراب الاستحقاقات التشريعية، يقول بودن:”إن الانتخابات المقبلة تظل أهم حدث منتظر رغم ما يطرحه من عقبات مرتبطة بتوافق الفرقاء على قواعد اللعبة الانتخابية، وما ستقرره الهيئة الناخبة في ظل الوضع الحالي”.
وبشأن توقعاته للانتخابات المقبلة ونتائجها، يؤكد بودن بأن “الفكرة التي ترتسم حاليا هي أنه من السابق لأوانه تحديد الفائز”، لكن، يضيف المتحدث:”أتوقع أن تفرز الانتخابات المرتقبة عدم تحقيق أي حزب لفوز مريح مما سيعقد الخطوات المترتبة عن النتائج المعلنة”، مسترسلاً:”كما أن التجربة المطروحة لعقد الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية في يوم واحد لها خصوصيتها وتأثيرها على الملامح النهائية للمشهد”.
ونظرا للوضعية الاستثنائية التي يمر بها المغرب في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد وتداعياته، فإن اجتماع الجمعة، سيشمل أيضا، الحديث عن ملامح الدخول الاقتصادي ومختلف رهانات مواجهة الحكومة لتبعات كوفيد-19، خاصة بعد نسبة النمو السالبة، و”نسبة البطالة التي ستعرف ارتفاعا من 10 في المائة إلى أكثر من 13 في المائة، إلى جانب عجز الميزانية الذي سيفوق 7.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي حسب وزير المالية، هذا إلى جانب ارتفاع مديونية الخزينة التي فاقمت 76 في المائة”، على حد قول عبد الخالق التعامي، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.
وصنف التهامي، في تصريحه لـ”بناصا”، “الحصيلة الاقتصادية لهذه السنة، بأنها تواجه عجزاً، خاصةً في ظل توقف قطاعات ديناميكية تجر الاقتصاد والحديث هنا عن قطاع السياحة الذي يشهد توقف مستمر إلى يومنا هذا بسب الجائحة، وقطاع الفلاحة حيث صنفت هذه السنة على أنها الجافة، ما يفسر ارتفاع نسبة البطالة والفقر”.
واسترسل التهامي حديثه عن الدخول الاقتصادي الحالي، واصفاً إياه “بكونه عسيراً للغاية، فهناك ضعف للرؤية، وانتشار لِلَايَقِينٍ في المغرب وخارجه، مما يفسر استمرار الإغلاق الذي طال عددا من القطاعات الاقتصادية المنعشة، وأيضا انهيار مؤسسات بالآلاف وإفلاسها بالرغم من محاولات الحكومة الجادة”.
واختتم حديثه عن قانون المالية التكميلي 2020، مبرزا أنه “لم يكن كافيا، إذ مَثل بداية للتفكير في قانون المالية لسنة 2021، الذي تصب الحكومة مجهوداتها في تهيئه بالرغم من الظروف الصعبة التي تواجهها، فمداخيل الدولة في انهيار وارتفاع في النفقات بحوالي 33 مليار درهم، وبالتالي سيواجه المغرب عجزاً ومديونية أكبر، لذا فالحكومة مطالبة بتدارس الوضعية بشكل جاد ومستعجل، خاصة فيما يتعلق بملف التغطية الاجتماعية وتعميمها وملف إصلاح الإدارة للتقليل من التكاليف والرفع من المردودية لإنعاش الاقتصاد الوطني، كألوية للدخول الجديد”.
تعليقات الزوار ( 0 )