بالرغم من أنها ذات كثافة سكانية صغيرة، وأغلب مساحاتها عبارة عن خلاء، إلا أن العديد من السياسيين يتصارعون من أجل الظفر برئاسة الجماعات القروية في المغرب، تحت مبررات متعددة، من قبيل النهوض بالعالم القروي وتنمية البوادي، ومساعدة الساكنة وتقريب الخدمات منها.
مجموعة من رؤساء الجماعات القروية لا يدخرون أي جهد في خدمة الصالح العام، وتنفيذ مشاريع مهمة للنهوض بالمجال القروي، إلا أنه، وفي المقابل، هناك العشرات من الرؤساء، الذين يسعون لتولي هذا المنصب، لأغراض شخصية متعلقة بخدمة المصالح الفردية، وفق العديد من الإفادات.
مصادر مطلعة أكدت لـ”بناصا”، بأن “منصب رئيس جماعة قروية، يمكن أن يباع بثمن مهم جدا، وتصرف عليه الملايين من أجل الظفر به، سواء عبر منح رشاوى للمواطنين للتصويت، أو بمنح مبلغ مالي كبير لأعضاء المجلس من أجل الاستفادة من التزكية”.
وأضافت المصادر ذاتها بأن هناك مناصب رئاسة جماعة قروية يمكن أن يدفع “صاحبها مبلغ 60 مليون سنتيم من أجل توليها، وهناك مبالغ أكثر بكثير تقدم فقط لنيل التزكية والفوز بالرئاسة، لأن ذلك سيجلب أضعاف المبلغ المصروف في وقت لاحق”.
وأوضحت المصادر السابقة، والتي رفضت الكشف عن اسمها، بأن الاستفادات كانت تبدأ بتوصل الجماعات القروية بميزانية ضخمة، لإنجاز بعض المشاريع، في وقت لا يتم تنفيذها كلها، أو تقليص المبلغ المتوقع صرفه ما أمكن، لاختلاس الأموال”.
ونبه إلى أن تشديد المراقبة على ميزانية الجماعات الترابية، وبعث لجان تفتيشية بشكل دوري، خاصة تلك القادمة من المجلس الأعلى للحسابات، قللت من نسبة الاختلاسات، وجعل العديد من الرؤساء يحسبون ألف حساب قبل الإقدام على أي خطوة مشابهة.
وأشارت المصادر، إلى أن “هناك طرقاً أخرى، يستغلها رؤساء الجماعات القروية، حيث يعمدون لإبرام صفقات بالملايين من أجل الاستثمار والتحصل على أموال طائلة، خاصة عبر امتلاك الأراضي بأثمنة بخسة، مقابل بيعها بمبالغ مضاعفة لاحقا”.
مصادر من إقليم الناظور، أكدت لـ”بناصا”، بأن “بعض الجماعات القروية في المنطقة، عرفت العديد من التلاعبات، حيث أقدم رؤساؤها على شراء أراضي تابعة لنفوذهم من مواطنين بسطاء، بأثمنة لا تتجاوز الـ 100 درهم للمتر الواحد في أغلب الأحيان، قبل أن يقوموا ببيعها، بعد دخول المنطقة للمجال الحضري بالملايين”.
ويكمن التلاعب حسب المصادر السابقة، في “أن الرؤساء يعلمون بأن هناك إمكانية لإدخال المنطقة المستهدفة في المجال الحضري، أو في حالات كثيرة، هم من يقفون وراء الدفع بهذا الاتجاه، حيث يسارعون إلى شراء الأراضي بأثمنة بخسة، مقابل أن يبيعوها بعد الانتماء للمجال الحضري، بمبلغ لا يقل عن 10 أضعاف ثمن الشراء، في أسوء الحالات، علماً أنه في بعض الأحيان يمكن أن يضرب المبلغ في 100”.
وسبق لبعض الوجوه النافذة داخلة الأحزاب المسيرة للجماعات المحلية، القروية، والحضرية المحاذية لها، داخل الإقليم المذكور نفسه، أن اشتروا الهكتارات من الأراضي، قبل فترة من دخولها للمجال الحضري، ليستفيدوا من أموال باهظة، ما تزال ترتفع مع مرور الوقت وإلى غاية اليوم.
يشار إلى أن العديد من الشبهات تلاحق رؤساء الجماعات القروية، على رأسها شراء الأراضي والدفع باتجاه دخولها للمجال القروي، إلى جانب الاختلاسات التي تقع على مستوى مجموعة من المشاريع، إضافة إلى أن هناك جماعات قروية “وهمية”، كما يحب للبعض تسميتها، نظرا لعدم وجود سكان بها، أو وجود نسبة لا تتجاوز الـ 100 فرد.
تعليقات الزوار ( 0 )