كشفت دراسة حديثة أجراها فريق دولي من علماء المناخ، أن درجات الحرارة القياسية التي عرفتها أجزاء من المغرب والجزائر وإسبانيا والبرتغال، خلال شهر أبريل الماضي، لم تكن لتحصل لولا تغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية.
ويعتبر المغرب من ضمن أكثر البلدان التزاما بمواجهة التغيرات المناخية، حيث احتل المركز السابع في مؤشر أداء تغير المناخ، لسنة 2023، غير أنه يدفع ثمن التّهاون الدوليّ في مواجهة هذه الأزمة العالمية.
وقال التقرير الصادر عن الأكاديمية العالمية التابعة للرابطة الدولية لمعينات الملاحة البحرية، التي يدرس علماؤها العلاقة بين الظواهر المناخية المتطرفة وتغير المناخ، إنه “خلال موجة الحر المبكرة الاستثنائية” سجلت “درجات حرارة محلية أعلى من المعتاد بمقدار 20 درجة مئوية”.
وأضافت الدراسة، أن درجات الحرارة “كسرت المعدلات القياسية لشهر أبريل بما يصل إلى 6 درجات”، متابعةً أن الحرارة التي سجلت في هذه البلدان كانت “شبه مستحيلة” بدون التغير المناخي الذي تنتجه الأنشطة البشرية.
في هذا الصدد، قال الخبير في شؤون البيئة، محمد بنعبو، في حديث لموقع “الحرة”، إن تغير المناخ يجعل من دول البحر الأبيض المتوسط بما فيها المغرب والجزائر أكثر عرضة للتطرف المناخي الذي يهدد الموارد المائية والأمن الغدائي.
ويشير الخبير إلى أن المغرب مثلا سجل في الفترة التي تتحدث عنها الدراسة درجة حرارة قياسية حتى بالفترة الليلية.
وركزت الدراسة التي أجراها الفريق الدولي على متوسط درجة الحرارة القصوى التي سجلت لمدة ثلاث أيام في معظم المغرب وشمال شرق الجزائر، وخلصوا إلى أنها درجة غير عادية ولم تكن متوقعة حتى مع الزيادة الكبيرة في الاحتمالات بسبب الاحترار الذي يسببه الإنسان.
وسجل المغرب درجات حرارة قياسية مع أكثر من 41 درجة مئوية في بعض الأماكن، فيما تجاوزت درجات الحرارة في الجزائر 40 درجة مئوية.
والعام الماضي، شهد المغرب أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود، لكن الوضع مرشح للأسوأ تدريجيا في أفق العام 2050 بفعل تراجع الأمطار (-11 في المئة) وارتفاع سنوي للحرارة (+1,3 درجات)، وفق تقديرات وزارة الزراعة.
بالمقابل، يتأثر شمال الجزائر كل صيف بحرائق الغابات، وهي ظاهرة تتفاقم من عام إلى آخر بتأثير تغير المناخ، ما يؤدي إلى تزايد الجفاف وموجات الحر.
آثار اجتماعية على السكان
وخلصت الدراسة إلى أن “تغير المناخ الناجم عن النشاطات البشرية جعل حدوث موجة الحر غير المسبوقة في إسبانيا والبرتغال والمغرب والجزائر أكثر احتمالا بمئة مرة على الأقل وكانت هذه الحرارة لتكون شبه مستحيلة بدون تغير المناخ”.
ويشرح خبير المناخ، حكيم الفيلالي، كيف أن الأنشطة البشرية المؤثرة في درجة الحرارة في الجزائر والمغرب مسؤولة عنها بلدان أخرى مثل الصين والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن أفريقيا بأكملها لا تنتج ما تنتجه الصين من انبعثات.
ويقول الفيلالي إن من بين مظاهر تغير المناخ هو أن درجة الحرارة المرتفعة التي سجلت في أبريل الماضي تسجل عادة في أشهر الصيف، مشيرا إلى أن التغير المناخي تسبب في قدومها مبكرا.
وعن تأثير ذلك، يقول الفيلالي إن الحرارة المرتفعة يمكن أن تعمق أزمة المغرب والجزائر الاجتماعية والاقتصادية، مشيرا إلى أنها ترفع نسبة تبخر التربة والمسطحات المائية خاصة السدود، كما أن درجة الحرارة المرتفعة تزيد حاجة الغطاء النباتي من المياه.
ويحذر الخبير من أن درجة الحرارة تؤثر على التركيبة السكانية وتوزيعها، إذ بسبب نقص الموارد المائية يلجأ شباب القرى والأرياف المعتمدة على الفلاحة إلى الهجرة للمدن، وهذا يفقر الأرياف من شبابها ويزيد من الضغط على الخدمات بالمدن.
وترتفع درجة حرارة العالم بسبب تراكم غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري، خصوصا ثاني أكسيد الكربون والميثان الذي وصل تركيزه العام الماضي إلى أعلى مستوى تسجله الأقمار الاصطناعية، وفقا لبيانات خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة تغير المناخ.
(الحرة بتصرف)
تعليقات الزوار ( 0 )