يعاني الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، من العديد من المشاكل، على رأسها التصحر، الذي يهدد المنطقة، وينذر بتحولها إلى صحراء لا تصلح لشيء في السنوات المقبلة، خاصة بعد الأضرار الكبيرة التي تسبب فيها للمنظومة البيئية، ما انعكس سلبا على الساكنة، الذين اختار مجموعة منهم الفرار إلى أماكن أفضل.
بالرغم من أن إقليم فجيج، واحدٌ من أكبر الأقاليم المغربية من حيث المساحة، ويشكل حوالي نصف جهة الشرق التي ينتمي إليها، إلا أن عدد سكانه ضئيلة جدا ولا تتجاوز الـ 139 ألف نسمة، وفق إحصائيات 2014، وسط مساحات شاسعة، الأمر الذي يرجعه البعض إلى التقلبات الكبيرة التي عرفتها أجواء المنطقة في السنوات الماضية.
الجو شبه الصحراوي، المتسم بحرارة لا تقل عن 38 درجة صيفا، وبرودة قارسة شتاء، إلى جانب التصحر، الذي يستمر في التوسع، جعل من إقليم فجيج، منقطة يصعب العيش فيها، وساهم في هجرة العديد من الأسر، سواء إلى مدينة وجدة، أو إلى مدن أخرى في الشرق أو الجهات القريبة التي توفر طبيعتها ظروفة عيش أفضل.
حمزة أبراهمي، باحث في البيئة والتنمية المستدامة، أرجع في تصريح لجريدة “بناصا”، سبب التصحر في الجنوب الشرقي للمغرب، إلى “توالي سنوات الجفاف، بالإضافة إلى أن المناخ الصحراوي السائد في المنطقة، بحيث لا تتجاوز التساقطات السنوية 100ملم”.
وتابع المتحدث، بأن توالي سنوات الجفاف “أفقد التربة الغطاء النباتي بسبب ندرة المياه وعدم تجدد دورة الحياة للنباتات الموسمية، مما أدى إلى زحف الكثبان الرملية على هكتارات من الأراضي الجافة”، بالإضافة إلى أن “عدم توفر مناطق الجنوب الشرقي على غابات لوقف زحف الرمال زاد الطين بلة، وصارت الكثير من الأنواع النباتية التي كانت تميز المنطقة في ما مضى مهددة بالانقراض”.
وواصل أبراهمي:”فقدان التربة لخصوبتها ورطوبتها أدى لانعدام نمو الفلورة (النباتات)، مما شكل تهديدا لتواجد الفونة (الحيوانات)”، موضحاً بأن “الثروة الحيوانية بدأت في الاندثار بسبب تراجع المساحات الخضراء والمياه التي كانت تشكل المصدر الوحيد لعيش للكائنات الحيوانية. وهنا نقف على انقراض الحيوانات العاشبة واللاحمة، الحشرات، والكائنات الدقيقة على حد سواء”.
وأردف المتكلم بأن “التصحر جعل الكائنات الحية تهاجر باتجاه مناطق خضراء توفر لهم المياه، لكن بالمقابل قرّبها أكثر من الإنسان، ما وضعها بين مطرقة الجفاف وسندان الصيد الجائر في مناطق تواجد الساكنة”، مستطردا:”أما على مستوى الهواء فالتصحر يؤدي إلى تبخر المياه الجارية. ومياه السحب مما يشكل مناخا صحراويا، حاراً صيفا وبارداً شتاءً”.
وواصل أبراهمي: “التفاوتات في درجة الحرارة الدنيا والقصوى يشكل ضررا على أنسجة النباتات وكذلك قدرة الحيوانات على العيش في هذا المناخ”، منبها إلى أن التصحر، “إلي حد ما، قد يكون سببه طبيعي، ولكن في المقابل نجد كذلك أن التمدن على حساب المساحات الخضراء يساهم في تفاقم هذا المشكل”.
وبخصوص الحلول الممكنة من أجل محاربة التصحر وإعادة الحياة للمناطق التي تشهد هذه الظاهرة، سواء بإقليم فجيج، أوالجنوب الشرقي عامة، يقول أبراهمي: “لتفادي كل هذه الأضرار يجب تشجير مناطق واسعة بأشجار ذات قدرة على التكيف مع الجفاف، مثل الصنوبر والصفصاف والفستق الأطلسي، هذا التشجير الذي من شأنه أن يساهم في خلق جو رطب ملائم لعودة نمو النباتات وتكاثر باقي الكائنات الحية”.
تعليقات الزوار ( 0 )