Share
  • Link copied

الأنظمة السياسية الهجينة

محمد ضريف*

في ظل التحولات العالمية التي عرفها العالم بعيد الحرب الباردة، عملت بعض الأنظمة السلطوية على التكيف مع التطورات السياسية، إذ عملت على تنظيم الانتخابات بشكل دوري، وفتحت المجال أمام الصحافة المستقلة، وأفرجت عن المعتقلين السياسيين، وغيرها من الإجراءات التي تروم امتصاص الضغوط الداخلية والخارجية.

تتسم هذه الأنظمة السياسية بكونها تمزج بين الديمقراطية والسلطوية، فهي تظهر للمراقب الخارجي على أنها تحمل بعض خصائص الديمقراطية أكثر من كونها سلطوية، نظرا لامتلاكها لمؤسسات ديمقراطية الواجهة، وتقوم بإجراء انتخابات دورية بالحد الأدنى من التنافسية والنزاهة، وهو ما يجعل من مهمة وصفها سلطوية أمرا صعبا. كان فاينر Finer 1970 من الباحثين الأوائل الذين أكدوا على وجود أنظمة شبه ديمقراطية semi-democratic التي عرفها بكونها لا هي سلطوية بالكامل ولا هي حققت الحد الأدنى من الديمقراطية.


فهذه الأنظمة دفعت الكثير من الباحثين في حقل العلوم السياسية إلى النبش في طبيعتها وخصائصها، فهناك من أوسمها ب ” الديمقراطية الاقصائية، أو”شبه الديمقراطيات”، أو “الديمقراطيات الانتخابية”، أو الديمقراطيات غير الليبرالية “، أو السلطويات التنافسية” أو “شبه السلطويات”، أو “الديمقراطيات المختلة”، أو “الأنظمة المختلطة”؛ فرغم هذا التنوع المفاهيمي والدلالي الذي حاول تشخيص تحولات الأنظمة السلطوية بعد انهيار جدار برلين عام 1989؛ فهي حسب الباحث الايطالي  ليوناردو مورلينو Leonardo Morlino  تندرج ضمن تصنيف واحد وهو “الأنظمة الهجينة” Hybred Regimes.

تتسم الأنظمة الهجينة بكونها مؤسسات فقدت بعض خصائص الأنظمة الديمقراطية واكتسبت بعض خصائص السلطوية، فهي تسهر على تنظيم انتخابات تنافسية بشكل دوري، ويمكن أن تقدم المعارضة مرشحيها فيها، كما أن التزوير المباشر يكون محدودا. ولكن، مع ذلك، فالانتخابات ليست حرة ونزيهة . نظرا لتحكمها في نتائج الانتخابات بشكل قبلي ومرن، من خلال هندسة متطورة للوائح والتقطيع الانتخابي بشكل يخدم أصحاب النفوذ، الذين ترغب السلطة في وصولهم إلى البرلمان والمجالس المنتخبة. 

من خلال هذا يمكن تعريف الأنظمة الهجينة بأنها تلك المؤسسات التي كانت موجودة، سواء كانت مستمرة أم لا -على الأقل لمدة عقد من الزمن- والتي كانت تحت حكم الأنظمة السلطوية التقليدية أو التي تفتقد إلى الكثير من خصائص الأنظمة الديمقراطية. فمن خصائص هذه الأنظمة الهجينة هو تفكك حدود التعددية بداخلها أو تحديدها المسبق لتعددية سياسية مفتوحة مع القليل من الديمقراطية، كما تكون هذه الأنظمة غير قادرة على تثبيت مؤسساتها،  علاوة على صعوبة  العودة لمؤسساتها وممارستها السابقة التي اختفت أو فقدت شرعيتها بسبب سياسة الانفتاح التي عرفتها.  

ويعتبر المغرب ضمن الأنظمة الهجينة ديمقراطيا؛ ففي تقرير صادر سنة 2016 عن مؤسسة “ايكونوميست أنتليجنس يونيت” البريطانية تم وضع المغرب ضمن قائمة الأنظمة السياسية “الهجينة”، حيث  جاء في الرتبة 107 من بين 167 بلادا شملها التصنيف. وبحصوله على معدل 4.77 من أصل عشر نقاط. كما لم تحرز البلاد نقاطا جيدة ضمن الجوانب الخمسة التي درسها المؤشر، إذ حصلت على معدل 4.75 من أصل 10 في ما يهم جانب الانتخابات التعددية، و4.64 في ما يتعلق بالأداء الحكومي، ثم 4.44 في جانب المشاركة السياسية؛ ناهيك عن كونها لم تتجاوز معدل 4.41 في ما يتعلق بالحريات المدنية، و5.63 بخصوص الثقافة السياسية.

*باحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس

Share
  • Link copied
المقال التالي