Share
  • Link copied

الحلقة (4): الريسولي “ثائر جبلي” ضد المخزن انتهى سجينا عند المقاومة

فقد المخزن المغربي مع مطلع القرن العشرين الكثير من هيبته، وأصبح عرضة لجرأة الكثير من القبائل والمتمردين. زاد الضغط الأوربي والتسويات بين الدول المهتمة بالمغرب إحكام الطوق عليه. وبدا “المخزن ضعيفا كطفل صغير” أمام التحديات الداخلية والخارجية التي كانت تحيط بالبلاد. في الوقت الذي كان أنظار السلطان عبد العزيز (1900-1908) وحاشيته تتركز على ثورة “بوحمارة” دون أن تستطيع إنهاءها، كان ثائر آخر في منطقة الشمال وبالضبط بناحية الفحص يبزغ نجمه، مستغلا هذه الظروف للتقوي وجمع مناصرين ونهب القوافل وفرض الإثاوات لجمع المال.

ويدعى هذا الثائر الجبلي مولاي أحمد الريسوني أو “الريسولي”، “قوي وذكي أكثر من باقي اللصوص والمتمردين”. ينتمي إلى قبيلة “ريسانة” الذي تتخذ مواطنها بين طنجة والقصر الكبير.

ليس هذه صفاته الوحيدة، فهو أيضا متعلم وشريف من زاوية “تازروت” يحمل سمات سكان الجبل، “صارم وقوي وعنيف”، اتخذ من تازروت موقعا له.. أثارت غاراته على القوافل والتجار انتباه ليس المخزن فقط ولكن الأوربيين أيضا الذين كانوا يراقبون من طنجة وعبر قناصلهم وتجارهم وممثليهم ومحمييهم الوضع بالمغرب.
لم يكن يتنقل إلا في حرسه المكون من حوالي 100 عنصر أيديهم على بنادقهم، “متيقظين وأقوياء وأصلاب وسريعو الغضب”، ينتمون إلى قبائل الأنجرة ويقودهم خليفته ابن منصور.

ورفع شعار العداء للأجانب ورفض وجودهم بالمغرب لكسب الكثير من الأنصار، كما اعتقل بعضهم وطالب بفديات مقابل إطلاق سراحهم. إضافة إلى ذلك فقد دعم “بوحمارة” حيت التقيا في العداء للأجانب لكسب ثقة أتباعهم.

وبادر إلى اعتقال الصحفي الإنجليزي “والتر هاريس” مراسل صحيفة “ذي التايمز”، ومؤلف كتاب “Morocco that was”، الذي كان في مهمة خاصة لصالح الحكومة الإنجليزية، في يونيو 1903 ولم تطلق قبائل الأنجرة سراحه إلا بعد إفراج المخزن عن أسراها في غشت 1904.

ولم يتوقف طموح الريسوني على ماحصل عليه من المخزن، فقد خاض الطرفان معارك بينهما، انتصر في عديد منها الثائر الجبلي. ثم عاد في مسعى لتوطيد سلطته وتوسيع منطقة حكمه، إلى اختطاف مسؤول أمريكي يدعى Perdicaris يوم 18 ماي 1904 ونقله إلى الجبل. ردت على الولايات المتحدة الأمريكية على هذا الفعل، بإرسال بارجة حربية رست في ميناء طنجة آخر شهر ماي 1904، وأسفر تفاوض المخزن، الرافض لأي تورط في الصراع مع القوى الخارجية، مع الريسوني على الاستجابة لشروط الأخير بتعيينه حاكما على المنطقة ما بين طنجة والعرائش. فأصبح باشا على الفحص وجعل إقامته بأصيلا فبات يراقب طنجة.
حاول “ماك لين” Mac lean الضابط الإنجليزي الذي حضي بحضوة كبيرة لدى المخزن العزيزي الوساطة بين السلطان والريسولي، وعندما كان قريبا من تحقيق هدفه في إنهاء الصراع بين الطرفين، قام الريسولي باعتقاله وطلب فدية تقدر بـ20 ألف جنيه إسترليني، في محاولة منه للضغط أكثر على المخزن العزيزي من خلال دفع الإنجليز إلى توجيه التهديد للسلطان عبد العزيز “الذي استمر في الانغماس في ملذاته”. وعندما انتهى حكم الأخير وعوضه أخوه عبد الحفيظ (1908) أصبح الريسولي قائدا على كل جبالة، (الأنجرة، بني عروس، بني إدر…)، كـ”أحد ملوك الجبال”، لكن إسرافه في فرض الضرائب جر عليه ثوره مؤيديه. وبعدها عين باشا على القصر الكبير ثم سحبت منه السلطة.

ومرض الريسولي بـ Hydropisie، وأجريت له عملية من طرف الإسبان في 12فبراير1924، وقد كانت علاقاته معهم تتراوح بين اعترافهم به “سلطانا للجبل” سنة 1913، ومحاولة إخضاعه في سنة 1919، لكن المجاهد عبد الكريم الخطابي رأى فيه متعاونا مع الإسبان، اعتقله في 27 يناير1925 بمقر سكانه ثم أرسله إلى قبيلة أجدير حيت توفي في 10 أبريل من نفس السنة.

Share
  • Link copied
المقال التالي