شارك المقال
  • تم النسخ

البحث عن عمل

ملايين من الشباب العربي لديه أعلى الشهادات ولكنه لا يجد فرصة عمل، وإن وجدها قيل له أين الخبرة وكيف يتحصل على الخبرة وهو لا يجد العمل؟!

يسقط الشباب في الحيرة والقلق حيث الانتظار الطويل بدون نتيجة ويفكر في كل سبل الهرب من مجتمعه الى بلاد الله الواسعة بحثا عن الرزق؛ هذا لمن استطاع والباقي يبقى أسير واقعه.

يتصل بعض الشباب، يسأل ماذا افعل؟! عندي كل الشهادات بتفوق من الابتدائي للدكتوراة، ولكن عاجز عن إجاد وظيفة، ويصل بعضهم لطلب أي وظيفة دون اشتراط ما يتناسب مع شهاداته ومستواه العلمي؛ فقط يحتاج لما يستر به نفسه. وحتى هذا يكون عزيزا في أغلب الاحيان.

هذه الظاهرة بقدر ما هي مؤلمة تحتاج إلى تفكير عميق مَلِيّ من كل المعنين؛ وتحتاج إلى رفع واقع المجتمعات وإلى سبل علاج جديدة، ولا ينفع هنا كيل التهم للحكومات ومطالبتها بالتدخل فقد جفت الاقلام في هذا النداء؛ وهناك جهود تبذل في إطار التعليم المهني على ضعفها أو في فتح أفق للمشاريع التجارية الصغيرة واسنادها..لكن ذلك لا يحل المشكلة.

الحياة تقدم لنا فرصاً صغيرة كمطبخ البيت أو مساكن بعيدة عن أسواق البيع أو والدة تحسن الطبخ أو عربة صغيرة تصلُح كمسطح بيع أو قريب يعمل في حرفة يدوية أو قدرة على بناء علاقات اجتماعية أو مهارة سِواقة دراجة نارية او…. شئ ما نغفل عن قيمته لاننا لا نتخيل أنفسنا الا في قالب الموظف.

الناس تعرض علينا قصصاً للنجاح مثل بل جيت وستيفن جوب وغيرهم. والشباب يعلم أن هؤلاء كانوا في افضل الجامعات بما توفره المجتمعات الرأسمالية من فرص للمبدعين؛ ولكن واقعنا فيه الناس تبحث عن ما يصون كرامتهم ابتداء، هو واقع مختلف.

حين نفكر في قصص النجاح في مجتمعاتنا المختلفة نجد آلاف القصص للبدايات المحرقة والنهايات المشرقة لاناس بدؤوا من قاع الفقر إلى السعة والحياة المستقرة.

تلحظ أمرا مشتركا في هؤلاء الناجين من خط الفقر وهو قدرتهم على تغيير مسار التفكير من البحث عن الوظيفة الى التقاط الفرصة الصغيرة، ثم يأتي العمل الشاق واكتساب المهارة والخبرة وتطوير الذات كمستلزمات للنجاح، هذا شاب في كلية التجارة في السنة الاخيرة تعرفت عليه اثناء بحثي عن سباك لاصلاح سخان في السبعينات فوجدته في غاية الاناقة، لم أصدق أنه سباك؛ ولكن قام بالعمل بدقة متناهية.. فجلست للتحدث معه، وأخبرني بأن والده من طبقة فقيرة؛ وأنه رغم حرصه على تعليمه؛ ألحقه بقريب يعمل في مهنة السباكة فتعلم الصنعة منه، ولاحظ أن معظم المنازل التي يزورها بها سخانات قديمة لا تتوفر لها قطع غيار. فكر أنه لو جمع ما يرمي منها وقام بفكها ستتوفر له قطع الغيار، يقول هكذا بدأت بتكوين عملي، واخترت كلية التجارة حتى اعرف كيف أدير عملي…هكذا خرج من دائرة الانتظار لدائرة الفاعلية


تكثر عندي قصص هؤلاء ممن صادفتهم في مختلف المهن، ومن مختلف الخلفيات جمعهم أنهم خرجوا من خط الفقر نتيجة تغيير نمط التفكير، لا تقدم لنا الحياة ما نريد ولكن حين نقبل ما تقدمه نستطيع تحويله لما نريد.

إنسان الانتظار ينتظر من يصنع له الفرصة؛ وإنسان الفاعلية يغير من أنماط تفكيره ليصنع فرصته. وبدون هذا التغيير ستبقى طوابير الانتظار في زيادة، فرصة مما هو حولك وتعليم مهني صغير ومعرفة بسيطة بحساب الربح والخسارة ثم صبر على البدايات؛ وفشل ونجاح…وتوفيق الله من قبل ومن بعد.

الخلاصة: لا ترمي السنارة بعيدا بحثا عن السمكة فربما تكون السمكة تحت قدميك.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي