فريق لم يعد يذكر اسمه إلا بصيغة الماضي؛ “كان”، نافس على الألقاب وأسقط كبار الفرق المغربية، ضُرب له ألف حساب في شمال إفريقيا، أنجب العشرات من المواهب التي ذاع صيتها وطنيا وإفريقيا، قارع الجيش في عصره الذهبي، هو الاتحاد الرياضي لسيدي قاسم USK الذي ودّع، أمس الجمعة، القسم الثاني من البطولة الاحترافية، بعدما حلّ في المركز ما قبل الأخير، برصيد 32 نقطة.
تأسس الـUSK، في سنة 1927، أي أنه أحد أعرق الأندية المغربية، وهو أقدم من الثلاثة الكبار في البطولة الاحترافية؛ الوداد والرجاء البيضاويين، والجيش الملكي، وكان واحدا من أقوى أضلاع الدوري، واقترب من تحقيق اللقب في مناسبتين، غير أن السرعة النهائية حرمته، كما وصل لنهائي كأس العرش في موسمين، ولعب كأس المغرب الكبير.
حمل الفريق القاسمي بعد تأسيسه في سنة 1927، اسم “النادي الرياضي لباتيجا”، قبل أن يتحول لـ”اتحاد سيدي قاسم”، بعد استقلال المغرب في سنة 1956، ليتمكن من الصعود، لأول مرة، إلى القسم الوطني الأول، في موسم 1967/1968، لتقرر إدارة النادي تعزيز صفوفه بأسماء من العيار الثقيل، من أجل المنافسة على لقب البطولة بدل تأثيثها.
وتمكن النادي القاسمي من استقطاب أسماء وازنة، على رأسها عبد الله الشاوي، والإخوان بندريس، والإخوان العامري، والإخوان دحان، إلى جانب سليطن، والعربي شباك، وبقيادة المدرب أحمد بلخدير، الذي كان يعرف بـ”ميدرو”، وهو ما خوّل لـUSK، أن يحل وصيفاً للجيش الملكي في الترتيب النهائي للدوري المغربي موسم 1971/1972، ليعود النادي في موسم 74/75، ويصل لنهائي كأس العرش، حيث خسره أمام شباب المحمدية بهدفين لصفر. وفي موسم 80/81، انهزم الفريق من جديد في نهائي كأس العرش، أمام المغرب الفاسي، بهدف نظيف.
وظل الفريق الذي يلقب بـ”حفار القبور”، في السبعينيات واحداً من أقوى أندية المغرب، قبل أن يصل لأوج عطائه في الثمانينيات، حين كان يضم في صفوفه لاعبين من طينة إدريس اللوماري، وعبد الرحيم كروم، والمهاجم القناص عزيز الشوح، وحسن الركراكي، وبصيلة، والإخوان جبيلو، تحت قيادة المدرب المميز عزيز العامري.
وفي سنة 1997، سقط اتحاد سيدي قاسم إلى القسم الوطني الثاني، ومنذ ذلك الوقت، بات الفريق العريق يتدحرج بين أقسام الهواة، ودوري الدرجة الثانية، وصولا إلى الموسم الحالي، الذي كان يطمح فيه عشاق الفريق إلى رؤية الـUSK، في البطولة الاحترافية الأولى، مع كبار المغرب، غير أنهم فجعوا في النهاية، بعودة “حفار القبور”، إلى الهواة.
ويرجع جماهير النادي العريق، سبب وصول الفريق لهذا الوضع، إلى مسيريه، إضافة إلى السلطات المحلية، الذين كانوا وراء إغلاق الملعب قبل حوالي 4 سنوات، من تحت ذريعة إصلاحه، والتي لم تتم لحدود اليوم، دون أن يعود لفتح أبوابه في وجه “حفار القبور”، فيما يتهم البعض رئيس المجلس الجماعي بمحاولة فرض أسماء معينة لتنضم إلى المكتب المسير لـUSK.
وتشير جماهير الفريق بأصابع الاتهام إلى بعض الجمعيات والأشخاص، وحاشية رئيس النادي، الذين جعلوا من اتحاد سيدي قاسم، ما يشبه “البقرة الحلوب”، التي تدر عليهم الأموال من دون أن يقدموا له أي شيء، خاصة أن ميزانية الـUSK، أكبر بكثير من فرقٍ تنافس في البطولة الاحترافية الأولى منذ سنوات، على رأسها سريع واد زم.
ويبدي فاعلون جمعيون ونشطاء بالمدينة، استغرابهم، من الإبقاء على الملعب مغلقاً طوال هذه المدة، متسائلين عن الأسباب الحقيقية التي جعلت الملعب مغلقاً من أجل الإصلاح، دون أن تبدأ الأشغال رغم مرور حوالي 4 سنوات على ذلك، “وهي واقعة، من المستبعد أن تكون قد وقعت في العالم، لأن إغلاق أني منشأة من أجل الإصلاح يتبعها انطلاق العمل وفتحها”، حسب قولهم.
وسبق لجواد لكريم، الكاتب العام السابق للمجلس الجماعي لسيدي قاسم، أن لمّح في تصريحات إعلامية سابقة له، إلى أن سبب تأخر الأشغال، يعود بالأساس إلى مندوبية الشباب والرياضة والوزارة الوصية على القطاع، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أن إغلاق الملعب في البداية جاء لأسباب أمنية، وليس لأمور متعلقة بإمكانية سقوط المدرجات.
وأوضح لكريم في التصريحات نفسها، بأنه، ولتبرير قرار الإغلاق، عرضوا الملعب على خبرة أبانت عن وجود اختلالات في بنية الملعب، والتي موضوع إصلاح من مندوبية الشباب والرياضة بميزانية ضخمة سنة 2014، وبعد مرور ثلاث سنوات فقط، ظهر مشكل هاجس سقوط المدرجات، وهو ما يعني أن هناك “شبهة اختلاس المال العام تم إغماض العين عنها”.
وتابع المتحدث نفسه، بأن احتجاجات المواطنين، دفعت المسؤولين إلى إحضار مختبر آخر، أبان عن نفس الملاحظات، لأن الاختلالات على مستوى بنية الملعب، حقيقة، “ولكنها لا تهدد السلامة بالمنطق الذي يروجون له”، منبهاً إلى أن أعضاءً بالمجلس الجماعي، اقترحوا رفع الملف للقضاء لإجراء خبرة مضادة، غير أن ذلك لم يحصل.
وبعد السقوط إلى أقسام الهواة، وخيبة الأمل الكبيرة التي خيمت على مدينة سيدي قاسم، طالب مجموعة من المواطنين بسيدي قاسم، من عامل الإقليم، بالتدخل، وسحب التسيير من المكتب الحالي، مع فتح تحقيق في طريقة صرف الأموال، لأن هناك شبهات تلاحق المسؤولين الحاليين بالنادي، خاصة أنه تم صرف ما يناهز 900 مليون سنتيم في السنة الحالية.
تعليقات الزوار ( 0 )