تعتبر السياسة الخارجية الأداة الأساسية لتفاعل الدول مع محيطها الإقليمي والدولي من أجل الحفا ظ على وجودها والدفاع على مصالحها الوطنية.
في نفس الإطار تعمل الدبلوماسية المغربية بجدية كبيرة من أجل إقناع المجتمع الدولي بشرعية القضية الوطنية. وبالرغم من تحقيقها للعديد من الإنجازات خاصة في السنوات الأخيرة بعد نهجها سياسة برغماتية وذلك بعد تحررها من قيود محور باريس واشنطن الرياض ، إلا أن بعض المناطق لازالت مستعصية أمامها على غرار دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية وأخيرا الدول الإسكندنافية والتي سوف نركز عليها في محاولة لاقتراح بعض الوسائل الكفيلة بخلق دينامية جديدة مع هذه الدول.
يجمع جل الباحثين في مجال السياسة الخارجية على أن الدبلوماسية المغربية تجد صعوبات كبيرة من أجل اختراق المجتمعات الغربية بصفة عامة ، والمجتمعات الإسكندنافية بصفة خاصة ، والنتيجة تفاقم عدد الرأي العام المضاد لمغربية الصحراء. إن هذه الدول كانت دائما معروفة جيوسياسيا بحيادها الا انها اصبحت تتحرك بمنظور حقوقي محوره الأساسي حقوق الإنسان الشيء الذي جعل العلاقات مع هذه الدول عبارة عن حقيقة معقدة.
هذه المعطيات تدفعنا إلى القول إن هناك العديد من المتغيرات التي يجب أخذها بعين الاعتبار وبالتالي العديد من الميكانزمات والعوامل المتحكمة في سيرورة هذه العلاقات ، وذلك عن طريق القطع مع التوجهات الاستراتيجية الماضية و تأسيس توجه جديد يأخذ بعين الاعتبار ما يلي:
– خلق جو من الثقة بين هذه الشعوب والشعب المغربي عن طريق تحسين صورة المغرب خاصة في المجال الحقوقي ، لذا فالحاجة ملحة لدبلوماسية جديدة تعتمد على استراتيجية وطنية للإعلام والتواصل داخليا وخارجيا ، وبالتالي وضع خطة للتواصل الخارجي قصد مواجهة اللوبي الإعلامي المعادي للقضية الوطنية.
– على المغرب إشراك جميع فعاليات المجتمع المدني الذي أصبح له دور أساسي وفعلي في المجتمعات الديمقراطية وخلق صيغ جديدة للتواصل والحوار بعيدا عن الرسميات ، وأيضا الاعتماد على الدبلوماسية الموازية قصد إعادة الثقة عن طريق خلق جسر مع جميع تنسيقيات الجمعيات والمنظمات الغير حكومية لهذه الدول والتي تُعد قوة تلعب دورا كبيرا في في التاثير على القرارات السياسية الحكومية ، وفي هذا الصدد يجب الإشادة بالمبادرة التي قامت بها السفارة المغربية بالنرويج من أجل التمهيد لمشاركة المغرب في المهرجان العالمي لمدينة أوسلو ” إيراس ” في دورة 2015 والذي كان فرصة كبيرة للتواصل الفعال بين الجالية المغربية والمجتمع النرويجي.
– بالإضافة إلى ذلك نقترح الاستثمار في المجال السياحي، فصناعة السياحة لم تعد كما كانت عليه منذ سنوات ، فقد تشعبت فروعها وتداخلت وأصبحت تدخل في معظم المجالات ، بحيث يمكن خلق جسر بين هذه الدول والمناطق الجنوبية من المغرب قصد تقريب السائح الإسكندنافي من التقاليد والثقافة المغربية والذي يُعرف بحبه للطبيعة والاكتشاف و الهجرة المناخية.
كل هذا سيدفع إلى تقريب وجهات النظر بين الشعوب وبالتالي القضاء عل كل الأحكام المسبقة .وفي المحصلة يجب في نظري مراجعة استراتيجية التعامل مع الدول الاسكندنافية عن طريق إشراك المجتمع المدني وتقوية الدبلوماسية الموازية بالإضافة إلى الاعتماد على السياحة كعامل للتقارب وخدمة أهداف استراتيجية.
- دكتوراه في العلاقات الدولية
تعليقات الزوار ( 0 )