أشار عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلى أن أن “وسائل الإعلام أضحت تقدم محتويات بمنطق السوق، وليس بخلفية أداء أدوارها في الإعلام والإخبار والتثقيف والتوعية، ولذلك نحت إلى مسايرة التفاهة عوض مواجهتها”.
وتابع البقالي، في ندوة لفيدرالية ناشري الصحف عقدت بفاس، بالقول ” إن “ظاهرة الشعبوية في وسائل الإعلام المغربية تنمو بشكل كبير، وهي ناتجة عن متغيرات وتطورات مهمة جدا حدثت على المستوى الاقتصادي والاجتماعي العالمي، حيث انتقلنا إلى الاقتصاد الليبرالي المتوحش”.
وأضاف المتحدث ذاته ““في السابق كانت وسائل الإعلام تتيح الشهرة للأشخاص وللأفراد على أساس جودة الأفكار وقوة البرامج، لذلك في السابق كانت الشهرة صعبة المنال والتحقق وتكاد تكون حالات نادرة جدا”.
واعتبر رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن “وسائل الإعلام غيرت وظيفتها وأتاحت الشهرة لأشخاص أقل من عاديين”، مضيفا، “هنا في المغرب أشخاص بسطاء عاديون، تفوق معدلات المشاهدة عندهم معدل مبيعات جميع الصحف الوطنية مثلا”.
وأفاد أن “حوار الحضارات أو الأديان من أكثر القضايا تعقيدا وتشبيكا في الوقت الراهن، وتتميز بحساسية مفرطة، فهي من القضايات التي تستوجب عمليات جراحية دقيقة جدا، وأي خطأ مهني يكون قاتلا لا قدر الله”.
وطرح البقالي في نعرض حديثه، تساؤلات حول “هل المنتج للمنتوج الإعلامي على دراية كاملة بحيثيات الإشكالية حين يتحدث عن الحضارات والثقافات والأديان؟، هل له إدراك مهم بكُنه هذه القضايا؟ أم يتناولها تناولا سطحيا؟ وأيضا هل له القدرة المنهجية والمهنية للإلمام بهذه القضية، مع اختيار القالب الملائم”.
وأردف بالقول “الأكيد أن العالم المعاصر يعيش اليوم أزمات وحروب، وكثير منها عندها خلفيات وأسباب ترجع إلى عوامل حضارية وعوامل أديان، وأيضا عوامل اقتصادية وتجارية”، ولاحظ أنه “في كثير من المرات، وسائل الإعلام تساهم في التحريض والتأجيج والتضليل عن دراية أو عن جهل”.
ويرى رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن “نزعة إذكاء الصراعات من طرف وسائل الإعلام ستزداد حدة في المستقبل، وهذه ليست نظرة تشاؤمية، ولكنها نظرة واقعية، لأننا لم نعد في وضع الجمهور المستهلك للمحتوى الإعلامي، ودوره كان استهلاكيا نفعيا، اليوم أصبح هذا الجمهور منتجا أيضا للمحتوى الإعلامي، ومن خلاله أصبح مشاركا في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
واستشرف البقالي مستقبل الإعلام، حيث تابع أن “هذا التسيب والفوضى في المجال الإعلامي سيزداد حدة ولا نملك سلطة للحد من ذلك أو التأطير، بل فقط التقليل من حجم الخسائر من خلال تحصين ما نتوفر عليه، فالمنتوج الإعلامي الجيد على كل حال يمكنه أن يضيق على التفاهة ويحد من تأثيرها على المجتمع، ولا نملك إلا ردة الفعل في هذا الإطار”.
تعليقات الزوار ( 0 )