“الفرنان “، أو ” البلوط الفليني”، أو ” السنديان الفليني ” أو ” بلوط الفلين ” أو ” الدلم “.. تعددت الأسماء والمسمى واحد .. هي أسماء تطلق في المغرب على شجرة معمرة ، تعرف باسمها العلمي (Quercus suber) ، وهي نوع نباتي شجري، من جنس السنديان ، حيث يستعمل في إنتاج مادة الفلين.
ويعتبر إقليم بنسليمان، نهاية تواجد هاته الشجرة في اتجاه جنوب القارة ، إذ يعتبر موطن هذا النوع جبال المغرب العربي والبلقان ، وجنوب غرب أوروبا.
تتواجد شجرة الفلين في ارتفاعات مختلفة ، كما هو الشأن بغابات مدينة بنسليمان، وقد تصل أحيانا إلى 2200 متر بجبال الأطلس وجبال الريف بالنسبة للمغرب.
وتبلغ مساحة الغابات في إقليم بن سليمان حوالي 57392 هكتار ما يمثل 25٪ من مساحة الإقليم، وتأتي الغابة في المرتبة الثانية بعد الزراعة في طريقة استخدام الأراضي والتكوينات النباتية التي تشكلها، ويشغل البلوط الفليني أو السنديان الفليني ما يناهز 32 بالمائة من المساحة الإجمالية لغابات إقليم بنسليمان.
تعمر شجرة الفلين ما بين 300 و500 سنة، ويكون جذعها وأغصانها مكسوة بقشرة تحتوي على شقوق سميكة جدا وإسفنجية، لينة في البداية ، فتتصلب بعد ثلاث سنوات من عمرها.
تكون هذه القشرة طبقة من الفلين لا يتم اقتطاعها إلا بعد ما يصل عمر الشجرة 25 و27 سنة ، بينما تتواصل عملية الجني دوريا ما بين 9 و12 سنة.
أما أوراق الشجرة فهي متقابلة، يابسة كالجلد، رقيقة وأحيانا ذات جنبات ملتوية، لون الأوراق أخضر داكن لامع .. ثمار الشجرة أي البلوط بنية وممتدة ، توجد داخل أكياس تغطيها نتوءات ولا تنتجها شجرة الفلين إلا عندما تبلغ 15 سنة من عمرها.
يقول محمد أيت محتا الكاتب العام لجمعية التضامن الغابوي بالمغرب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن شجرة الفلين تحتاج ما بين 9 و12 سنة لتكوين طبقة واحدة من الفلين ، وهو السن المناسب للقطف.
وتابع أن عملية الجني هي تقنية معقدة وتحتاج لعمال وتقنيين ومهندسين من ذوي الخبرة في مجال العمليات الحرجية .. يتم التجريد الأول عندما يبلغ سن البلوط 25 عاما ، ويبلغ قطر الجذع 70 سم، ويبلغ طوله 1.3 متر من الأرض ، يتم التجريد اللاحق بفاصل زمني لا يقل عن تسع سنوات مما يعني أن حصاد الفلين يستمر 150 عاما في المتوسط .
وأضاف محمد ايت محتا، أنه للقيام بهذه العملية التقنية تعمد إدارة المياه والغابات ببنسليمان إلى تفويض عملية جني الفلين إلى شركات مختصة عبر عمليات طلبات العروض.
تقوم هذه الشركات بجني الفلين ابتداء من شهر ماي إلى شهر غشت ، وهو الوقت المناسب لقطف الفلين بدون إلحاق أضرار بالشجرة .. يتم تجميع الفلين في مستودعات تابعة لأملاك المياه والغابات غالبا ما تكون قرب المراكز الغابوية.
وتعرض من بعد على البيع عن طريق سمسرة عمومية وطنية تنظمها إدارة المياه والغابات كل سنة، يشارك فيها أرباب معامل تحويل الفلين الذين يتمركزون ما بين مدن العرائش، سلا، تمارة الصخيرات وبوزنيقة.
وأعطى أيت محتا، على سبيل المثال، مستودع الفلين بمنطقة المياه والغابات بعين تيزغة، الذي يعرف كل سنة تجميع ما يزيد عن ألفي استير من الفلين .. تعرض للبيع عبر المزاد العلني، وتضخ 80 بالمائة من مواردها في صندوق الجماعة الترابية ، زيادة على رسم 20 بالمائة من ثمن البيع الذي يستفيد منه حساب العمالة.
وحول مزايا شجرة الفلين، أكد أيت محتا، أنها متعددة .. اقتصادية، وشبه طبية، حيث تعتبر شجرة غابوية لإنتاجها للفلين والخشب وحطب التدفئة ، وشجرة مثمرة لكونها تجيد علينا بثمار البلوط.
ومن بين مزايا الفلين أيضا اعتباره عازلا للصوت وللحرارة ويمتص الصدمات مما يجعل البعض يستعمله في استوديوهات التسجيل الصوتي ، وفي تأثيث المكاتب الفاخرة، وفي صناعة أفرشه الأحذية وتأثيث صالونات السيارات لامتصاص الصدمات .
كما يستخدم الفلين في المقام الأول كسدادة لزجاجات النبيذ، وإغلاق زيت الزيتون ومنتجات أخرى.
ويعتبر خشب البلوط الفليني من أقوى الأخشاب صلابة ومقاوم لعوامل التعرية ، مما يجعله الخشب الأكثر طلبا لصناعة براميل تخزين النبيذ والزيوت وبعض السوائل الأخرى .
ويستعمل أيضا حطبا في تدفئة المنازل والحمامات والأفران لاعتباره من أحسن الأخشاب صمودا أثناء الاشتعال .
أما ثمرة البلوط فهي بالدرجة الأولى ذات منفعة علفية للحيوانات وغذائية للإنسان ، وتستعمل في عدة مأكولات مغربية، يحضر بها المربى الذي يتميز بلذة مداقه ، كما تيتم أكل ثمراته طازجة ومشوية.
يُقدم البلوط أيضا مجموعة من الفوائد الصحية للجسم، ما يجعله غذاء متكاملا يحمي الجسم من الأمراض، مثل علاج قروح الفم والتهابات اللثة، إذ يحتوي البلوط على مواد قابضة تُسرع شفاء التهابات الفم ، والوقاية من سرطان المعدة والأمعاء والرحم، نظرا لاحتوائه على بعض مضادات الأكسدة .
كما أنه طارد للبلغم ، ويقي من أمراض الجهاز التنفسي، بما فيها التهاب الشعب الهوائية والكحة.. ويعتبر البلوط أيضا علاجا لحموضة المعدة وعُسر الهضم، خصوصا الاضطرابات الهضمية مثل الإسهال والإمساك ، وضبط نسبة السكر في الدم.
وختم أيت محتا، أن إدارة المياه والغابات ببنسليمان ، تستعين بثمرة البلوط لإعادة تجديد وتخليف غابة السنديان . كما هو الحال بالنسبة لورش ا”لحويرة” بجماعة عين تيزغة ، والذي عرف نجاحا مبهرا مما جعله قبلة للجمعيات والباحثين المهتمين بالمجال البيئي.
وأكد في هذا الصدد أن البلوط الفليني يواجه العديد من التهديدات مثل الحرائق وإزالة الغابات والتوسع الزراعي والمرض وتغير المناخ ، وغيرها من العوامل التي تؤثر عليه وعلى وجوده.
وتبقى الإشارة إلى أن عملية الحفاظ على البلوط الفليني، هي مسؤولية الجميع ، من أجل تنمية غابات شجر الفلين بإقليم بنسليمان لاستدامتها حتى تبقى إرثا للأجيال القادمة.
تعليقات الزوار ( 0 )