تعتبر الدبلوماسية الرقمية امتدادا للدبلوماسية التقليدية، وهي تستند إلى الوسائل التكنولوجية والمعلوماتية والاتصالات. رغم أن الوسائل الرقمية لا تمثل إلا مجرد وسيلة لنقل المعلومات، فهي تساهم في تغيير وجه النشاط الدبلوماسي فقط.
وإن كانت أغلب الكتابات تتحدث عن الدبلوماسية التقليدية ، ولكن في وقتنا الحالي هناك فئة قليلة هي التي تتحدث عن الدبلوماسية الرقمية ذات أهداف مختلفة ، لكنها لا تزال هي نفسها ، في عصر الإنترنت والشبكات الاجتماعية ، رغم وجود بعض الاختلافات بينها وبين الدبلوماسية التقليدية.
ولقد عرف مانفريدي سانشيز الدبلوماسية الرقمية هي “استخدام الويب و الشبكات الاجتماعية لتحقيق الأهداف المحددة في العمل والسياسة الخارجية ” ،و على نفس المنوال لقد عرفها دييغو باسانتي هي “دمج الشبكات الاجتماعية الافتراضية في الأعمال الدبلوماسية كأداة أساسية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية”.
وفي ظل انتشار فيروس كورونا في العالم تراجع دور الدبلوماسية التقليدية بشكل نسبي ،حيث ألغيت أو تم تأجيل عدة مؤتمرات ولقاءات دولية المزمع تنظيمها بين الدول خوفا لتفشي هذا الفيروس في صفوف الوفود الدبلوماسية ،مما استدعى الأمر باللجوء إلى المنصات الرقمية للقيام بمؤتمرات ولقاءات افتراضية لمناقشة القضايا الدولية التي تصب في مواجهة تداعيات هذه الجائحة على المستوى الدولي وكذلك المشاكل الأخرى التي يواجهها العالم.
وبالفعل عقدت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أول لقاء تواصلي عن بعد ،وكذلك اجتمع مجلس الأمن والمجلس الأوروبي عبر الإنترنت ،وأيضا عقدت القمة الاستثنائية الصينية ــ الافريقية بتقنية التحاضر عن بعد خلال الشهر الماضي….الخ ، وهناك تكهنات أخرى تشير إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستنظم لقاء تواصليا عن بعد في شتنبر المقبل.
يعني أن هذا الفيروس أصبح يرغم الدبلوماسيين وقادات الدول على مواجهة الصراع بين العديد من الأجندات الدولية التي تم تجاهلها حتى الآن، ولمناقشة القضايا التي تثير الاهتمام الدولي في ظل جائحة كورونا عبر المنصات الرقمية ، ومن المحتمل أن تكون النتيجة، التحول إلى رقمنة عميقة في الدبلوماسية ، والجدير بالذكر أن هذا الوباء فتح في هذا الإطار عصر الدبلوماسية الافتراضية، وعزز دور الأنترنت ومنصاته الرقمية في خدمة التواصل الدبلوماسي بين الدول والمنظمات الدولية ،ولكن في انتهاء الوباء يمكن العودة إلى التقاليد والأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها.
*باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية
صحيح أن الدبلوماسية الرقمية فعالة و غير مكلفة، لكن بشرط أن تجهز وزارة الخارجية أطر من الجيل الرقمي الجديد من طينة محمد عطيف كاتب هذا المقال.