أثارت قضية إصدار وزارة الثقافة الجزائرية لمجلة جديدة حملت عنوان “انزياحات”، جدلا واسعا وسط المثقفين ومواقع التواصل الإجتماعي، بعد أن اتضح جليا بأن عنوان المجلة صورة طبق الأصل لمجلة يمنية صادرة قبل عشر سنوات !!.
وكشفت وزيرة الثقافة، مليكة بن دودة، أن الوزارة أطلقت العدد الأول من مجلة “انزياحات” الثقافية تحت شعار “فكرة التغيير” بإشراف كتاب ومثقفين جزائريين، واعتبرتها “وسيلة إعلامية ثقافية مفتوحة لكل الجزائريين ضمن ما يعني الثقافة الجزائرية ويثريها ويثمنها”.
وبعكس تصريحات الوزيرة بن دودة، فجر الشاعر اليمني فتحي أبو النصر عبر منشور له بمواقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، قضية سطو وسرقة على عنوان مجلته التي أصدرها قبل عشر سنوات وحملت تسمية ” إنزياحات ” ما خلق ضجة كبيرة في البلدين.
وكتب أبو النصر على صفحته “تفاجأت بأن وزارة الثقافة الجزائرية تصدر مجلة باسم انزياحات وهو عنوان مجلتي التي أصدرتها في 2010 “.
ولم يتوقف الشاعر اليمني عند هذا الحد، بل كتب منشورا آخرا ليلة الجمعة إلى السبت “أطالب وزارة الثقافة اليمنية بالتدخل في قضية سرقة وزارة الثقافة الجزائرية لاسم مجلتي انزياحات”.
وعبر مثقفون جزائريون عن أسفهم لما بدر من وزارة الثقافة والتي لم تظهر أي جهد في اختيار اسم مجلة حكومية في أول إصدار لها ما تسبب في جدل كبير وإعتبروا ذلك بالخطأ الذي لا يغتفر واعتداء صارخ على ملكية فكرية للغير.
وقال الإعلامي البارز إبراهيم قار علي في تصريح لجريدة “بناصا” إنه كان من الغرابة أن تصدر مؤسسة ثقافية بحجم وزارة الثقافة مجلة تحمل اسما غريبا، يعبر عن هلوسة شخصية ذلك أن المؤسسة أكبر من مثل هذه البوهمية والشللية، فالعمل الثقافي يقوم على الجدية والوعي وليس على الهرطقة السفسطائية”على حد قوله.
وأضاف قار علي “لقد اتضح فيما بعد أن مجلة انزياحات يعود اسمها إلى شاعر يمني وقد أصدرها على نفقته الخاصة، وهذا ما يعني أن وزارة الثقافة الجزائرية قد أصبحت متهمة بالسرقة الأدبية ، وقد ذهب الضحية الشاعر اليمني إلى مطالبة وزارة الثقافة اليمنية بالتدخل لدى وزارة الثقافة الجزائرية بخصوص هذه القضية ولقد أصبح الأمر على درجة كبيرة من الفضائح الأخلاقية التي لم يسكت عن التنديد بها من طرف الفاعلين في العمل الإعلامي والإعلام الثقافي”.
وختم الإعلامي كلمته بالتذكير بأن وزارة الثقافة الجزائرية كانت تصدر من قبل مجلات جميلة جدا وبأسماء مختلفة مثل مجلة الثقافة أو مجلة آمال أو مجلة ألوان، وقد كان من الأفضل حسبه أن تبعث الوزارة هذه المجلات من جديد ، ولكن الغريب أن الوزارة التي جعلها الوباء تدخل الحجر كانت قد حولت نشاطاتها إلى افتراضية من خلال الشبكة العنكبوتية، ولكن في النهاية فإن هذه العنكبوت التي فضحت كل ذلك” يقول قارعلي.
وتفاعل الكثير من المثقفين الجزائريين عبر مواثع التواصل الاجتماعي مع قضية مجلة انزياحات وما سببته من صداع كبير في رأس الوزراة بسبب تصريحات الشاعر اليمني الذي اتهم الوزارة بصفة مباشرة بسرقة ملكيته الفكرية.
وعلق الأستاذ الجامعي محمد علواش ساخرا “الله اكبر …حتى عنوان مجلة لم يجهدوا أنفسهم في إبداعه، بل وجدوه جاهزا .. “.
وأضاف في منشور آخر ” الزج بوزارة دولة في الاعتداء على الملكية الفكرية للغير، خطأ لا يغتفر !”
وعلق أيضا الأستاذ الصحفي ” ضربان مهدي” قائلا ” تحولت انزياحات إلى أكبر فضيحة إعلامية في الجزائر تهم الاعلام المتخصص .. الناس اليوم انزاحت إلى الفضيحة التي أحدثها العنوان المسروق أكثر من انزياحهم الى مضامين المشروع ..كل من كتب في العدد التجريبي لانزياحيات يجد نفسه سارقا من نوع خاص ..وستبقى الفضيحة تطارد كل من كتب أو قام بهندسة المشروع وسيبقى اليمن السعيد مرتبطا بالجزائر أكبر من ارتباطه بنا يوم درب رابح سعدان الفريق اليمني ..اليمن تساوي انزياحات والثقافة عندنا ..لمسة يمنية مسروقة بامتياز ..”.
وهناك من لم يكترث للقضية واعتبرها جد عادية ورأوا أن “كلمة انزياح ليست مسجلة باسمه، فهي مأخوذة من المعجم الأسلوبي ومعروفة وسارية في الدرس النقدي”، مبرزين أنه لا جدوى من هذا الجدل.
وعلى غرار الكاتب هشام بن سعادة الذي صرح لـ”بناصا” أن الموضوع أخذ أكثر من حجمه لأن عنوان المجلة انزياحات هو مصطلح أسلوبي متاح لكل رجال العلم و الفكر الباحثين عن المعرفة كل في اختصاصه.
وأضاف بن سعادة قائلا “أعتقد أن توافق عنوان مجلة الشاعر اليمني وعنوان مجلة وزارة الثقافة هو أشبه بتوافق أفكار لا غير ، أو تكون للمعني نية للإسترزاق ( تعويض مالي)من خلال إثارة هذه القضية و يبقى موضوع حماية حقوق المؤلف في شقه القانوني”.
وبين هذا وذاك تبقى وزارة الثقافة في الجزائر ملزمة بالخروج عن صمتها وتوضيح الأمور بشأن عنوان المجلة والدفاع عن التسمية التي إخترتها “انزياحات” للرأي العام بدل الصمت الرهيب الذي بدر منها ولم تعلق لحد الساعة عن القضية.
هده هي الجزائر التي نلقبها بجوج في عقل لانهم لايعرفون سوى التقليد الاعمى والسرقة والحسد ولاحول ولا قوة الا بالله
للأسف الشديد، يبقى النقاش سطحيا وعقيما من طرف بعض المثقفين، تحركه في الغالب حظوظ نفس، ورغبة في التشفي، أو حسرة لزوال نعمة أو حرمان من نصيب كعكة الثقافة، أو امتطاء لصهوة بطولة زائفة. فعلا وكما يقال في المثل الشعبي: المندبة كبيرة والميت فار.