شارك المقال
  • تم النسخ

الانتخابات التشريعية.. مَن ينتصر في معركة العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار؟

وسط تحوُّلات داخلية وخارجية مهمة، وتغييرات ظاهرة وواضحة تعرفها الخارطة السياسية في البلاد، تستعد المملكة المغربية لإنهاء الولاية الحكومية الثانية لحزب العدالة والتنمية، وفتح باب التنافس الانتخابي بين الأحزاب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. وفيما يحلُم الإسلاميون بمواصلة الجلوس على كرسي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة، يأمل منافسوهم أن تكون استحقاقات الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل نهاية حقبة إخوان العثماني وبنكيران، على أن يفتح المغرب صفحة جديدة، تتناسب مع الإكراهات والتحديات التي يعيشها، ومع التطلعات الخارجية والداخلية التي يُخطِّط لها.

خلال الانتخابات النقابية الأخيرة التي شهدتها المملكة المغربية قبل أسابيع قليلة، فشل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وهو الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في تخطي العتبة القانونية (6%)، إذ اكتفى بـ 5.63%؛ ما يعني حرمان نقابة الإسلاميين من المشاركة في جلسات الحوار الاجتماعي المقبلة التي تُعقد دوريا بين الحكومة والنقابات.

برَّرت الأمانة العامة للاتحاد الوطني للشغل تراجع نتائج النقابة، من 7.36% سنة 2015 إلى 5.63% هذه السنة، بالاستهداف والتضييق الذي تعرَّض له أعضاء النقابة في بعض الإدارات والمؤسسات. ولعل ذلك أحد الأسباب بالفعل، لكنْ هناك سبب لا يمكن إغفاله وهو استياء الطبقة الشغيلة بدرجة كبيرة من سياسات حكومة العدالة والتنمية، فقد دخل الإسلاميون أثناء سنوات حكمهم في عدد من المواجهات مع الطبقة العاملة، بداية من الأطباء ووصولا إلى رجال التعليم. وهذا الانخفاض في شعبية الحزب قد لا يقتصر على نتائج النقابات، بل ربما يمتد أثره إلى الانتخابات الجماعية (الجهوية) والتشريعية (الحكومية).

وصل حزب العدالة والتنمية المغربي ذو المرجعية الإسلامية إلى سدة رئاسة الحكومة المغربية مُستفيدا من الحراك الذي عرفه الشارع العربي إبان الثورات العربية، واستفاد الحزب كباقي الأحزاب الإسلامية في العالم العربي من هذه الموجة المُطالِبة بالتغيير والحرية للوصول إلى الحكم بعدما ظلَّت أقصى أماني قياداته أن تحصد عددا أكبر من المقاعد يُخوِّل لها تعزيز موقعها في المعارضة أو ربما المشاركة في الحكومة على أحسن تقدير. ومنذ ذلك الحين، عاش الحزب العديد من الهزّات داخليا وخارجيا، وفقد الكثير من تماسكه وبعضا من بريقه بسبب مشكلات الحكم التقليدية التي لم يكن الإسلاميون في المغرب على خبرة بطريقة تدبيرها، خصوصا تلك التي تتناقض تناقضا صارخا أحيانا مع المرجعية الإسلامية والأيديولوجية المحافظة التي عوَّل عليها إخوان الدكتور سعد الدين العثماني بقوة خلال الاستحقاقات الانتخابية.

أول رجَّة قوية هزَّت عرش العدالة والتنمية كانت إعفاء عبد الإله بنكيران من طرف الملك بسبب فشله في تشكيل الحكومة الثانية بعد تصدُّر حزبه الانتخابات التشريعية لسنة 2016 إثر تعثُّر مفاوضاته مع باقي الأحزاب، وهو ما اصطلح عليه إعلاميا بـ “البلوكاج”. جاء العثماني وقَبِلَ بجميع الشروط التي رفضها سلفه جملة وتفصيلا، وفضَّل السلامة والمشاركة في حكومة لم تُترجِم طريقة توزيع حقائبها الوزارية حقيقةَ نتائج الانتخابات، فالعدالة والتنمية الذي حصل على 125 مقعدا لم يحصل إلا على وزارات كالنقل والطاقة والشغل والأسرة وحقوق الإنسان، فيما تحصَّل حزب التجمع الوطني للأحرار صاحب الـ 37 مقعدا، الذي دخل الائتلاف الحكومي رفقة أحزاب أخرى فرضها هو نفسه، على وزارات الفلاحة والمالية والتجارة والعدل.

بعد أن “خرج من الخيمة مائلا”، كما يقول المَثَل الشعبي المغربي، انقسم حزب العدالة والتنمية فعليا بين تيار يقوده عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق والرئيس السابق للحكومة المغربية، وآخر يتزعَّمه سعد الدين العثماني خليفته في المنصبين، وجد العدالة والتنمية نفسه بين مطرقة التدبير الحكومي وسندان المعارضة الداخلية. وأتى أول اختبار حقيقي لحزب “المصباح” حين سمح الإسلاميون في يوليوز/تموز 2019 بمرور قانون “فرنسة التعليم” الذي اعتبره بنكيران سبَّة للإسلاميين المعروفين بدفاعهم عن اللغة العربية، الوعاء اللغوي لعلوم الشريعة وأحد أهم أسلحة المجتمع أمام موجة التغريب والفرنكفونية التي تكاد تكتسحه.

ثاني الملفات الحساسة التي أحدثت شرخا قوية داخل أروقة العدالة والتنمية كان ملف التطبيع مع إسرائيل، وتوقيع العثماني بنفسه على اتفاقية عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودولة الاحتلال في يناير/كانون الثاني 2020، رغم تبني الإسلاميين منذ زمن بعيد خيار دعم المقاومة الإسلامية، بل وتدشين تجمعاتهم ومهرجاناتهم الخطابية بأغاني “حماس” مُرتدين الكوفية الفلسطينية رمزا للنضال المستمر. صحيح أن عبد الإله بنكيران خرج ووقف بجانب العثماني في محنته حين أكَّد أن القرار يتجاوز العدالة والتنمية وأنه قرار الدولة والمؤسسة الملكية، لكن قيادات أخرى داخل الحزب لم تحذُ حذوه، إذ أعلن “إدريس الأزمي”، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب) وعمدة مدينة فاس، استقالته من مهامه الحزبية، وتبعه في ذلك “عبد العزيز العماري” عمدة مدينة الدار البيضاء، فيما أعلن القيادي “أبو زيد المقرئ الإدريسي” العضو السابق للأمانة العامة تجميد عضويته.

سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ بعد إقرار البرلمان المغربي لقانون تقنين زراعة مخدر الكيف بهدف استخدامه لأغراض طبية، خرج وزراء الحزب هذه المرة دون التواء للدفاع عن هذا القانون، مُتحدّين خصومهم من داخل الحزب وخارجه. كان أبرز هؤلاء الخصوم عبد الإله بنكيران نفسه، الأمين العام السابق الذي أعلن عبر ورقة مكتوبة بخط يده نشرها على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قطع علاقته مع كلٍّ من سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، و”مصطفى الرميد” وزير الدولة المُكلَّف بحقوق الإنسان، و”عبد العزيز الرباح” وزير الطاقة، و”محمد أمكراز” وزير الشغل، بالإضافة إلى “لحسن الداودي” عضو الأمانة العامة؛ بسبب مساهمتهم في إقرار هذا النظام الذي حاربه بنكيران بكل قوة حينما حاول خصمه حزب الأصالة والمعاصرة التسويق له أثناء حملته الانتخابية عام 2016.

صحيح أن بنكيران عاد عن قراره بعد تدخُّل من قيادات حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي للحزب، لكن ما حدث أكَّد للجميع، من محبي وداعمي العدالة والتنمية وخصومه على السواء، أن الحزب سيُعاني كثيرا خلال الانتخابات القادمة من عائق التشتُّت والتشرذم، بالإضافة إلى عائق آخر هو نقصان شعبيته وظهور الإسلاميين في صورة سياسيين براغماتيين غلَّبوا مصالحهم السياسية على المنطلقات الفكرية والأيديولوجية والشرعية التي أكَّدوا دائما التزامهم بها، حسب ما أشار إليه بنكيران نفسه.

لن تُشكِّل الخلافات العائق الوحيد الذي سيحاول إخوان العثماني تجاوزه أملا في ولاية ثالثة، فالعائق الأبرز سيكون بلا شك قانون “القاسم الانتخابي” الذي أُقِرَّ من طرف البرلمان المغربي إبريل/نيسان الماضي، الذي سيُمثِّل بلا شك أحد أهم العراقيل بوجه الحزب الحاكم لمواصلة الجلوس على كرسي رئاسة الحكومة. هذا القانون الذي وافقت عليه جميع الأحزاب المغربية باستثناء العدالة والتنمية ينص على حساب عدد المقاعد عن كل دائرة انتخابية على أساس أصوات الناخبين المسجلين حتى غير المصوتين منهم في هذه الانتخابات، وليس على أساس عدد الأصوات الصحيحة كما كان الأمر من قبل. وهذا يعني أن العدالة والتنمية سيخسر من 25 إلى 35 مقعدا برلمانيا حتى لو حصل على عدد الأصوات نفسه التي حصل عليها في 2016، وهو ما يعني أن أقصى ما سيتمكَّن الإسلاميون من حيازته لن يتجاوز 100 مقعد على أحسن تقدير، ومن ثمَّ يصبح تصدُّر الانتخابات أصعب بكثير من ذي قبل. ويُضاف إلى ذلك أن القانون سيُمكِّن باقي الأحزاب من تشكيل الحكومة دون إشراك العدالة والتنمية في حالة عدم تصدُّره الانتخابات، ذلك لأن عدد المقاعد البرلمانية التي يجب توافرها لتشكيل الأغلبية هو 198 من أصل 395 مقعدا متاحا.

بدأ الصعود السريع للأحرار مباشرة بعد فوز العدالة والتنمية بانتخابات 2016، إذ نجح أخنوش فيما فشل فيه حزب الأصالة والمعاصرة خصم الإسلاميين الأبرز في ذلك الاستحقاق الانتخابي، بعدما أجبر العدالة والتنمية على عدم إشراك حزب الاستقلال شريكه الإستراتيجي في الحكومة، وأصرَّ بدلا من ذلك على تشكيل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب أخرى من بينها الاتحاد الاشتراكي الذي رفض بنكيران مشاركته جملة وتفصيلا. أما وقد سقط بنكيران بعد إعفائه من طرف الملك بسبب “البلوكاج”، وقَبِلَ العثماني بكل هذه الشروط، بات الأحرار يُشكِّلون الآن حكومة داخل الحكومة، وأغلبية داخل الأغلبية، وصار العدالة والتنمية معزولا وحيدا وسط حكومة من المفترض أنه هو مَن شكَّلها.

طموح أخنوش وحزبه هذه المرة مختلف للغاية، فهو لا يريد لعب دور المُعرقل كما حدث سابقا، لكنه يرغب في الانتصار وإبعاد العدالة والتنمية عن الولاية الثالثة، وهو هدف خطَّط له بعناية. أولا، لم يدخل الحزب في أي صراع أيديولوجي مع الإسلاميين، عكس حزب الأصالة والمعاصرة الذي قال أمينه العام “إلياس العماري” في ندوة تقديم برنامج حزبه الانتخابي إنه جاء “للإطاحة بالإسلاميين لحماية المسلمين”. فقد قال أخنوش أثناء تصريح متلفز في مارس/آذار 2018 إن حزبه لم يأتِ لمواجهة العدالة والتنمية، ولا يريد كسر أحد، لأن للحزب تراكما تاريخيا سياسيا وقيادات ذات كفاءة عالية تريد أن تلعب الدور الذي يناسبها ويناسب ما تستطيع تقديمه للمغرب.

هذا التصريح يؤكِّد أن طريقة تفكير الأحزاب الموالية للقصر أخذت في التطوُّر والتغيُّر، فالأحرار يعلمون أن حزب العدالة والتنمية يُتقن جيدا العزف على وتر “المظلومية الإسلامية”، كما حدث في الانتخابات السابقة، لذلك فإن من الحكمة عدم الانجرار نحو هذه الصراعات الأيديولوجية، خصوصا أن الحزب لا يملك أرضا أيديولوجية صلبة يواجه بها الإسلاميين. أما باقي مقادير وصفة إبعاد إخوان العثماني فستكون بلا شك حملة انتخابية قوية، إلكترونية وتقليدية، بجانب التعويل على الأعيان لجذب شريحة المصوتين غير المُسيَّسين، الذين تصاعد منحنى مشاركتهم الانتخابية منذ سنة 2002. هذا بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على التصويت، لأن أي عزوف انتخابي سيكون في صالح العدالة والتنمية صاحب الكتلة الناخبة المُسيَّسة التي تُقرِّر على أُسس أيديولوجية، وأحيانا دينية.

بعد استقلال المغرب عام 1956، وإلغاء الحماية التي فرضتها فرنسا على البلاد عام 1912، بدأت الأحزاب الوطنية تأخذ مكانا مهما داخل الخريطة السياسية في إطار بناء الدولة المغربية الحديثة. أحد أبرز هذه الأحزاب كان حزب الاستقلال، الذي أسَّسه “علال الفاسي”، المناضل والزعيم السياسي المغربي الراحل، وقد شكَّل “الاستقلال” ركنا من أركان الدولة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني. وفي بداية عهد الملك الحالي محمد السادس، شارك الحزب في عدد من الحكومات وترأس بعضها، لكنه عاد إلى الوراء بعد موجة 20 فبراير، حيث حُلَّت حكومة عباس الفاسي وأُعلنت انتخابات مبكرة تهدف إلى تهدئة الشارع. ثم جاءت الانتخابات بالإسلاميين، وشارك الاستقلاليون في الحكومة لكنهم سرعان ما انسحبوا، ثم انزووا إلى الظل ولم يَعُدْ بمقدورهم الدخول في لعبة الكبار مع العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة ثم التجمع الوطني للأحرار. وبذلك اكتفى الاستقلاليون ببعض الحقائب الوزارية حينما سنحت لهم الفرصة، أو انتظروا على كراسي المعارضة دون قدرة على تقديم مشروع سياسي حقيقي.

ثاني الأحزاب الوطنية التي فقدت الكثير من بريقها وجلّ مقوماتها هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فقد شكَّل اليسار تيارا قويا بعد استقلال المغرب، وظلَّ معارضا شرسا للقصر الملكي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني. وتمكَّن قادة اليسار من تشكيل جبهة معارضة قوية مكَّنتهم من الوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة عام 1997 عبر حكومة التناوب التي تزعَّمها القيادي اليساري الراحل “عبد الرحمن اليوسفي” بعد تصدُّر الاتحاد الاشتراكي للانتخابات. وقد استنفد الحكم الكثير من مقومات اليساريين، واستهلك غالب رصيدهم لدى المواطن المغربي، خصوصا بعد أن انسحبت القيادات التاريخية لليسار التي عاشت وعاصرت سنوات النضال، وظهرت قيادات جديدة ذات توجُّه سياسي مختلف تماما عمَّا سطَّره الرعيل الأول من اليساريين.

لم يحصد الاتحاد الاشتراكي سوى 20 مقعدا خلال انتخابات 2016 من أصل 395 مقعدا، ودخل الحكومة بعد أن زج به الأحرار عنوة في التحالف الحكومي. أما باقي الأحزاب اليسارية فلم تكن أفضل حالا، فحزب فيدرالية اليسار الذي تكوَّن بعد تحالف 3 أحزاب يسارية هي الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، لم يتحصَّل سوى على مقعدين في الانتخابات السابقة، رغم الدعم الكبير من طرف مثقفي اليسار والفنانين وبعض الإعلاميين، وها هو يدخل الاستحقاق الانتخابي الجديد بعد انهيار هذا التحالف الهش بين الأحزاب الثلاثة.

يرى الدكتور “أحمد بوز”، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أن أهم هدف تطمح الأحزاب المغربية قاطبة إلى تحقيقه هو حتما محاولة كسب أكبر عدد ممكن من المقاعد حتى تتمكَّن من الدخول في التحالف الحكومي القادم ولا تجد نفسها مضطرة للعب دور المعارضة غير المُغري. وقال بوز في حديثه لـ “ميدان” إن الفاعلية السياسية في المغرب أصبحت مرتبطة حصرا بالمشاركة في تسيير الشأن العام، ذلك لأن المعارضة والطهرانية السياسية وصور الشهداء والنضال لم يعد لها صدى داخل أروقة الشأن السياسي المغربي. فالمعارضة الآن في ظل الأوضاع الراهنة تعني لعب دور المُتفرِّج، لا سيما أن الأحزاب السياسية على اختلاف شعاراتها وألوانها لا تختلف كثيرا في عُمقها الأيديولوجي، فالخصومة بينها سياسية محضة ولا تنبني على قناعات أيديولوجية، ما يعني أن السياسات الحكومية قد لا تختلف كثيرا بين هذا الحزب أو ذاك.

وقد أقرَّ أستاذ القانون الدستوري بصعوبة التكهُّن بنتائج الانتخابات المغربية القادمة، لكنه أضاف أن الأكثر صعوبة سيكون تخيُّل سيناريوهات تشكيل الحكومة حتى بعد الكشف عن النتائج، ففي حالة تصدُّر العدالة والتنمية سيكون السؤال مطروحا: مَن سيدخل في هذا التحالف الحكومي ووفق أي شروط؟ وفي حالة هزيمة الإسلاميين فيسكون علينا الانتظار لمعرفة إن كانت باقي الأحزاب لا تُمانع في إشراكهم طرفا في الحكومة بما أنهم لن يكونوا على رأسها، أم سيُدفعون دفعا للعودة إلى المعارضة غير مرحَّب بهم في المشروع السياسي الجديد.

بيد أنه تجب الإشارة هنا إلى أمر مهم -حسب الأستاذ بوز-، وهو أن خلاف العديد من الفاعلين السياسيين مع العدالة والتنمية، بما في ذلك الأحزاب المُقرَّبة من القصر، ليس بالضرورة خلافا أيديولوجيا، بل له أسباب مختلفة منها بنية الحزب وشخصية قياداته التي لا تتوافق في كثير من الأحيان مع التقاليد السياسية في المغرب، بالإضافة إلى عدم حيازة الحزب للكوادر والكفاءات الضرورية لتسيير شؤون البلاد حكوميا. هذا وأكَّد بنكيران نفسه في أكثر من مرة تلك الحقيقة، التي تُعقِّد موقف الحزب في وقت يبحث فيه المغرب عن شخصيات قادرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وإن كانوا من التكنوقراط.

بكثير من السياسة وحساباتها، وبأقل قدر من الأيديولوجيا ومتطلباتها، ستدخل الأحزاب المغربية الانتخابات القادمة، وكلها أمل في أن يكون وزراؤها حاضرين في تلك الصورة الجماعية التي تلتقطها الحكومة مع الملك. تلك الصورة قطعا مقياس النجاح، والغياب عنها هو بدون شك فشل ذريع، أما صاحب الابتسامة العريضة بجانب الملك فلن يخرج غالبا عن أحد الرجلين، سعد الدين العثماني حامل مصباح* العدالة والتنمية أو عزيز أخنوش صاحب حمامة** الأحرار التي تتطلَّع للخروج من ظل الإسلاميين وقفص حكوماتهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي