اذا استمر احتجاج رجال التعليم لأسبوع آخر فمن الأفضل للاباء والأمهات سحب أبنائهم من المدارس وإعلان سنة بيضاء من جانبهم مادام أن الزمن المدرسي لآلاف التلاميذ الذين يفوق عددهم عدد الأساتذة المضربين عن العمل قد تم هدره بشكل غير معقول وغير مقبول مند بداية الموسم الدراسي من طرف الوزارة الوصية ورجال التعليم.
السكوت على هذا الوضع الشاذ جريمة ضد الوطن وضد المدرسة العمومية التي تئن وضد ملايين الأسر الهشة والفقيرة والمعوزة التي لا تتوفر لديها إمكانية تدريس أبنائها في المدارس الخصوصية على غرار أبناء وبنات السادة الوزراء وجزء كبير من أبناء رجال التعليم الذين استطابوا الإضراب عن العمل دون رأفة بتلاميذهم الذين باتوا مهددين بأمراض نفسية خطيرة مثل الاكتئاب.
لا شك أن السيد رئيس الحكومة عقد اجتماعا مع المركزيات النقابية لبحث حلول للازمة ولكن الجواب في الشارع كان هو المزيد من التصعيد والكل تابع الحشد الكبير لرجال التعليم الذين نزلوا إلى العاصمة الرباط من كل فج عميق دون الاخد بعين الاعتبار معاناة الأسر الهشة التي لا بديل لها عن المدرسة العمومية التي يدق اليوم الوزير ورجال التعليم معا آخر إسفين في نعشها.
لقد تحلا آباء التلاميذ وأولياء أمورهم في وقفاتهم الاحتجاحية أمام عدد من المؤسسات التعليمية بأخلاق عالية وبشجاعة قل نظيرها عندما قالوا بصوت واحد: نحن لسنا ضد الأساتذة ونطالب بانصافهم ونحمل الحكومة والوزارة الوصية كامل المسؤولية، لكن وللأسف الشديد، اتجهت الانظار صوب رجل التعليم، الذي أدمن الاحتجاج والاضراب عن العمل لكسر شوكة الحكومة، دون أن يضع في ميزان حسابه مصلحة آلاف التلاميذ، الذين يضيعون بسبب هدر زمنهم المدرسي من طرف الجميع.
لا عيب في أن تتم المطالبة برحيل وزير التعليم شكيب بن موسى مادام أن مسؤوليته الحكومية ثابتة في تفخيخ الدخول المدرسي بنظام أساسي غير منصف بتواطؤ مع المركزيات النقابية التي تملصت من انقاقها اليوم وركبت بدورها موجة الشارع للحفاظ على شعرة معاوية مع قواعدها التي تمردت عليها.
ولكن العيب كل العيب أن يتم توظيف هذا الاحتجاج لتصفية حسابات ضيقة دون استحضار مصلحة التلميذ الذي يعد الحلقة الأضعف في هذا التدافع غير النظيف بين الوزارة الوصية وبين تنسيقيات رجال التعليم ومركزياتهم النقابية.
اليوم لم يعد هناك من خيار آخر أمام الأسر المتضررة من معركة كسر العظام بين الحكومة وبين تنسيقيات الاساتذة غير سحب أبنائهم من المدارس وإعلان سنة بيضاء من جانب واحد حتى تبقى المدارس خاوية على عروشها وحينها فليتحمل كل طرف مسؤوليته مادام أن الضمير الوطني والمهني غائب ومادام أن مصلحة التلاميذ لم تعد تعني أي شيء في صراع الوزارة والحكومة مع الأساتذة.
لقد بلغ السيل الزبى وبحت حناجر الأمهات والاباء الذين خرجوا لإيصال رسالتهم السلمية والحضارية ولكن أصوات رجال التعليم وقرارات الوزير بن موسى هما الاقوى لأن أبنائهم يواصلون دراستهم بشكل طبيعي في المدارس الخصوصية وغير متضررين من الإضراب الذي يخدم مصلحة رجال التعليم ومصلحة اللوبيات التي تعمل أناء الليل والنهار لضرب المدرسة العمومية وتحطيمها من الأساس.
إذا عجزت الأسر عن إيجاد حل لهذه الازمة التي تسبب فيها الوزير بن موسى الذي عينه ملك البلاد طبقا لمقتضيات الفصل 57 من الدستور فهناك مؤسسات في الدولة وهناك ملك للبلاد هو المؤتمن دستوريا على ضمان الحقوق والحريات وضمان السير العادي للمؤسسات.
لايمكن التعامل مع آلاف التلاميذ وأولياء أمورهم كما لو انهم رهائن بيد الحكومة وبيد رجال التعليم، ولايمكن الانخراط في لعبة الصمت، والتعامل مع مطالب الأسر بمنطق أضرب عمر بزيد، وكأنه ليس للبلد رب يحميه.
على الحكومة أن تجد حلا عاجلا، وعلى تنسيقيات الأستاذة أخد مصلحة آلاف التلاميذ بعين الاعتبار دون الانخراط بوعي أو بدون وعي في جريمة الهدر المدرسي، وإذا استعصى الاتفاق بين الطرفين على مخرج للأزمة، فهناك دستور وهناك مؤسسات دستورية كفيلة بإيجاد حل يرضي كل الأطراف وعلى رأسها التلاميذ الذين لا يحق لأي طرف كان المقامرة بحقهم في التعليم.
تعليقات الزوار ( 0 )