شارك المقال
  • تم النسخ

الحكومة “المفروض عليها التعديل”

بعد مخاض عسير وطول إنتظار وفي سياق خاص خرج إلينا التشكيل الحكومي الجديد أو حكومة أخنوش “بروماكس” حيث إستكملت الحكومة هيكلتها وطعمت القطاعات بكتاب الدولة غلب على إختيارهم منطق الترضيات أو ما يكاد يشبه الإكراميات التي منحها السيد رئيس الحكومة لبعض مقربيه وأصدقاءه وأحد موظفيه في الهولدينغ العائلي (…) أو بعض رجال المال والأعمال بمنطق الكفاءة ديال ” calculatrice”.

إن قراءة أولية لهذه الهيكلة والتركيبة الحكومية تبين أنها كانت عملية إستبدال وزراء إستنفذوا رصيدهم في قطاعاتهم وهنا أخص بالذكر السيد وزير الفلاحة والصيد البحري وكذلك السيد وزير التعليم العالي الذي خلق بمقاربته أزمة في كليات الطب، أو وزراء لم نكن نسمع لهم حسا ولا أثر كالسيدة وزيرة التضامن والمرأة أو السيدة وزيرة الرقمنة التي لم تنجح في هذا الورش الإستراتيجي.

كما أن هناك وزراء لم يكونوا في عين رضا السيد رئيس الحكومة الذي كانت له يد ممدودة في سلطة الإقتراح حيث لا يخفى على أحد عدم رضاه العميق على وزير الصحة آيت الطالب أو ووزير الإستثمار الجزولي.

إن البروفيلات الوزارية التي تم تعيينها بعد إستكمال المساطر الدستورية ومن خلال إستقبال ملكي تؤشر على أننا نعيش أزمة نخب سياسية داخل الأحزاب وأن ملك البلاد يتقيد بإختصاصاته الدستورية ويترك حيزا وهامشا مهما للفاعلين من أجمل تحمل مسؤوليتهم في التدبير السياسي وإقتراح من يرونه مناسبا لبعض القطاعات، وهو ما يستوجب التقييم والمحاسبة، دون أن يشمل ذلك القطاعات السيادية المعروفة والتي يكون فيها هامش رئيس الحكومة مقيدا أكثر من باقي القطاعات.

إن مخرجات هذا التعديل سيكون لها تأثير في مستقبل الحكومة وما تبقى لنا معها من شهور معدودة. ولا أعتقد أن تغيير وزير الصحة في ظل تراكمات القطاع وحساسية المشاريع المرتبطة بمشروع الحماية الإجتماعية كان قرارا موفقا، بل إن الوزير الجديد المتعود على أجواء الهولدينغ والموضا قبل أن يلتحق بالكتابة العامة لرئاسة الحكومة، سيحتاج الكثير من الوقت لفهم القطاع بل لفهم Organigramme الخاص بوزارة الصحة، قبل أن يتمكن من طرح تصوره وسياسته وهو ما سيصادف نهاية الولاية ودخول الأحزاب في سيكولوجيا الإنتخابات.

إن الحاجة أصبحت ملحة لإنطلاق مبادرات سياسية من الجيل الجديد، فالسياسات العمومية لا ينطبق عليها منطق تدبير المقاولات حتى لو كانت من صنف “الهولدينغ”. فلا يبدو أن هذا التعديل بشكله ومضمونه سيفتح الباب لنفس جديد في العمل الحكومي إذا يكاد هذا التغيير فرض في إطار السياق العام والعرف الممارس منذ مدة لتجديد الوجوه، حيث أن الحكومة “فرض عليها التعديل” ولم يكن أبدا تعديلا جوهريا في ظل تراكم الإشكاليات في المجال الإقتصادي والإجتماعي.

فهل سيستطيع وزير التعليم العالي الجديد تحقيق الإصلاح الجامعي وتجاوز حالة البلوكاج في تعيين رؤساء الجامعات والعمداء؟ وهل سيخمذ غضب طلبة الطب؟ وهل سيضع كاتب الدولة لمسته في قطاع التشغيل؟ وهل سيحل وزير الفلاحة إشكالية العرض والطلب عبر مقاربة إنتاجية؟ وهل سيقطع وزير التعليم مع حالة الإرتباك في مسار الإصلاح و يؤطر سوق التعليم الخصوصي؟ لا أعتقد أن الزمن الحكومي المتبقي كافي لتحقيق هذه الأهداف… في إنتظار حكومة 2026… وفي إنتظار نخب بحمولة سياسية..

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي