جدد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك (المدعي العام) لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة في المغرب، التأكيد على أن إجراء المتابعة القضائية في حالة اعتقال يجب أن يتم في إطار ضيق، يستحضر الطبيعة الاستثنائية لهذا التدبير.
ولفت، في هذا السياق، إلى ضرورة الحرص على التأكد من توفر المبررات القانونية المحددة التي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة.
وقال المسؤول القضائي في افتتاح ندوة جهوية، انطلقت أمس الاثنين في مدينة طنجة، إن ترشيد الاعتقال يقع في خط التماس مع الحق في الحرية باعتباره من حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية. وهنا تكمن جسامة المسؤولية، وتبرز قدرة المسؤول القضائي على التدبير الناجح والناجع من خلال الموازنة بين حماية الحق في الحرية، وضمان الحق في الأمن وضمان سلامة الأفراد والممتلكات.
وأشار إلى أن حسن تدبير هذا الموضوع يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة التي تُعدّ حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة، فأي إفراط أو سوء تقدير في إعمال سلطة الاعتقال، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة.
وذكر أنه رغم الجهود التي تبذلها رئاسة النيابة العامة والتي انعكست بشكل إيجابي على معدلات الاعتقال الاحتياطي، فإن انتشار وباء كوفيد 19 قد أثر سلباً على سير العدالة عموماً، وعلى وتيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص؛ “الأمر الذي يقتضي منا جميعاً، قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة وكذا جميع الفاعلين في حقل العدالة الجنائية، مضاعفة الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة”.
وفي هذا الصدد، أفاد أن الجهود المبذولة مكنت من خفض نسبة الاعتقال الاحتياطي حالياً، حيث بلغت في نهاية نوفمبر 43 في المئة من مجموع نزلاء السجون البالغ عددهم 89814 نزيلاً، بعدما كانت في نهاية سبتمبر 45,25 في المئة.
وأضاف أن حوالي ألفي معتقل انتهت قضاياهم بالبراءة أو عدم المتابعة خلال سنة 2020؛ الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول جدوى الاعتقال في مثل هذه الحالات.
وأضاف الحسن الداكي، قائلاً: “إذا كانت التطورات التي تعرفها القضايا خلال مرحلة المحاكمة تكون السبب الرئيسي في معظم هذه الأحكام، فأكيد أن مسؤوليتنا مع ذلك تبقى حاضرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمساطر مرجعية أو ادعاءات لا تعضدها وسائل الإثبات الكافية”.
تعليقات الزوار ( 0 )