Share
  • Link copied

الأخلاق في الإفتاء: تكامل الفقه والقيم في معالجة النوازل الاجتماعية

تُعَدُّ الفتوى من أهم الأدوات الفقهية في الإسلام، حيث تهدف إلى بيان الحكم الشرعي للمستفتي، سواء كان ذلك بناءً على سؤال محدد أو لتوضيح حكم نازلة مستجدة. يتولى هذه المهمة المفتي، الذي يجب أن يكون عالمًا بالأحكام الشرعية والمستجدات، وقادرًا على استنباط الحكم الشرعي من أدلته وتطبيقه على الواقع. لذلك، تُعتبر الفتوى توقيعًا عن رب العالمين وبيانًا لمراده في أحكام التشريع.

تتطلب عملية الإفتاء مراعاة القيم الأخلاقية لضمان تحقيق العدالة والرحمة والمصلحة العامة. فالأحكام الفقهية ليست مجرد قواعد قانونية جامدة، بل هي وسائل لتحقيق مقاصد الشريعة التي تشمل حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وهذه المقاصد لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مراعاة القيم الأخلاقية في عملية الإفتاء.

التعليل الأخلاقي للأحكام الفقهية يُعزِّز من فهم المقاصد الشرعية ويُسهِم في تحقيق التوازن بين النصوص الشرعية والواقع المعاصر. فالمقاربة الأخلاقية تُعَدُّ مدخلاً مهمًا لإبراز التكامل والتداخل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصوله، مما يُسهم في تطوير الاجتهاد الفقهي ليواكب المستجدات الحديثة وتعقيداتها.

في ظل التطورات العلمية والتقنية الحديثة، أصبح من الضروري أن يتبنى الاجتهاد الفقهي مقاربة تكاملية تشمل المعرفة الفقهية والعلوم الإنسانية. هذا التكامل يُسهم في ترشيد الاجتهاد وتوجيهه نحو تحقيق المقاصد الشرعية بفعالية، مع مراعاة الأبعاد الأخلاقية في العملية الاجتهادية.

إن التكامل بين الفقه والأخلاق في عملية الإفتاء والاجتهاد يُعزِّز من فعالية الأحكام الشرعية في تحقيق مقاصد الشريعة. مراعاة الأبعاد الأخلاقية في الإفتاء تضمن توافق الفتاوى مع القيم الإسلامية، وتُسهم في بناء مجتمع متوازن يسوده العدل والرحمة. لذا، فإن تعزيز هذا التكامل يُعَدُّ ضرورة ملحة في مواجهة التحديات المعاصرة، لضمان استمرارية الشريعة الإسلامية في تحقيق مصالح العباد في كل زمان ومكان.

Share
  • Link copied
المقال التالي