قالت مجلة “البرلمان” البريطانية، إن المغرب أصبح واحدا من أكثر البلدان الأفريقية طموحا من الناحية التكنولوجية التي تتبنى تقنيات الرعاية الصحية عن بُعد الحديثة وتعميمها في المجالات القروية.
وتقدم الخدمات الصحية عن بُعد الحديثة التقنيات السريرية المتطورة في جميع ربوع المملكة، حتى في المناطق النائية، بحيث لم يعد الطب والرعاية الصحية يعتمدان على مقابلة الطبيب مباشرة في صيغته التقليدية (وجها لوجه).
وأوضحت المجلة، أن من شأن تقديم الخدمات الصحية عن بعد، أن يساهم في إصلاح الخلل الذي كان موجودا منذ فترة طويلة في الاستفادة من الرعاية الصحية الشاملة لجميع المواطنين؛ حيث كانت المناطق القروية، لا تستفيد بشكل أفضل من هاته الخدمات، مقارنة بالمناطق الحضرية.
وأضافت المجلة، أن استغلال أحدث التقنيات، يمكن أن يوفر وصولا أفضل إلى الرعاية الصحية، مما يعني الانتشار التدريجي لتقنيته، وبالتالي يمكن للمرضى الاتصال والتشاور عن بُعد مع الأطباء للوصول إلى رعاية ونتائج أفضل بتلك المناطق.
وفي هذا الصدد، قال المدير التنفيذي للجمعية المغربية للطب عن بعد، الدكتور سعد شعشو، أنه “بالنظر إلى أحدث أعمال التشخيص وخبرتنا الدولية، يبدو أن التطبيب عن بعد اليوم، يقدم استجابة مثالية للتحديات الصحية الموجودة في المغرب والمرتبطة بقضاياها الجغرافية”.
وأضاف شعشو، في تصريح للمجلة، “أن هذه التجربة ستسمح بزيادة الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية لسكان القرى الذين يعانون عادة نتيجة عزلتهم ونقص الطاقم الطبي المؤهل”.
ومن أجل تعميم نجاح هذه المبادرة، يضيف شعشو، اتبع المغرب ثلاث مراحل، أولها، كانت سنة 2018، من أجل إرساء و”إثبات المفهوم” في ستة مناطق نائية.
وفي المرحلة الثانية، والتي تستمر إلى غاية سنة 2021، يتم توسيع هذا المفهوم ليشمل حوالي 40 موقعا محليا، بحيث تم تشغيل أربعة منها منذ مارس من السنة الجارية، مع نشر ثمانية أخرى حاليًا. وفي الخطوة الأخيرة، أي بين 2021 و 2025، سيتم توسيع خطة الانتشار على نطاق وطني.
وسيتم تغطية أزيد من 120 منطقة قروية، أي 80 في المائة من السكان الأكثر عرضة للخطر – حوالي 1.3 مليون شخص – مع توفير مرافق طبية للاستشارات عن بعد.
وأوضح المتحدث ذاته، أنه “سيتم تزويد هؤلاء الأشخاص بمجموعة من خدمات الرعاية الصحية، والتي تشمل الرعاية الطبية العامة، وحالات الأم والوليد وصحة الأطفال، وكذلك اضطرابات القلب والأوعية الدموية ومرض السكري، وخدمات الأمراض الجلدية، وستتراوح هذه الخدمات من الوقاية إلى الكشف، ثم العلاج والمتابعة “.
وخلال مرحلة الإطلاق، سيتم تقديم الاستشارات عن بعد من المركز المركزي المتواجد في جامعة محمد السادس للعلوم الصحية (UM6SS) في الدار البيضاء، ويعمل به متخصصون طبيون يعملون في المستشفى الجامعي الدولي الشيخ خليفة بالدار البيضاء.
وخلال المراحل اللاحقة، أوضح شعشو، أنه سيتم منح الاستشارات عن بعد لكل من الممارسين الخاصين، مباشرة من العمليات الجراحية، وكذلك للأطباء الملحقين بالمباني العامة من أماكن عملهم.
ومن أجل ضمان تقديم أفضل الخدمات الممكنة، تم الحصول على منصة متكاملة للتطبيب عن بعد، تعتمد على أجهزة طبية معتمدة وحل برمجي عالمي، سيمكن الأطباء من إجراء الفحص والتشخيص للمريض عن بعد عبر تقنية الفيديو من خلال توجيه أحد أفراد الطاقم الطبي المؤهل في الموقع.
ويوفر النظام الأساسي، مجموعة من الميزات والوظائف، تتمثل في إدارة السجلات الصحية الإلكترونية، وإصدار الوصفات الطبية، وجدولة المواعيد مع الالتزام دائمًا بمتطلبات خصوصية البيانات وأمانها.
ويتم الاتصال بين المحور المركزي والموقع البعيد عبر الاتصالات التي سيتم تصميمها حسب الطلب، كما سيتم وضع هذه الترتيبات في المناطق القروية المعينة، مع الاعتماد في الغالب على الموارد المادية والبشرية الموجودة.
ومن الناحية العملية، سيتم استقبال المرضى في المراكز الصحية المحلية المجهزة بالمعدات الطبية لإجراء الاستشارات عن بعد، وذلك بمساعدة طاقم طبي مؤهل ومدرب جيدا في الموقع “.
واعتمد المغرب في حل تكنولوجيا المعلومات المختار للتطبيب عن بعد لـ 40 موقعًا تجريبيًا، بما في ذلك الأجهزة الطبية وآليات التواصل عبر الفيديو، على شركة أوروبية تدعى (HOPIMEDICAL).
واستطاعت الشركة، تلبية متطلباتنا وتوقعاتنا بدقة، لا سيما من خلال إمدادنا بحزمة من الأجهزة الطبية المختلفة التي تم دمجها أصلاً مع حل برمجيات الاستشارات عن بُعد”.
وسيتم أيضًا نشر وحدات منصة تكنولوجيا المعلومات بطريقة تدريجية وعلى مراحل، باتباع تلك المستخدمة في نهج النشر الميداني، كما أن هناك التزام بتغطية الوظائف ذات الأولوية المطلوبة لإجراء الاستشارات عن بعد.
وسيكون هناك بعد ذلك تطور تدريجي في منصة مشتركة ، متاحة لجميع الجهات الفاعلة في مجال الرعاية الصحية في المغرب.
وأضافت المجلة ذاتها، أن تطوير التطبيب عن بعد، أتاح للعديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، تقليل العزلة الطبية التي يعاني منها سكان المناطق النائية.
وفي المغرب، يمتلك “التطبيب عن بعد” أيضا القدرة على التعامل مع حالات الطوارئ الصحية وسد الثغرات المباشرة في الرعاية الصحية الموجودة في الآليات والترتيبات الحالية.
وأشار المدير التنفيذي للجمعية المغربية للطب عن بعد، الدكتور سعد شعشو، إلى أنه “على المدى البعيد، نعتقد أن المغرب والدول الأوروبية يمكن أن توحد جهودها وتجاربها، وتتخذ إجراءات مشتركة لإطلاق مبادرات مماثلة للتطبيب عن بعد مصممة لتلبية الاحتياجات الفعلية للبلدان الأفريقية”، وفق المجلة ذاتها.
تعليقات الزوار ( 0 )