Share
  • Link copied

الدبلوماسية البرلمانية.. دعامة للخيارات الاستراتيجية للمغرب

زخم مهم يطبع أداء المؤسسة التشريعية في مجال الدبلوماسية البرلمانية التي يشك ل الترافع حول القضايا الوطنية الكبرى وفي طليعتها قضية الوحدة الترابية، ودعم الخيارات الاستراتيجية للمملكة، خيطها الناظم.

ويعكس التراكم الذي حققه البرلمان المغربي بمجلسيه على هذا الصعيد، والمعضد لجهود وإنجازات الدبلوماسية الوطنية بقيادة الملك محمد السادس، الدور الطلائعي لممثلي الأمة في مجال العلاقات الدولية وأجندة السياسة الخارجية للمملكة سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، لمواجهة التحديات الخارجية وتعزيز مكانة المغرب وإسماع صوته على الصعيد الدولي.

فإلى جانب المهام والأدوار المتعددة التي أناط بها دستور المملكة المؤسسة التشريعية على المستويين التشريعي والرقابي، تشكل الدبلوماسية البرلمانية صلب العمل البرلماني، لاسيما في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم والرهانات الاقتصادية والأمنية التي تكتنفها، وهو ما جسدته بشكل جلي حصيلة الدورة البرلمانية الخريفية للسنة التشريعية الحالية التي اختتمت مؤخرا.

وفي قراءتها لهذه الحصيلة، أكدت الباحثة في الدبلوماسية البرلمانية، ابتسام عزاوي، أنها “حصيلة إيجابية ت ظهر وجود تطور نوعي في أداء المؤسسة التشريعية وفي قدرتها على مواكبة مختلف التحولات والتحديات الوطنية والقارية والدولية بما يتماشى مع الرؤية الملكية الطموحة التي توجه العمل الدبلوماسي والسياسة الخارجية للمملكة”.

واعتبرت الباحثة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن البرلمان المغربي، بمجلسيه، تمك ن من تعزيز مكانة المملكة في الساحة الدولية عبر مقاربة مبادرة وشاملة تجاه عدد من الفضاءات الجغرافية الجيوسياسية والجيو استراتيجية والجيو اقتصادية المختلفة في إطار تنويع الشراكات وتحقيق انفتاح أكبر.

ونو هت الباحثة، وهي برلمانية سابقة، إلى أن حصيلة الأداء الدبلوماسي للبرلمان هم ت تقوية التعاون الإفريقي، توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وفق باراديغمات جديدة، وتحقيق تقدم في التعاون مع دول أمريكا اللاتينية وآسيا، بالإضافة إلى اعتماد استراتيجيات دبلوماسية شاملة تهم المجالات السياسية، الاقتصادية، التقنية والبيئية وغيرها.

وأشارت في هذا السياق، إلى أهمية احتضان البرلمان لمحطات بارزة خلال الدورة الخريفية من قبيل استقبال رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون الذي جد د في خطاب، أمام مجلسي البرلمان التأكيد على دعم بلاده الواضح لسيادة المغرب على صحرائه، مبرزة أن هذا الزخم “يترجم قدرة البرلمان على ممارسة دبلوماسية برلمانية فاعلة ومؤثرة في تعزيز مصالح المملكة ودعم قضاياها الوطنية”.

وترى الباحثة التي أنجزت أطروحة في موضوع “الدبلوماسية البرلمانية المغربية في إفريقيا: مقاربة جديدة للحكامة الاستراتيجية”، أن البرلمان المغربي الذي جعل مجال انتماء المملكة وعمقها الإفريقي في صدارة مجالات التعاون مع عدد من البرلمانات، فضلا عن اشتغاله على واجهة علاقاته الخارجية على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف “استطاع تعزيز تموقعه كشريك لدى البرلمانات الدولية من خلال مشاركته الفاعلة في المنظمات البرلمانية الدولية، مثل الاتحاد البرلماني الدولي، والجمعية البرلمانية لدى مجلس أوروبا، والبرلمان الإفريقي، وغيرها”.

كما عمل، تضيف الباحثة، على تطوير علاقات الشراكة مع العديد من البرلمانات الوطنية عبر العالم سواء على المستويات الثنائية من خلال مجموعات الصداقة أو متعددة الأطراف، مما ساهم في تعزيز مكانته في الساحة الدولية، مشيرة إلى أن تبادل الزيارات البرلمانية والمشاركة في الاجتماعات الإقليمية والدولية مكنت البرلمان المغربي من تبادل الخبرات والتعريف بالنموذج المغربي وتوسيع دائرة تأثيره.

ونو هت في هذا الصدد، بنجاح المؤسسة التشريعية خلال الدورة الخريفية، في إطلاق، تنظيم واحتضان مبادرات رفيعة المستوى داعمة للمبادرة الدولية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومن ضمنها اجتماع رؤساء البرلمانات الإفريقية الأطلسية، معتبرة أن هذا الاجتماع “ي عد خطوة هامة على مستوى تعزيز العلاقات البرلمانية بين الدول الإفريقية الأطلسية، وي ظهر أن البرلمان المغربي أصبح مركزا رئيسيا للتفاعل البرلماني في المنطقة مما يعكس ثقة البلدان الإفريقية في الجهود المغربية”.

كما أشارت الباحثة إلى استضافة البرلمان المغربي للمنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية الذي كللت أشغاله بانتخاب المغرب رئيسا للمنتدى، مؤكدة أهميته في تبادل الرأي والخبرات والتشاور خدمة لقضايا القارة وتفاعلا مع مختلف التحديات الراهنة والمستجدة.

وبخصوص نجاعة التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف كرافد للعمل الدبلوماسي للمؤسسة التشريعية لاسيما من خلال الدور الذي تضطلع به الش عب الوطنية الدائمة ومجموعات الصداقة والتعاون، يرى الأستاذ في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أحمد البوز، أن كل تقييم لعمل هذه البنيات لا يتطلب فقط معرفة عددها وحجم البرلمانيين الذين استقطبتهم أو حتى عدد اللقاءات والزيارات التي تم القيام بها “وإنما معرفة إلى أي حد تمكنت هذه البنيات من تنويع آليات اشتغالها، وتوسيع دوائر وفضاءات تحركاتها ببعد البرلمان نسبيا عن مجالات تحركه التقليدية”.

وسجل الأستاذ الجامعي، في تصريح مماثل، أنه كثيرا ما يتركز عمل هذه البنيات وعمل المؤسسة البرلمانية ككل حول قضية الوحدة الترابية، معتبرا أنه “أمر لا يمكن إنكاره بحكم الأولوية التي تمثلها هذه القضية بالنسبة للمغرب والمغاربة، لكن ذلك لا يلغي أهمية الانتباه إلى قضايا جديدة تطرح تحديا كبيرا على المملكة كغيرها من بلدان العالم، مثل قضايا المناخ والهجرة، وحقوق الإنسان في جميع أبعادها”.

وأكد أن أهم تحد تواجهه الدبلوماسية البرلمانية يكمن في كسب الثقة في أدوارها وفي العمل الذي يمكنها أن تقوم به في التعريف بالقضايا الحيوية للمغرب في مختلف المحافل الدولية، “وهذا يرتبط بالصورة التي يجب أن يتم بها تمث ل هذه المؤسسة (…) وكذا بالمناخ السياسي العام الذي تعمل في إطاره، وبالتحدي الذي يطرحه موضوع توظيف واستثمار النخب البرلمانية والإدارية المؤهلة للقيام بهذا العمل المهم الذي يحتاج إلى الرهان على التكوين والتأهيل والتخصص والاحترافية”.

ولفت في هذا السياق، إلى طبيعة الإمكانيات المرصودة لهذا العمل، المادية والبشرية منها، والحاجة إلى التوظيف الذكي والمعقلن لها، بالإضافة إلى التعريف بما يتم القيام به وتسويقه، وإطلاع الرأي العام ووسائل الإعلام عليه، بوسائل متعددة ومتنوعة”.

Share
  • Link copied
المقال التالي