بعدما انتقلت الرئاسة الأميركية إلى خصومهم الديمقراطيين؛ يخوض الجمهوريون -الساعون إلى استعادة السيطرة على الكونغرس العام المقبل- معركة داخلية حول توجهات حزبهم ولحسم خيارهم في ما يتعلق بتبني سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب المثيرة للانقسام أو نبذها.
وبعد مرور 100 يوم على انتقال الرئاسة من الجمهوري ترامب إلى الديمقراطي جو بايدن؛ عقد أعضاء جمهوريون في الكونغرس الأسبوع الماضي اجتماعات مغلقة في مقرهم الحزبي بفلوريدا في محاولة لاستبعاد الشخصيات المتطرفة من مؤتمرهم، وتسليط الضوء على السياسات المحافظة التي يعتبرونها قادرة على استقطاب الناخبين.
ويسعى الحزب الجمهوري إلى إيجاد مسار يخرجه من مأزقه السياسي استعدادا للانتخابات النصفية المقررة في 2022، ولاحقا الاستحقاق الرئاسي المقرر عام 2024.
وعلى الرغم من وجود رغبة لدى العديد من مسؤولي الحزب الجمهوري بالتخلي عن الخطاب المناهض للمهاجرين وطي صفحة ترامب، لا يزال جمهوريون كثر يرون في الرئيس السابق زعيما فعليا للحزب، علما أن استطلاعا أجرته شبكة “إن بي سي” (NBC) هذا الأسبوع أظهر تراجع تأييد الجمهوريين لترامب.
والأسبوع الماضي صرح ترامب لشبكة “فوكس نيوز” (FOX NEWS) الإخبارية الأميركية أنه يفكر “بجدية كبيرة” في خوض الاستحقاق الرئاسي المقبل في مواجهة بايدن أو أي مرشح ديمقراطي آخر في العام 2024.
ومن شأن تصريحات كهذه أن تجمد الأمور على صعيد الانتخابات التمهيدية بانتظار إعلان ترامب مشاريعه السياسية، وأن تحرم الحزب من فرص البحث عن مرشحين محتملين يمكن أن يخوضوا الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويقر واضعو إستراتيجيات الحزب الجمهوري وممثلوه أن الحزب يسعى إلى حسم خياره في ما يتعلق بترامب وبهوية الشخصية القادرة على إعادتهم إلى السلطة.
وقال مات ماكوفياك مستشار الحزب الجمهوري في تكساس “إن أي حزب يخسر الانتخابات الرئاسية يغرق في تخبط لفترة معينة”، معتبرا أن “الغرق في التخبط يعكس غياب زعيم واحد”، وأضاف “لكن ما هو مختلف بالنسبة لنا هو أننا لدينا زعيم واحد وهو ترامب”.
إلا أن الرئيس السابق يواجه مشاكل عدة؛ فنسب تأييده في صفوف الحزبيين تشهد تراجعا، كما أنه يواجه متاعب قضائية متزايدة، يضاف إلى ذلك أن تحقيقا فدراليا فُتح بحق محاميه الشخصي السابق رودي جولياني.
إلا أن ماكوفياك يشدد على أن “أجندة ترامب كانت ناجحة”، ويقول إن “هناك توافقا متناميا يعتبر أن الترامبية ـنهج الرئيس السابق- من دون ترامب قد تمنحنا أفضل فرصة للفوز في 2024”.
أرضية مشتركة
وفي إطار سعيهم لإبراز الصفة الجامعة لحزبهم -ولا سيما بعد الإدانة القضائية الصادرة خلال محاكمة الشرطي الأبيض السابق في قضية مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد- اختار الجمهوريون السناتور تيم سكوت الممثل الأسود الوحيد للحزب في مجلس الشيوخ، للرد على خطاب بايدن أمام الكونغرس الأربعاء الماضي.
وفي خطابه الذي استغرق ربع ساعة دعا تيم سكوت الأميركيين من كل الأطياف إلى تغليب “الحس السليم والأرضية المشتركة”، وهو ما جعل ماكوفياك يقول “إن اختيار سكوت كان مثاليا لأن مقاربته السياسية تلقى أوسع تأييد داخل الحزب”.
لكن على الرغم من سعي سكوت للتأكيد على أن “أميركا ليست بلدا عنصريا” يستخدم جمهوريون خطابا مناهضا للمهاجرين وسط معاناة الحزب في التعامل مع زخمه الشعبوي.
وكانت النائبة مارجوري تايلور غرين ـالمدافعة بشدة عن ترامب والتي تبنت في السابق نظريات مؤامرةـ من الشخصيات المحافظة التي تفيد تقارير أنها دافعت عن “تقاليد السياسة الأنغلوساكسونية” ذات التوجه العنصري والمناهض للمهاجرين.
لكن زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أكد أنه يعارض هذا الخطاب، وقد رفض التمسّك بترامب الخاسر للانتخابات والذي سعى إلى إشاعة نظريات مؤامرة حول تزوير نتائج التصويت ووجه إليه مجلس النواب تهمة التحريض على اقتحام الكونغرس في يناير/كانون الثاني الماضي.
لكن الرئيس السابق هاجم بشدة ماكونيل خلال مؤتمر لمانحي الحزب في أبريل/نيسان الماضي، وأفادت تقارير أنه وصف السناتور الجمهوري بأنه “غبي”.
خلاف فلوريدا
وفي خضم سعي الجمهوريين لوضع إستراتيجية الانتخابات النصفية للعام 2022؛ برز خلاف في الاجتماع المغلق في فلوريدا بين زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي ورئيسة مؤتمر الحزب ليز تشيني، وهو تطور كان الجمهوريون الساعون إلى توحيد صفوف الحزب يأملون في تجنبه.
وقالت تشيني -وهي إحدى الشخصيات الجمهورية العشر التي صوتت لصالح توجيه الاتهام لترامب في يناير/كانون الثاني الماضي- إنه يجب منع السياسيين الذين طعنوا بنتائج الانتخابات من الترشح للرئاسة.
ورد مكارثي على تشيني بالقول إن مناقشة هذه القضايا في اجتماع مخصص لبحث التوجهات السياسية للحزب “غير مثمر”.
ولم تستبعد تشيني -التي تعرضت لانتقادات من داخل حزبها على خلفية التحية المتبادلة بينها وبين بايدن قبيل خطاب الأخير أمام الكونغرس- خوض الاستحقاق الرئاسي المقبل، لكن مستقبلها السياسي سيبقى في مهب الريح ما لم يقرر الحزب الجمهوري التخلي عن ترامب الذي هاجم مرارا تشيني في الآونة الأخيرة.
تعليقات الزوار ( 0 )