Share
  • Link copied

اغتيال نصر الله لن ينهي المقاومة!

استشهد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة عسكرية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ورحل إلى مثواه الأخير نائلا للشهادة التي طالما تحدث عنها في العديد من خطاباته الموجهة إلى الداخل والخارج ولكن السؤال المطروح اليوم بشدة هو: هل تصفية حسن نصر الله تعني إنهاء دور حزب الله في لبنان؟

صحيح أن اغتيال الأمين العام لحزب الله سيربك حسابات الحزب وسيضعف أدائه السياسي والعسكري بشكل مؤقت بالنظر إلى الادوار الكبرى التي كان يلعبها حسن نصر الله في الحشد السياسي والديني والشعبي لصالح المقاومة في جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبية لبيروث وصحيح أيضآ أن حالة الارتباك هذه سيتفيد منها الاسرائيلي لتصفية أكبر عدد ممكن من قيادات الصف الأول في الحزب ولاعادة الثقة إلى نفوس آلاف الاسرائليين الذين سيعتقدون تحت تأثير الإعلام الغربي والاسرائيلي أن القضاء على الأمين العام لحزب الله هو المدخل الرئيسي للقضاء على حزب الله والمقاومة اللبنانية!

ولكن الثابت هو أن مسلسل الاغتيالات لم يكن وليد اليوم وقد سبق لإسرائيل تصفية الكثير من الكوادر العسكرية والسياسية في حزب الله خلال مراحل مختلفة ومع ذلك ظلت المقاومة صامدة وظل حزب الله موجودا بل إنه تقوى أكثر بعد حرب تموز 2006 التي كبدت إسرائيل خسارة كبرى ويكفي العودة إلى خلاصات تقرير فينوغراد!

الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي فلسطين ولبنان على وجه التحديد لن يتحقق بعمليات الاغتيال ولن يصبح أمرا واقعا بفضل حروب مدمرة تأتي على الاخضر واليابس بل إن الأمن والسلام يتحقق عندما تنتصر الدبلوماسية على الخيارات العسكرية وعندما تحترم إسرائيل قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية عوض الاستقواء بحلفائها الدوليين في مجلس الأمن الذين يوفرون لها الغطاء مند سنة 1947 لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة!

شخصيا لا أرى في التصفية الجسدية للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أي انتصار أو تفوق عسكري مادام أن ميزان القوى مختل من الأساس ومن يعتقد بخلاف هذه الخلاصة نذكره بأن تصفية الأمين العام السابق لحزب الله عباس المسوي هي التي أفرزت حسن نصر الله كقيادة بديلة أرهقت إسرائيل لعقود من الزمن ونفس الأمر ينطبق على حركة حماس في فلسطين التي كلما اغتال الاسرائيليون قائدا من قيادتهم العسكرية أو السياسية إلا وظهرت قيادات بديلة أكثر قوة وشراسة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي!

إسرائيل لا تبحث عن سلام دائم وعادل وشامل ولا تحترم القانون الدولي وهي المسؤولة على تدمير اتفاق أوسلو ولا يمكن بأي حال من الأحوال استعمال إيران كشماعة لتبرير جرائم إسرائيل في فلسطين وفي لبنان وفي سورية لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية واضحة في طروحاتها ولم تخفي يوما دعمها أو اصطفافها مع حركات المقاومة في تلك الدولة كاملة!

ومن هذا المنطلق فإن الاطروحة التي تذهب في اتجاه التأكيد على أن اغتيال اسماعيل هنية وحسن نصر الله ورئيس إيران كانت نتيجة لاتفاقات سرية بين طهران وتلئبيب وواشنطن تبقى مجرد كلام لا معنى له ويتعارض مع منطق الصراع في المنطقة ويكفي اليوم متابعة تصريحات المسؤولين في أمريكا وإسرائيل وإيران للتأكد من عدم صدقية ما يتم الترويج له في مواقع التواصل الاجتماعي وهو جزء من خطة مدروسة يقف خلفها الاسرائيلي لتزييف الوعي وتظليل الرأي العام العربي والإسلامي تحديدا لأنه هو المستهدف بالدرجة الأولى!

من المضحك المبكي تصديق أن إيران هي التي تقف خلف اغتيال حسن نصر الله واسماعيل هنية في الوقت الذي يؤكد فيه الإعلام الغربي والصهيوني أن حماس وحزب الله أذرع إيرانية ويخدمان مشاريع طهران في المنطقة!

الراجح أن اغتيال كل من اسماعيل هنية وحسن نصر الله وقبلهما عماد مغنية في سوريا مرده إلى وجود اختراق استخباراتي إسرائيلي على مستوى عال جدا وما يزكي هذه الفرضية هو قدرة الموساد على تفخيخ وتفجير آلاف الاجهزة وايقاع عدد كبير من الضحايا في وقت وجيز وخلخلة بنية الاتصالات على المستوى العسكري !

اسماعيل هنية وحسن نصر الله وعدد كبير من كوادر حزب الله كانوا ضحية تقصير أمني واستخباراتي إيراني لبناني لأن وصول الموساد الاسرائيلي إلى آلاف الاجهزة ذات الاستعمال العسكري والمدني الحساس في غفلة من الجميع يعني مسألتين في غاية الأهمية:

اولا: إمكانية زرع أجهزة دقيقة للتنصت في تلك الاجهزة وهذا ما وفر للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية معلومات في غاية الأهمية حول أماكن ومواقع تحركات حامي تلك الأجهزة.

ثانيا: تفخيخ تلك الاجهزة وتفجيرها عن بعد في وقت وجيز يعني ارباك قيادة حزب الله وتشتيت تركيزها وخلخلة عمليات الاتصال لضرب الأهداف الرئيسية من خلال المعلومات التي تم تجميعها من خلال عمليات التنصت عن طريق الاجهزة الدقيقة التي كانت مزروعة في أجهزة الاتصال اللاسلكي.

لهذا من الصعب جدا تصديق الادعاء القائل بأن تصفية حسن نصر الله وغيره من القيادات الحزبية كان نتيجة اختراق إسرائيلي لحزب الله من خلال عملاء كانوا مقربين جدا من القيادة الحزبية لأنه لو كانت عملية الاختراق بهذه السهولة لما صمد حسن نصر الله في قيادة الحزب لمدة 32 سنة ولما فشلت إسرائيل في اغتياله وتصفيته طيلة هذه المدة أو على الأقل خلال حرب تموز 2006 التي دامت لمدة 33 يوما!

نحن لا ندافع عن حزب الله او عن مشروع المقاومة الذي تدعمه إيران بل نحلل الأمور من خلال فحص الوقائع المادية الملموسة وقول ما ينبغي قوله بكل مصداقية وتجرد بعيدا عن أي دعاية لأي جهة ونأمل أن يعود الجميع إلى طاولة المفاوضات والى الآليات الدبلوماسية لانهاء حالة الحرب وطموحنا هو سلام عادل وشامل أساسه الشرعية الدولية والقانون الدولي لحقن الدماء ووقف المآسي الإنسانية رغم أننا ندرك بأن إسرائيل ومن يقف خلفها غرضهم هو خلق شرق أوسط جديد وفق اطروحة الفوضى الهدامة التي تم التنظير لها مند سنوات!

Share
  • Link copied
المقال التالي